وقبل سقوط ترشيحا بستة أشهر لجأ أحد وجهائها سليم مصطفى إلى منطقة عاليه في لبنان هرباً من حرب محتمة. وبطبيعة الحال اتصل بمعارفه وأصدقائه الذين كان أهمهم على الإطلاق المختار حسن السبع. ولما تهجّر أهالي ترشيحا اتصل بهم السبع، وعرض استضافتهم، ثم جمع أهالي برج البراجنة وطلب من كل قادر مستطيع استضافة لاجئين وإفراغ إحدى غرف بيته لعائلة لاجئة. أما بعض اللاجئين الذين لديهم القليل من المال فاستأجروا غرفاً، لكن هذا الصنف كان أقلية، وكانت تسكن أحياناً عدة عائلات في بيت صغير. ونزل قسم من الفلسطينيين في مسجد العرب، وقسم في المنزول، حيث مضافة آل العرب. وقسم لا بأس به نصب خيماً في بستان المختار حسن السبع. وكان قدوم أهالي ترشيحا إلى برج البراجنة في العام 1949.
بعد أشهر قليلة عرض الشيخ محمد منيمنه على المختار حسن السبع أن يستضيف الفلسطينيين على أرضه، التي عُرفت فيما بعد بجورة التراشحة. ((عرضنا يومها عليه بدل إيجار، إلا أنه قال: ما دام الفلسطينيون هنا، فأنا لا أريد إيجاراً، لقد ظن المسكين أن القضية لن تطول)). وكان النازحون في البداية يُمنعون من مغادرة خيمهم إلى الطريق العام. يتذكر المختار نبيل الحركة كيف أنه، وعندما كان عمره لا يتجاوز العشر سنوات كيف كان وفتيان من البرج يجمعون التبرعات المادية والعينية للاجئين.
((كانت أول خيمة تُنصب في المخيم خيمة حسن الخليلي، ثم تبعته حوالي سبع خيم، قبل أن يصل العدد بعد أشهر إلى ثلاثين خيمة من أصحابها: علي أبو عيسى، ناهي ركاد، عمر محمود يوسف، مصطفى الجشي، آل عرار، آل الكبة، محمد الشيخ عبد القادر، شفيق المحمود، آل عيدا، سامي كمال فاعور)) ، إضافة إلى كمال آغا، ورضا آغا، مصطفى مصطفى، آل معتصم، منيب آغا، أحمد حيدر، كمال عبد الرازق، عبد سمارة، يوسف أبو هاشم، آل عيساوي، فهد شريح، آل حمادة، آل البدوي، رمزي آغا، توفيق أيوب وغيرهم. وأول عمل قام به أهل ترشيحا تشكيل لجنة للمخيم من: صبري مصطفى، ناهي ركاد، محمد رضا، واهتمت اللجنة بداية بتنظيم الإعاشة التي تقدمها الهيئات الدولية وخاصة الصليب الأحمر الذي تولى إدارة وتنظيم ورعاية النازحين في المخيم الجديد. وكذلك كانت من مهام اللجنة مراقبة النظافة، ومناقشة بعض القضايا المهمة كالتعليم والصحة.
أحمد علي الحاج علي
(مخيم برج البراجنة: ظل الحياة والموت)