محمد احمد هويدي
الموطن الاصلي: قرية ابو كشك/قضاء مدينة يافا
العمر: 18عاماً سنة الرحيل
مخيم عسكر/نابلس
كنت خاطب سنة النكبة وتزوجت في قرية حبلة قضاء مدينة قلقيلية، قبل ما نطلع من البلد كنا نشتغل في البيارات، كنا نسمع عن وعد بلفور وقرار التقسيم، كنا نسمع اليهود واحنا نروح عالشغل وهما يسبو علينا وعلى الحج امين الحسيني، اول اشي ما كانو اليهود اقوياء، بعديها زبطو حالهم وصار عندهم الهاجانا وشتيرن، وصارو يتسلحو واحنا فش عنا سلاح، يعني كان كل عشر زلام معاهم باروده، ما كنش سهل تهريب السلاح، راح مره واحد اسمه الشيخ شاكر عمصر جاب اكم بارودة، منفعوش كتير، كان الانجليز يحبسو اللي معاه فشكة خمس سنين، واللي يمسكو معاه بارودة يحبسوه خمستعشر سنة. كنا نروح نصلي بالشيخ مونس كان في جامع هناك، عنا فش جامع، الختيارية كانوا يروحو يصلوا هناك بالجامع، بدها ساعة عالدابة.
كانو اليهود ساكنين جيراننا، اجو وقالولنا اتطلعوش، اذا ابتطلعو وبتروحو عالجبل(الضفة الغربية) مبترجعوش، كان واحد ناطور الكبانية بيجي يشرب قهوة سادة عند ابوي، قال لابوي انتا وجيرانك اتطلعوش، ان طلعطوا ما بترجعوش، وقاللو انتو مبتقدروش لليهود لانه بريطانيا اعطتهم سلاح، قلناله شو نعمل اذا اليهود اجو يطخونا بالليل، قال بترفعو الرايات البيض، احنا شفنا الناس من كل الجهات عمالها تطلع الحقناهم.
احنا كان عنا خمسة وسبعين دونم، وزارعين الارض، عنا اراضي وبقر وغنم، ابوي كان متجوز تلات نسوان، اتشردو هما واولادهم واتهجرو باميركا والاردن والكويت، انا عندي تمنية اولاد وبنات، وسكنا بحبلة وقلقيلية ورفيديا وبعدين اجينا عمخيم عسكر. احنا اول اشي سكنا بالخلا، كان الزرع لسه طري، على بين ما حصدو الناس، بنينا عرش وشوادر، اول ما هاجرنا سكننا بالخلا عند جلجوليا بالخيام، بعديها راحو ناس ع غزه وعلى نابلس وفي ناس اتشردت في امكنة ابعد، العالم طشت، صرنا لا شغله ولا عمله، اليهود صارو يحاربونا بالزرع، لا شغل ولا عمل، قعدنا بحبله، اشتغلنا بالارض لفترة، اخدنا ارض، صرنا نزرع بامية وبطيخ، وبعديها نزلنا ع نابلس، قعدنا برفيديا، اخدت بستان انا واقاربي وصرنا نزرع فيه، اشتغلت شويه باسرائيل بعد النكسه
اول ما طلعت يافا، بعدين سلمه ضلت تقاتل وطلعت آخر وحده وبعدين الشيخ مونس، احنا لما شفنا الناس طلعت طلعنا. اليهود كانو يطخو عن ابو جنب، واللي معاه سلاح كان يرد عليهم، احنا مفش عنا سلاح محرز عشان هيك ما كنا متدربين عالحرب، مفيش سلاح اللي نحارب فيه. ابوي اشترا باروده المانيه من مصر، ولما هاجرنا ع جلجوليا بقلقيلية باعها عشان يطعمينا، معاه تلات نسوان واولادهم، الناس كانو احياناً معهم حمار او جمل يحملو عليه، بعض الناس حملت فرشه او الحاف، السيارات كانت تيجي محمله باغراض للناس، والجمال محمله اغراض وماشيه، فش عنا سيارات كان، السيارات عند اهل يافا.
كنا ايام البلاد ما نشتري اشي، لانه كنا كله نزرعه بالارض حتى السكر كنا نزرع قصب سكر، بندورة وباميا وبطيخ وفاصوليا وقمح، نزرع ونحرث طول الوقت ونقطف، البندورة اللي بتزيد نحفظها ونعصرها للايام الجاي، الدره، البيتنجان، كانت حياتنا ببلاش، كنا مستكفيين بالحياة تاعتنا مش متل اليوم، الا الزيت والزيتون ما كنا نزرعه كنا نشتريه عشان ارضنا سهلية.
سلمه ويازور قاوموا، ايام الحوادث كنا نبيع خضرا ليافا، حملنا سيارة خضرا ليافا عشان نبيعها، حمّلنا سياره ورحنا ع يافا بعد ما بعناها الا صارت اشتباكات عند سلمه، لما اجينا بدنا نمرق هجمو علينا، واهل سلمه هجموا ع اليهود يدافعو عن حالهم لا انهم ابعدو عصابات اليهود عن سلمه لحدود يافا. انقتلو ناس بيافا ويازور وسلمه، بس عنا منكتلش غير الخمسه اللي بالليل انكتلو من الشوابكه، كانت الشوابكه قريبة منا.
اول ما هاجرنا كانت نيسان، بلشت الناس تحصد القمح والشعير، اجو حصونا واعطونا مؤن لما صرنا لاجئين بعد ما كنا احنا زارعين اراضينا، اعطو ابوي حصة وحده، ولما هاجرنا صار الواحد يشتغل عشان ينستر. كنا زارعين بطيخ ومش طالع، القمح مسبل والشعير مسبل بدنا نحصده، كان الشعير مستوي قبل القمح وكنا بدنا نحصد، كان المطر قليل.
احنا متوقعين انه بدنا نقعد جمعه او جمعتين ونرجع، بس اليهود كانو عارفين انه ما في رجعه، احنا كنا ولاد نلعب سوا احنا وولاد اليهود، ما كنا نتوقع انه بدنا نطلع بلا عودة. مرة جماعه من دار الشوبكي راحو وزور للحكومة البريطانية انه هدول اليهود في هرتسيليا عندهم سلاح، كانت ايامها حكومة الانتداب لسا موجوده، قامو اليهود عرفو واجو طخو خمسة من الشوابكة، بعد ما دفناهم خافو الناس وهاجرو، خافت العالم، لانهم اليهود هدول جيراننا وطخولنا خمسة شباب، الناس كانت محملة اغراضها وطالعه
احنا واحنا طالعين كانو يقولولنا اليهود: وين ع رام الله، كانو يتخوتو علينا، هاي الاغنية اللي بغنوها اليوم، اللي كان يطلع ويهاجر ما كانو يطخو عليه عشان يشجعو التهجير، في قريتنا ما ضل حد بالبلد
اخواني اللي باللد راحو عالارض تاعتنا بيافا وشافوها، اخوتي معهم هوية اسرائيلية، ما في بيوت بالبلد، هدوها، مره قلت الهم بدي اروح ع مقام سيدنا علي بيافا، بعديها قلت الهم بدي اشوف ارضنا بعد ما صلينا، الا وشفتها كلها ممنوع الدخول عليها، عاملينها معسكر جيش، كل ارضنا وارض جيراننا صايره معسكر جيش. كان في ناس من اهل البلاد يتسللو بالليل عشان يجيبو برتكان، اشي يرجع واشي ينقتل، واشي ميجيبش، كتير ناس راحت وانطخت بالداوريات تاعة الحدود.
اللي معه مصاري حمل العفش، عنا كان جمل حملنا عليه العفش، النا غنم تركناهم، كان عنا بقر، قبل الحوادث صار يبيع ابوي البقر قبل ما نهاجر. أبوي قال النا بده يدوّر ع شادر، بس لما راح يدوّر ما لقي، قام جاب كياس كبار وقعدوا اهلي يقصقصوا الكياس ويجمعوهم ع بعض عشان نعمل زي خيمة.
كنا نروّب الحليب ونخضه بالسمنه ونحطها بالزير الفخار، قلناله لأبوي خلينا ناخده، قال لا احنا راجعين، وغطاه بكياس بالصندوق وفرش عليه كياس وسكر عيه وقال احنا راجعين، خليه هون. القمح ضل هناك، والتبن خليناه هناك، اخدنا المفتاح معنا، كان النا خمس دور، احنا عيلة كبيرة، اتشردنا هلأ بمخيمات الضفة والأردن والكويت. بجلجوليا قعدت سنتين، وبرفيديا بالبستان يللي اشتغلت فيه قعدت شي خمستعشر سنة، وهلأ بالمخيم قاعد، في من اهل بلدنا ناس موجودين في مخيم الفارعه وبلاطه وعسكر، اتفرقت اهل البلد.
كانت الوكالة تعطينا المؤن بعد النكبة، انا علمت اولادي بالجامعات، كنت اشتغل عشان اربي واعلم أولادي، كنت انزل اشتغل في اسرائيل بعد النكسة في البناء، انا بعرف البلد مزبوط، بعرفها متل ما بعرف نابلس، اشتغلت بتل ابيب ويازور بعد احتلال الـ67، وضليت اشتغل لفترة الانتفاضة الاولى.
بتحسر وبحزن لما بشوف اليهود ادام عيني عم بسرحو وبمرحو بارض بلدي، تركنالهم الارض حامله، الخضرة حاملة، والبطيخ بده قطف، والشعير والقمح بدهم حصيده، بس ما في باليد ولا حيلة.
انا برفض كلياً أي تعويض عن حق العودة، بدي ارجع على ارضنا بابو كشك في يافا. انا نفسي اروح ازور بلدي وازور مقام سيدنا علي بيافا، كان كتير تقريب ع بلدنا، كانت الناس بتروح ع مقام سيدنا علي وتدبح قرابين، انا بعرف البلد تاعتي وبعرف اروح عليها لو بغيروها ولو شو ما بعملو. رحت عاللد زياره عند اخوتي، والي بنت متجوزة عند دار عمها باللد، اتجوزت ابن عمها هناك، اخواتي ضلو باللد، بنتي بتيجي بتزورني من اللد كل فترة.
شهود النكبة
روايات شفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
اعداد: علاء ابو ضهير