مندوب هوية يلتقي الحاج أحمد محمد حسن العايدي من زرنوقة ويستمع إلى شهادته عن حياة القرية قبل النكبة
الأربعاء، 26 تشرين الثاني 2025 – زار مندوب مؤسسة هوية في الأردن الحاج أحمد محمد حسن العايدي، الملقّب بـ أبو فيصل، من مواليد قرية زرنوقة – قضاء الرملة عام 1936، حيث استمع إلى شهادته الثرية حول حياة القرية قبل النكبة وأحداث التهجير.
وتحدث الحاج أبو فيصل عن موقع قريته زرنوقة والقرى المجاورة لها، وذكر أبرز العائلات فيها، ومنها: العايدي، الحمارنة، الشربجي، عيد، الواوي وغيرها. كما استعاد صورة الحياة الاقتصادية في القرية قائلاً إن سوق الجمعة كان يُعد من أكبر أسواق المنطقة، ويقصده أهالي القرى المجاورة، إلى جانب عدد من الدكاكين المنتشرة في أنحاء القرية. وأشار إلى وجود فرن "كامل الأوزي"، وحلاق يدعى خليل قشطة، إضافة إلى مقهَيَيْن يعود أحدهما لـ محمود الحمارنة والآخر لـ شعبان داوود. كما كان هناك باص ينطلق صباحًا إلى يافا ويعود آخر النهار.
وأوضح أن القرية كانت مقسّمة إداريًا بين مختارين: عمر الحمارنة وشعبان عيد، وفيها مسجد و"زاوية الدراويش". وعن التعليم، ذكر أن زرنوقة كان فيها مدرستان؛ واحدة للبنات وأخرى للذكور حتى الصف السابع، وكان مدير المدرسة أبو العبد العنبتاوي، ومن معلميها: عبدالرؤوف المجدلوي، إبراهيم الحمارنة، محمود الجوهري من زكريا، ومحمد القمبري من عنبتا. كما كان في القرية نادٍ رياضي وملعب كرة قدم تستضيف فيه القرية فرقًا من المناطق المجاورة، وكان من اللاعبين البارزين شعبان أحمد الحمارنة.
وفي الجانب الزراعي، قال أبو فيصل: "كنا نزرع كل شيء، وكنا مشهورين بالحمضيات"، مشيرًا إلى أن والده كان يمتلك بيّارة، وأن المياه كانت وفيرة في القرية. كما أوضح أن عائلته كانت تملك بيتًا ورثه والده عن جده، وفي عام 1943 بنى والده منزلًا جديدًا جميلًا، وكانت بحوزتهم وثائق الملكية "الكواشين"، إلا أنهم اضطروا لتركها عند الهجرة. وروى أن شقيقته أخفت ذهبها تحت الأرض خوفًا أثناء الاضطرابات.
واستعاد الحاج أبو فيصل مشاهد مؤلمة من اعتداءات العصابات الصهيونية، حيث هاجمت القرية مجموعات من الهاغاناه والأرغون. وقال إن أحد جنود العصابات طلب من أحد مشايخ "زاوية الدراويش" التوقف عن الذكر، ثم ألقوا قنبلة داخل الزاوية فأودت بحياة سبعة من المشايخ. وأضاف: "أسباب خروجنا الأساسية كانت الخوف من المصير الذي شهدناه في القرى الأخرى، مثل مجزرة دير ياسين."
وبيّن أن أهالي زرنوقة اشتروا السلاح للدفاع عن قريتهم، وكان في كل بيت تقريبًا بندقية. وعند اشتداد الهجوم، خرجت النساء والأطفال أولاً، بينما بقي الشباب للدفاع، إلا أن الهجوم كان عنيفًا فسقط بعضهم أسرى، وتم تجريف بيوت القرية بالكامل.
وأوضح أنهم خرجوا أولاً إلى صرفند العمار، ثم تنقلوا بين عدة قرى، قبل أن يستقروا في مخيم عقبة جبر في خيمة حتى عام 1967. وبعد ذلك انتقلت العائلة إلى عمّان – منطقة الأشرفية.
وفي إطار التوثيق، قام مندوب هوية بأخذ شجرة عائلة العايدية بهدف تثبيت وجود العائلة في قرية زرنوقة قبل عام 1948، وربط الأجيال الجديدة بجذورها في فلسطين وتعزيز صلتها بتاريخها وهويتها.
وختم الحاج أبو فيصل حديثه قائلاً:
"أنا بَحِنّ لوطني ومسقط رأسي…"
