كان يوسف حسن الخطيب ، ابن صاحب المقهى الكبير في ساحة المنزول ينتظر بفارغ الصبر وصول الشاحنة التي كانت تحمل المرطبات وألواح الثلج الى المقهى. فاليوم كان يوم عرسه وهو يريد أن يُريح باله ويطمئن الى أنّ جميع التحضيرات قد أنجزت قبل أن يذهب الى المنزل ويستعد للزّفة.
وصلت الشاحنة وقفز يوسف الى جانبها ليساعد السائق على الرجوع بها بحيث تقترب مؤخرتها من مدخل المقهى وتلاصقه فيتم نقل الصناديق والألواح من أرض الشاحنة الى أرض الرواق رواق المقهى دون الحاجة الى صعود الدرجات اليه.
وبينما كانت الشاحنة ترجع الى الوراء حصل المُقدّر للشاب اختفى من مكانه جنب الشاحنة ،حيث كان السائق يأخذ منه الإشارة وخطا مُتجها نحو مؤخرته كي يتمكن من الصعود الى الرواق قبل أن تسدّ الشاحنة الطريق اليه فما إن صار بين الشاحنة وتصوينة المقهى حتى انعصر بينهما وتكسرت عظامه.
وكان حزن القرية عليه شديدا وهي التي عرفته شابا نشيطا بارّا بوالديه مرضيّا عليه منهما، والأشدّ إيلاما على قلوب الأمهات خاصة هو أن وفاة الشاب جاءت يوم كانت عروسه ستزف إليه .
كانت العروس عند وقوع الحادث تتجلى وهي في ثوب الزفاف الأبيض وحولها النساء من عائلتها وعائلة العريس وأخريات من أهل البلد فماذا فعلت المسكينة عندما بلغها الخبر؟
صُعـقت وخرجت بعض النسوة ليستطلعن عن صحة الخبر وهن مذهولات وما لبثن أن عدن وهن في ذهول وأخذن يندبن ويجهشن بالبكاء.
وأغمي على العروس، ولما استفاقت وجدت أن عرسها قد انقلب الى مأتم ووفقا للعادات والتقاليد في مثل هذه المناسبات الحزينة جيئ لها بالقدور من على المواق بعد افراغ الطعام منها على الأرض وأخذت تولول وتندب حظها العاثر وتمرغ وجهها وثوبها الأبيض بالشحتار.
فيما بعد زوّج الوالدان المفجوعان هذه الصبية لابنهما الثاني وكانت هذه من العادات المعروفة.
"الزيب كما عرفتها"
احمد سليم عودة