فريق «هويّة» في حلب يوثّق شهادة الحاج غازي خليل أبو سالم عن حياته وأحداث النكبة في مدينة حيفا
حلب – 2025/12/3
هويّة – أ. زياد غضبان
زار مندوب مؤسسة هويّة في مدينة حلب الحاجَّ غازي خليل أبو سالم، من مواليد مدينة حيفا عام 1941، حيث جرى توثيق شهادته حول حياة المدينة قبل النكبة، وما شهدته من اعتداءات وتهجير قسري.
وجاءت الزيارة بعد الحصول على موافقة نجله محمد (أبو وائل)، الذي استضاف فريق المؤسسة في منزله، وكان الاستقبال حافلًا بالكرم، بما يليق بأهل الجود والأصالة.
افتتح الحاج أبو سالم حديثه بالتعريف عن نفسه قائلًا:
«أنا الحاج غازي خليل أبو سالم، تولّدت عام 1941 في مدينة حيفا. كان والدي يعمل في تصليح الأحذية، ويمتلك ثلاثة حناتير ينقل بها الناس من منطقة إلى أخرى».
وتحدّث عن منزل العائلة الكائن في شارع الناصري بحارة الغزازوة، مقابل حارة الكنائس، وذكر من جيرانه عائلات السيتان وحبيب وغيرهم.
ووصف شوارع مدينة حيفا بأنها واسعة وتعجّ بالباصات الكبيرة، مشيرًا إلى ازدهار الزراعة فيها، ولا سيما البرتقال والحمضيات، إضافة إلى تنوّع الثروة السمكية، مثل: القريدس، سلطان إبراهيم، السردين، الطون، والميلامين.
كما أشار إلى وجود محطة قطار كانت تصل حيفا ببلاد الحجاز، إضافة إلى خان يُدعى خان الصرصور، كان يبيت فيه القادمون من جنوب سورية، ولا سيما من درعا، أثناء جلبهم المواد التموينية.
وتطرّق الحاج غازي إلى البنية العمرانية للمدينة، فذكر مدرسة حيفا ومسجد الاستقلال وسط المدينة، إضافة إلى مزار الشيخ خضر عند جبل الكرمل، ووجود معصرة زيتون حديثة مقارنة بقرى المنطقة. ومن أشهر المأكولات الشعبية آنذاك: الكنافة النابلسية.
وفيما يتعلّق باللباس، روى أنه خلال عام 1936، ومع اندلاع ثورة الثوّار، كان العثمانيون والإنجليز يرتدون الطرابيش، فابتكر أهل البلدة لباسًا خاصًا بهم، وانتشرت المقولة:
«ديّوث ابن ديّوث اللي بيلبس طربوش، الحطّة والعقال بسبعة قروش».
وبذلك أصبح الثوار يميّزون بين أهل البلد والمستعمرين، ما سهّل استهداف المحتل.
ثم روى الحاج غازي تفاصيل خروجه من مدينته وهو في الخامسة من عمره قائلًا:
«عندما بدأ القصف على البيوت خرجنا على شكل مجموعات، ووصلنا إلى ميناء حيفا، وركبنا سفينة صديقنا أبو زيد. ذهبنا بالخطأ إلى مستعمرة نهاريا، ثم إلى عكا، حيث كان العدو يقصف الناس وهم نائمون.
مشينا باتجاه لبنان وبقينا ثلاثة أشهر في منطقة صور، ثم نقلونا بالقطارات إلى قهوة الحجاز في دمشق. بعد ذلك صاروا يُنزِلون كل مجموعة في محطة، وكان نصيبنا النزول في منطقة سراقب، ثم تابعنا سيرًا تحت الثلج حتى إدلب، حيث بقينا ثماني سنوات، قبل أن ننتقل إلى مخيم النيرب».
وفي ختام شهادته قال:
«أنا متمسّك ببلادي… ما ببصم ولا ببيع».
ثم أنشد قصيدة كان قد حفظها في بلدته حيفا:
بلادي بلادي… بلادي بلادي
عزّي في بلادي
أنا منها وإليها في اقترابٍ وابتعاد
أسعى لأراها بنعيمٍ مُتمادٍ
أنا إن عشت سعيدًا أو أمت يوم الجهاد
وختم قائلًا:
«ومع هذا العمر… حلم العودة ما زال موجودًا».
وفي نهاية المقابلة، التقط الحفيدان زكي وغازي صورًا تذكارية مع جدّهما، الذي غرس فيهما قيم الكدّ والكفاح، وحبّ الانتماء للوطن.
