ذاكرة لا تُمحى: شهادة الحاج خليل الزبن لـ "مؤسسة هوية" عن تهجير بيت نبالا عام 1948.
عمان – 2 ديسمبر 2025 – في لقاء خاص مع "مؤسسة هوية" داخل منزله المتواضع بحي الدبايبة في العاصمة الأردنية عمان، جلس الحاج خليل أحمد عبد الفتاح الزبن (89 عاماً)، ليسرد شهادة حية تروي تفاصيل الحياة في قريته الفلسطينية "بيت نبالا" قبل النكبة، ولحظة التهجير القاسية عام 1948، ومسيرة التشرد الطويلة التي انتهت به في الأردن.
حيث الزيتون النبالي والاجتماع في المضافة
وُلد الحاج خليل عام 1936 في قرية بيت نبالا القريبة من مدينة اللد. يصف قريته، التي لا تغيب عن ذاكرته، قائلاً: "بيت نبالا من القرى الكبيرة في المنطقة". ويستعرض النسيج الاجتماعي للقرية والقرى المحيطة: "كانت تسكنها عائلات مثل الزبن، وعرار، وأبو غليون، والخطيب، والشيخ. وكان حولنا قرى النبي روبين ودير طريف والجندية".
برسم الحاج خليل صورة نابضة بالحياة للمجتمع الفلسطيني قبل النكبة، مركزاً على المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية: "كان عنا **مضافة** نجلس ونتسامر ونصلي فيها. كان في البلد دكاكين متنوعة، وأذكر كان فيها نجار لتصليح آلات الحراثة". ويؤكد على رمزية القرية الزراعية: "بلادنا مشهورة بزراعة الزيتون، وكان زيتونا مشهوراً ومعروفاً باسم '**النبالي**'. وكان عنا مطحنتين للقمح".
الطائرات والدمار.. بداية رحلة الـ 8 سنوات
بصوت يحمل ثقلاً من الألم، ينتقل الحاج خليل إلى ذاكرة اليوم الذي تغيرت فيه حياته وحياة قريته إلى الأبد. يروي تفاصيل الهجوم الذي تعرضت له القرية: "اليهود ضربونا **بالطائرات** واستشهد تقريباً **15 شخصاً**. وما كان عنا سلاح، وهذا سبب خروجنا من القرية. أنا كنت أرعى الغنم، أخذنا حلالنا وهاجرنا".
يصف الحاج خليل، الذي كان فتى في الثانية عشرة من عمره آنذاك، رحلة التشرد الطويلة: "هاجرنا **من قرية إلى قرية لمدة 8 سنوات**، ودبرنا حالنا لأن الشعب الفلسطيني شعب حي وجبار". تلك الرحلة انتهت به إلى الأردن، حيث يقول: "وصلنا عمان في منطقة وادي السير من أجل لقمة العيش، واشتغلت في **الكسارات** وعشنا".
الوطن في القلب: "يا ريت أرجع على البلد"
يختتم الحاج خليل شهادته التي التقطتها "مؤسسة هوية" بعبارة تختزل حنين وطن وحلم جيل: "أنا **البلد ما بتروح عن بالي**. يا ريت أرجع على البلد، **ما في حد بنسى بلد**".
خلفية تاريخية:
تشكل شهادة الحاج خليل الزبن وثيقة تاريخية شفوية تساهم في حفظ الذاكرة الفلسطينية الجمعية. قريته، بيت نبالا، التي كانت موطناً لنحو 2,310 نسمة عام 1945، تعرضت للهجوم واحتلت في تموز/يوليو 1948 خلال عملية "داني"، ما أدى إلى تهجير معظم سكانها. تقع أراضي القرية اليوم ضمن إسرائيل، ويحمل جزء من أبنائها الجنسية الإسرائيلية، بينما يعيش أحفاد معظمهم كلاجئين في الأردن ودول الشتات، حاملين مفتاح العودة وأمل العودة إلى الديار التي لم تنسها الأجيال.
