نصري ينتصر… ونصرالله ثانيًا:
حكاية الحضور الفلسطيني في هندوراس (1)
هوية – 27/12/2025
بعد أكثر من عشرين يومًا من التجاذبات والطعون والمراجعات، أُعلنت في 24 كانون الأول/ديسمبر 2025 النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية في هندوراس، وأسفرت عن فوز المرشح المحافظ نصري عصفورة، في مواجهة المرشح الليبرالي سلفادور نصرالله، في استحقاقٍ انتخابي حظي بمتابعة واسعة داخل هندوراس وخارجها.
حديثنا هنا لا يتناول البرامج السياسية ولا الخيارات الأيديولوجية، بل يبتعد عمدًا عن الاصطفافات الانتخابية، ليُسلّط الضوء على بُعدٍ آخر بالغ الدلالة: عمق الحضور الفلسطيني التاريخي في أميركا اللاتينية، وهذه المرة من بوابة هندوراس.
فلسطينيان في السباق الرئاسي
تميّزت الانتخابات الهندوراسية الأخيرة بحضور لافت لمرشحين بارزين من أصول فلسطينية، أحدهما فاز بالمنصب الرئاسي، والآخر حلّ في المرتبة الثانية. وهو مشهد يتجاوز كونه تفصيلاً انتخابيًا، ليعكس امتداد الهجرة الفلسطينية وتأثيرها المتراكم في المجتمعات اللاتينية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا.
فاز نصري عصفورة، المعروف بلقبه الشعبي «تيتو عصفورة»، وهو من أصول فلسطينية تعود إلى مدينة بيت لحم. وقد ارتبط اسمه في السنوات الأخيرة بالعمل البلدي والاقتصادي قبل وصوله إلى الرئاسة. وهو متزوج من ليسيِت دل سيد
(Lissette del Cid de Asfura)، ولهما ثلاث بنات: ستيفاني، ومونيك، وألكسندرا.
ملاحظة توثيقية ضرورية
من المهم التمييز هنا بين تعدّد مسارات الهجرة داخل العائلة الفلسطينية الواحدة.
ففي حين وثّقت مؤسسة «هوية» سابقًا هجرة بعض أفراد عائلة عصفورة إلى تشيلي مطلع القرن العشرين — ومنهم حنّا عيسى زخاريا عصفورة وزوجته روزة الجدي حريزات عام 1906، وجورج إلياس عصفورة وزوجته إميليا فقوسة عام 1910 — فإن هذا لا يعني بالضرورة أن عائلة الرئيس المنتخب نصري عصفورة انتقلت إلى هندوراس عبر تشيلي.
الثابت، وفق المعطيات المتوفرة، أن عائلة نصري عصفورة هاجرت مباشرة من بيت لحم إلى هندوراس في أربعينيات القرن الماضي، وهو مسار مستقل يعكس موجة أخرى من الهجرة الفلسطينية إلى أميركا اللاتينية، جاءت في سياق تاريخي مختلف.
ليلة الميلاد… ومعنى الرمزية
يحمل إعلان فوز نصري عصفورة في ليلة الميلاد رمزية خاصة، لا سيما لعائلته الممتدة في مدينة بيت لحم، مدينة الميلاد، حيث يتقاطع الحدث السياسي المعاصر مع الذاكرة التاريخية والجغرافية الفلسطينية، في مشهد يختصر قرنًا من الهجرة والاغتراب، دون انقطاع الصلة بالمكان الأول.
وإذا كنا قد توقفنا هنا عند فوز نصري عصفورة، وأضأنا على ما هو متاح من معطيات حول أصوله ومسار عائلته، فإن الحلقة الثانية ستُخصَّص للغوص في حالة سلفادور نصرالله، بما تحمله من تعقيدات توثيقية وأسئلة مفتوحة حول الجذور والمسارات والذاكرة، انطلاقًا من المادة التي عملت عليها مؤسسة «هوية» خلال السنوات الماضية.