أبو أنيس الفاخوري
الموطن الاصلي: مدينة اللد.
العمر: عشرة سنوات يوم الرحيل.
مكان الاقامة: مدينة نابلس.
معظم اللدادوه كانوا يشتغلوا في يافا، عمي كان ساكن بيافا، وحياة ابوي كان يشتغل بالبحر بيافا، ولما رحل أجا على اللد الناس اللي هربوا من يافا، اجو على اللد، كان في لجنة في اللد مانعة الناس يطلعو كان اللي بيجي يطلع يقولوله ما تطلع، ضلك قاعد، كانوا بدهمش يفضوا البلاد من الناس.
بعدين اجوا اليهود وطوقوا اللد، اجو من الجنوب من عنابه وابو شوشه ودير طريف والعباسية على عرق الجبل، اجو على جمزو والحديثه ودانيال والتقوا في معسكر اسمه بيت نبالا، هادا المعسكر كان للجيش الاردني بس الاردنيين طلعوا انسحبوا على قرية اسمها بدرس.
هدا الحي كان قبل رمضان بيومين تلاثه، إجوا اليهود وطوقوا اللد، صاروا اليهود من شرقه ومن غربه ومن الشمال والجنوب، مضلش ولا مدخل، بدو يضربوا مدافع مورتر، وبعد ما ضربوا رموا مناشير بقولو فيها يا اهل اللد سلموا تسلموا، ما تتأملوا انه في دول عربية تنجدكم، ضلينا محاصرين تلات ايام، في اليوم التالت فاتوا بالمدرعات، أول مره صدوهم، وتاني مره برده صدوهم، وطبعاً وين يضربو يموتو ناس كتير.
بعد ما سقطت اللد، احتلوا اليهود البلد، ضل المركز تبع الشرطه الأردنية، اللي اتطوقوا المناضلين فيه، فاتت دبابات اردنية، تلاته أربعه، وردت قامت المعركه من أول وجديد، ردوا اشتبكوا، وصار اللي عنده شغله يطولها ويحارب فيها، اجو اليهود في منطقة حارة الحاووز، في مسجد اسمه مسجد دهمش، اجو على كل اللي فيه ورشوهم، الله بعلم قديش مات في المسجد، حطوا الرشاشات عليهم وضلوا يرشوا فيهم، آخر النهار قالوا اللي ضل طيب يقوم يروح، بس قاموا ردوا رشوهم، وقضوا عليهم.
الكنيسه كانت جنب الجامع الكبير، ولما اليهود كانوا يقصفوا بالمورتر صاروا الناس يتخبوا بالجوامع وفي ناس صاروا يتخبوا بالكنيسه، اليهود بعد ما احتلوا البلد تاني يوم، طلعوا الاولاد الصغار والختيارية اللي عمرهم سبعين سنة وعملوا مجزرة بالجامع، تاني يوم، الا هما بينادوا بالسماعات يلا على برفيليا، هاي قرية قضاء اللد، من القرى اللي مش ساقطه، كانوا محددين هما هيك، وفاتوا على هالبيوت حاملين الرشاشات، وبلشوا يرشوا، وكانوا موقفين ناس على الطريق، اذا لقيوا جكيت منيح يشلحوه اياه للواحد، اذا شافوا ساعه ياخدوها، اذا حد معه مصاري ياخدوهم، وحده بإيدها خاتم ذهب ياخدوه، لموا كل اشي من الناس.
احنا لما طلعونا، الناس مشيت زي المظاهره، زي الغنم والله، الناس كلييتهم اطلعوهم مع بعض من كل الشنات، اذا واحد ساحب غنم معه او بقره ياخذوها، اذا واحد ساحب عربايه معاها فرس اذا معرفوش ياخدوها يطخولوا الفرس، الطريق من اللد كانت مليانه موات. مشينا لعند قرية بدرس، في ناس اجوا عن طريق نعلين وقرى رام الله الغربية ودير ابو مشعل وكفر الديك ودير بلوط وجماله وبيت اللو، هدول كلهم كانوا قرى تابعه للد، في قرى كمان متل جمزو ودميان والحديثه، هدول القرى احتلتهم اليهود أول ما سقطت اللد.
كان طحي الناس قد تالت يوم من رمضان، كان رمضان مبلش اله تلات أيام، فش ميه، وشوب، وصلنا بدرس قريب المغرب، احنا اجينا على بلد اسمها جماله، وبعديها على قرية شقبا، بعديها رحنا على جفنا جنب بير زيت، هناك كانوا ناصبين خيم تحت الشجر، كانوا ولا محضرين اشي، اللي يشتريله حصيره ويدبر حاله.
بعد جفنا اجينا على حواره مشي، احنا حظنا كويس انه احنا طلعنا وعنا الحلال،(مواشي) كان عنا حلال، وحظنا كويس انه طلعناهم معنا، مشينا احنا واياهم، سكنا بجواره فترة، بعديها اجينا عنابلس. كان عمي اله دار بنابلس، عشان هيك اجينا عنابلس، و بس يومها ما كان حد صاحي على حدا، انا لحّقت سنة الخمسين في قرية بيتا، اللي لحقوا التلجه الكبيره والهوا، الله يكون الهم معين، كانوا اللاجئين بالحسبة العتيقه، عملولهم خيم، وكان يطير العمود تاع الخيمة، وحاله يرثى لها.
كل المناطق اللي مرينا فيها من اللد مشيناها مشي، كلها جبال، في كتير ناس ماتت، شفت واحده ميته، ابنها سنة أو سنة ونص، هي ميته وابنتها قاعد على صدرها، وهي ميته وهو بلعب في صدرها بحاول يرضع، في ناس ماتوا قهر، وناس ماتت من التعب والعطش والجوع، وفي ناس انقتلوا، كانوا لاحقينهم اليهود، وكل ما يشوفوا ناس يضربوا عليهم قذيفة.
أول ما اجوا اليهود على طيرة حيفا دبحوهم لأهلها، وبدير ياسين دبحوهم علشان يدب الرعب في قلوب الناس ويطلعوا، كل المدن شردت الا أهل اللد، ضلوا صامدين، ليش يعني بيقولوا عنهم دولة تامنه، كانوا بدهم يعملوا استقلال فلسطين، لو في ناس صمدت مع اللد، لو لقيوا عزوه.
الجيش العربي ساعد على سقوط اللد، هدي اكيده، مية في الميه، اليهود قعدت تلت اربع ايام محاصرتها وما فاتوهاش، كانوا يقولوا العرب اصمدوا، بده ييجيكم جيش عراقي وجيش اردني، المنطقة الوحيدة اللي كان منها منفذ هي المنطقة الشمالية، اجا منها تلات اربع مدرعات اردنية خدوا اشي من اللد وخرجوا، وكان شعار الجيش العربي هو اللي اليهود حاطينه على دباباتهم.
عملوا اجتماع في القياده، كان في واحد اسمه سمير حجو، كان قائد في يافا، وكان خالي يحارب مع الألمان متطوع، ولما رجع كان مسؤول في القياده، ولما كانوا في الاجتماع كان عبد القادر الحسيني لسه مش ميت، اجتمعوا، بيقولوا انه الدول العربية قررت تبعت جيوش لتحرير فلسطين، قام واحد من القاعدين وقال لعبد القادر: إذا راحت فلسطين، قال له يا عبد القادر احنا بدنا جيوش! احنا بدنا ناس تدعمنا بالسلاح والمال، قال له والله احنا حكينا هالحكي، بس الجامعة العربية اجتمعت وقررت تبعت جيوش، هدا الحكي لهلأ متزكره.
احنا كنا ساكنين بالبلد القديمة في اللد، كان عنا سوق الخان والجامع الكبير والسرايا كانت بالبلد القديمة، والسبطات، اما السرايا التانية كانت خارج البلد القديمة، كانوا عاملينها الانجليز خارج البلد، احنا كنا ساكنين بحارة المربعة بالبلد القديمة، كان في كمان حارة اسمها الحارة الشرقية.
بعد ما هاجروا أهل يافا على اللد، صاروا لاجئين باللد وغيرها، في كبانية(مستعمرة) كانوا يقولولها حزبون، في طريق يافا - اللد، كانوا اليهود حاطين عليها مسلحين، كل سيارة تمرق يطخوها، الناس اللي بيجي من هناك يضل مسرع، ما يمرق منها الا كل طويل عمر، كتير كانوا الشباب يفوتوا يضربوا عليها لحزبون.
اليهود ما كان عندهم قوة يحتلوا البلاد، الانجليز ساعدوهم، الجيوش العربية كلفوها تحمي فلسطين، بس الجيش العراقي كان بعيد عن فلسطين، كان بالضفة، لما اجينا احنا هون، كان الجيش العراقي معسكر بحواره ونابلس، ومناطق عين الزرقا كان فيها الجيش الأردني، بالشمال كان الجيش العراقي، والجنوب الجيش المصري.
كان الجيش العراقي الوحيد اللي معه سلاح اكتر من الكل، اللي لو قصد انه يضرب بضرب، لما اجينا على حواره كان في واحد من الجيش العراقي في سلاح الهندسة، قال لي بدي اقوللك هالاشي، بدي ابيع اكم فشكه عشان اصرف عحالي، وبعديها قال لي: والله ما اجينا احنا نحمي فلسطين ولا عشان نحرركم، احنا والله ما اجينا الا عشان نثبت اليهود في هالبلاد، احنا اجينا نحمي اليهود منكم. لما تهجروا الناس، كان بعضهم يرجعوا، اللي دافنله دهبات كان يرجع يجيبهم، واللي يروح يجيب البقره أو يقطف برتكان من اراضيه، صارت الحدود مسكره، بس الناس تتسلل على أراضيهم.
انا وأخوتي وأصحابنا نزلنا على اللد بعد النكسه، شفتها حزينه، نزلنا عن طريق القدس ورجعنا عن طريق قلقيلية، مشينا من مناطق جنب المطار، جنوب اللد، كان المطار يستعملوه الانجليز من قبل، كان مطار دولي، الانجليز اللي عملوه، بعرفه مزبوط للمطار، في جنبه اراضي كفر عانه وكفر جمس، اخدوها للأراضي هاي، هو المطار اخدوه من اراضي اللد وكفر جمس، المنطقة الجنوبية من اللد مش عاملين فيها اشي، زي ما هي مخليينها، بس البلد القديمة من اللد عاملين عمايلهم فيها، كل الحاره تاعتنا والخان ناسفينهم وحاطين عليهم اشارات، الجامع زي ما هو، والكنيسه زي ما هي، بس جامع دهمش اللي قتلو فيه الناس عاملينه مشغل.
اللد كلها بعرفها، دار خالتي كان عندهم كرم فيه شجر وزيتون من اللد وشرقا باتجاه بير بيقولوله بير الحبانيه، جنب بيت شمل، في كان مستعمره صغيرة جنب اللد، اليهود قالعين من ارض خالتي كل الشجر، تغيير معالم كامل، هون كان بيت ودار وشجر لوز وكرم، كله راح مع الدار، بعرفها مزبوط للارض، اللي معاي كانوا اكبر مني، واتزكروا كل اشي، هاي دارنا وهاي داركم، ومين ساكن محلكم، احنا ما دقيناش على البيت، محبيناش، لانه في يهود كانوا يوافقوا يخلوا الناس تتفرج على بيوتها، وفي ناس ما كانت تقبل.
كل الحارة تاعتنا هادينها، نزلت بعديها مره تانية بعد اكم سنه، مرقنا منها مروق، وكنت مغمض عيوني، مرقنا من عند المطار، قلت للشفير دوّر وارجع، بديش اشوف اشي، بديش سمة هالبدن. رجعت على اللد مرتين تلاته بالسبعينات، في عنا ارض بقولولها ارض العبدات، غربي اللد، جنب المحطه، لقيتهم بانيين فيها كل عماره كذا طابق، في حارات تانيه كانت مش رايحه، مش مهدوده، بس نص البلد القديمة مهدوده.
بعديها ما نزلت، مرجعتش، لموا اليهود معظم الناس اللي باللد بالسبعينات وحطوهم في منطقة اسمها منطقة النوادر في حارة المنقاع، واللي ضلوا في اللد هما اللي رجعوا أيام حكوا عن عودة اللاجئين، هدول أول ما قرروا يرجعوا اللاجئين، الصليب الأحمر اختار اكم واحد ورجعهم، دار الحجه الهم بياره جنب المطار، بيارة برتكان، رجع هو ومرته واولاده، يعني شي عشرين عيله اللي رجعوا، واللي باللد هلأ أصلهم مش لدادوه، جمعوهم تجميع من مناطق تانية، وكتروا الناس اللي باللد،
مناطق المثلث صارت عليها اتفاقية تعديل حدود، لما ناموا الناس بالليل كان تابع للعرب، ولما فاقوا الصبح لقيوا العلم الاسرائيلي مرفوع، عملوا اتفاقية تعديل حدود، والانجليز نفسهم هما اللي قتلوا عبد الله، وبلوا فيها مصطفى عشو، واحد متحمس، اللي سرب الفكره اله كلوب باشا وجماعته، ولزقوها للفلسطينيين. اليهود عملوا التفجيرات في اسواق الخضره وغيرها بيافا عشان ارهاب الناس، بس اللد كانت محصنه اكتر، كان في شباب كتير حراس، ما يطلع داسوس الا ويمسكوه، كلهم داوريات، اهل بلد واحده كانوا اهل اللد، كانت اللد اكبر بلد زراعية، كانوا الناس يحصدوا الشعير والقمح ويدرسوه، وكل هاد فلتوه عالأرض، والدره فلتوها محلها والسمسم، محلقوش يحملوا اشي اهل اللد، شو بده يحمل لا يحمل الواحد.
احنا لما سمعنا بدير ياسين ضلينا صامدين، لانه كانوا اهل اللد اقوياء، ولولا تهاون العرب كان ما راحت اللد، اللي ضرنا اكتر اشي هما اللي بعتهم مثال الفايز، عاثوا فساد، يبقوا تلاته اربعه مع بعض، يا يقتلوا الفلسطيني يا ياخدوا سلاحه، بعديها لموهم اهل اللد، وإلكوا قتل وطحوهم، لموهم بعد ما انكشفوا انهم قتلوا تنين تلاته، كانوا ياخدوا الثوار عشان يقتلوهم وياخدوا البواريد ويبيعوها. لما صارت معركة القسطل واستشهد عبد القادر الحسيني، استشهد معه بالمعركه اربعة خمسة من عنا، اجت طيارة فيها يهود عالمطار، واحد برشاش متريليوز سقطها، لو كان في تعاون مع اللد من المناطق التانية ما سقطت اللد.
الوضع كان مأساوي بعد ما طلعنا من اللد، الناس يتقاتلوا على شربة ميه، الجوامع مسكونة والمدارس كمان، في ناس انجربت، وفي ناس ركبها القمل والأمراض من قلة الغذا ومن قلة الميه، وبعدين الله هونها تدريجياً، بالآخر أجت الوكالة وعملت للناس بيوت صغيرة، بعدين الناس بعد النكسة اتوسعوا شوي بعد ما انفتحت البلاد.
الانجليز سلموا لليهود معسكرات فيها سلاح، وخلوا المعسكرات اللي بدها تطلع من حصة العرب فاضية من السلاح، مفيهاش اشي، كان في معسكر بيقولوله كامب الامريكان، قال كيف بدهم يسلموا كامب الامريكان، قالوا للطرفين اللي بيقدر ياخده ياخده، اجو اليهود يستلموه، اجو العرب من الشقة الغربية كبسوهم وما خلوهوش ياخدوه، قاموا اليهود بالليل بهجوم على واد الخيار، اليهود اكلوا قتل ليوم القتل، كانوا القتلى اليهود كتار. اجا الجيش العبري، قال للمناضلين احنا بنحرسه بالليل وانتوا بتحرسوا المعسكر بالنهار، وانتو روحوا بالليل عند اهاليكم، المقاومين ما كانوا جيش منظم، كل واحد راح على داره، اجوا تاني يوم يستلموا المعسكر، الا والرشاشات بتمسح فيهم، استلموه اليهود بالليل، كان بدهم يخرجوا اليهود من واد الخيار، كان الجيش المصري مش بعيد كتير، هون اجت فكرة الهدنه، كانوا اليهود يستعدوا ويجيبوا سلاح واحنا كان الواحد يدفع حق الفشكة من جيبته، وهيك اخدوا كل المنطقة ولحقوا الجيش المصري وضربوه، لا كانت اللد ولا يافا ولا النقب معاهم بالتقسيك.
ملاحظة: توفي ابو انيس الفاخوري بعد فترة وجيزة من عقد اللقاء معه.
شهود النكبة
روايات شفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
اعداد: علاء ابو ضهير