هدى يوسف حسن ابو ضهير
العمر: 13 سنة يوم الرحيل
مواليد مدينة يافا/حي المنشية
تقيم في البلدة القديمة من مدينة نابلس
كان عمري تلتعشر سنة ونص لما هاجرنا من يافا، ما كان عنا راديو بالدار، كان ابوي يحكي الأخبار لما بيجي عالبيت، كان يقعد ابوي على القهوة، وبيجي عالبيت يحكي لنا. اول اشي نبقا احنا واليهود ولا في اشي بيننا، نبقى صحبة وجيران، ولا كأنه في مشاكل، نبقى جيران بالمنشية، جنب جامع حسن بيك، قريب على سوق الكرمل، كنا نروح على سوق الكرمل نشتري خضره لامي، كان ابوي يقرأ الجريده بالسوق، كنا نروح عنده انا واحتي وهو بيبيع بالسوق، ننزل بالباص ونرجع بالباص من البلد للمنشية.
مره اجا اخوي محمد من تل ابيب وقال هيات اليهود بدهم يقسموا فلسطين، وهياهم عاملين حفلات، برقصوا وبغنوا، واحنا معناش خبر، نبقى احنا الحيط بالحيط احنا واليهود، في النا جاره يهودية اجت سهرت عنا وقالت انتو العرب ما معاكم خبر اشي، هي بدنا ناخذ فلسطين واتنوا ما الكوش فلسطين، قلنالها انتي بتكزبي علينا، قالت لنا بتشوفو بكره، بعديها بيومين تلاته، الا الحفلات بالشوارع في تل ابيب، وطلع قرار التقسيم.
كان اخوي محمد بتشغل شفير بتل ابيب، كنا عايشين بمشاكل ومناوشات متل هالايام، صارو اليهود والعرب، كل ما يلاقوا واحد من الطرف التاني يقتلوه، زي هالأيام هاي، يوم من الأيامات اجا واحد من دار النجار قتل واحد يهودي عالبحر، سمع اخوي محمد بالحكي، انه في يهودي انقتل جنب دارنا، اجا يشوف شو في، الا الانجليز جايين، اخدوه وقالوله انه هو اللي اتل اليهودي، مع انه كان يشتغل عند معلم يهودي بالكراج لتصليح السيارات، الا انهم حققوا معاه، فلتوه بالاخر ورجع لمعلمه بالكراج بتل أبيب، الصدفه انه لما رجع عالكراج، انقتل يهودي بالغلط تحت السياره اللي بالتصليح، وقع الجك عبيه، فاتهموا اخوي محمد وانحبس اربعين يوم.
قمنا ايامها هاجرنا من المنشية على زقاق البطمه بقولوله، بالعجمي، عند دار عمي الحج اسعد، صارت المناوشات، وكان في مناضلين بيطخوا عاليهود، واليهود يطخوا عليهم، والناس يودولهم اكل، يوم يصير طخ كتير ننام بكير، ويوم ميصرش طخ كتير منعرفش ننام، تعودنا، نفيق الصبح نلاقي قنابل بالشارع، مره قتلوا يهودي بحارتنا وكان يصيح: يمما يمما. وشفتهم للشباب وهما ساحبينه قبل ما يقتلوه وما بنسى هداك المنظر.
تركنا كل الاتات بالمنشية، كان ابوي يروح يجيب غرض غرض من دارنا بالمنشية للدار اللي بالعجمي، مره راحت اختي ندى معاه، وابوي عماله يسبح بالمسبحه وكانت في قطة بتموي، اختي تقوللو اتسبحش يابا هلأ اليهود بسمعوا وبيجولنا، يابا خلي القطه تسكت، بلاش يعرفوا انه في ناس بالبيت، ونشفت اختي من الخوف، وما صدقت انه يخلص تجميع شوية اغراض وتربيطها عشان يروحوا بعديها يجيبو الشحن ويحملوها.
ضلينا قاعدين بالعجمي لعند ما صارت قصة دير ياسين، ويقولوا انه باخدوا البنات بعملوا فيهم، والحامل ببعطوها، قام ابوي وعمي قالوا انه احنا عنا بنات، احنا اربعه وعمي عنده اربعه برده، بدنا نرحل اول اشي البنات عنابلس، امي قالت انا بضلني عند الاولاد بيافا، بس بنرحل البنات، اجيت انا واخواتي عنابلس، وضلوا الباقي بيافا.
بعدين شوي شوي، صاروا الناس يرحلوا، بعديها رحلت امي، ركبت هي واولادها بشحن، وكانت راكبه عالشحن فوق، وكان في تنكة كاز وراها سانده ضهرها فيها، وطول الطريق تسيل التنكه، لما وصلت كان مسلخ ضهرها لامي، كان الكاز لدار عمي ابو جمال، ضل بيافا ابوي واخوي محمد وعمي ابو جمال، راح اخوي يجيب خبز، كان فش خبز عندهم، وقطعوا الكهربا عنهم والمي، قام اتصاوب باجره، ضل ابوي وعمي لآخر لحظه، وبعديها اجوا عنابلس، ولا جبلنا فراش ولا جبلنا اشي.
وصلنا نابلس احنا بنفس اليوم، كانوا يقولوا نابلس حلوة، ولا عمري شفتها، اول ما شفتها قلت بيه يافا احلا، في هناك بحر بيافا، اول اشي نزلت عند جامع الخضرا، دار سيدي، دار العيله، اللي فيها اليوم اخوي خالد، كنا احنا تمنيه وبنت عمي، وابوي وامي، ودار علم الدين كانوا برده بيجوا يناموا عنا، ولا عنا كرسي ولا خزانه ولا تخت، ولا عنا اشي كان، رحنا نجيب فراش من دار عمتي، ما كان عندهم الا لحاف نتغطى احنا اربعه بلحاف واحد.
رحنا عند دار عمتي نطلب طنجره نطبخ فيها، الا بتقول بلا ما تطبخوا طبخه اشتروا طنجره بحق الطبخه، وشوي شوي صرنا نجيب اغراض، كل اشي كان بهالبيت، بيت واحد، قعدنا فيه سنين، غسيلنا بهالبيت وحمامنا واكلنا كله بغرفه واحده.
ابوي اعطوه نمره بالمخيم ببلاطه، بس ما قبل، ابدوش المخيم، وفضل انه نضل بالغرفه بحارة الياسمينة. كنا ننزل نعبي الميه من العين بحارة الياسمينه، ومفش كهربا، الحياة كانت هون بالمره، نضوي ضو معانا نبقى، لما صار في راديوهات، صونا نسمع التمسيليات عالراديو، كلياتنا نقعد نسمع عالراديو، كل العيله عراديو واحد.
اهل اللد والرمله اجوا مشي، جابوهم عند دار طوقان وحطوهم بالجوامع، في ناس من دار النقيب، يبقوا جيراننا بيافا، صدفه اخوي محمد شافهم، واجوا مشردين عنابلس، كانوا اليهود حابسينه لجوز المره واجت المره وتلت ولاد، لا فرشه عندها ولا اواعي، دار اخوي محمد عالدكاكين يلملها اواعي للولاد، واجا قال اذا عنا نتفة زعتر او جبنه زياده او لحاف او اي اشي لهالمخلوقه معندهاش اشي. قامت امي حطتلها شوية زعتر ونتفة جبنه، وبنت عمي دبرتلها حرام ومخدتين وشوية اواعي، وودولهم اياهم، الناس سكنوا بالجوامع وبالمدارس. كانت الحاله بتبكي، منزلناش احنا على المخيم، كل العيله اجت عبيت العيله. كانوا فوق التمنيين واحد.
بعد النكسه، كان جاي عبالي انزل عيافا، انا دايمان بقول انا مش حاببه اضل بنابلس، حاببه ارجع عيافا، مره لما نزلت عند خوالي في غزه، قال لي جوز خالتي شوقي تعالي يا هدى اوريكي وين كنتوا ساكنين، ووصلنا لقينا لا في دار ولا في اشي، حتى البحر طاممين منه، وعاملين عمارات محل بيوتنا. كنا نروح نسبح بالبحر، مهو البحر يبقى باب البيت بالزبط، وشفت انه مهدود شوية من جامع حسن بيك، مرحناش الا عالمنشية، اتزكرت شارعنا، ورحت عالكرمل، هدا الكرمل سوق من جميعه، حي شعبي، اواعي وخضره، كل اشي فيه.
الناس طلعوا عادي ايام يافا مقارنه مع اهل اللد، في ناس ضلت بيافا، يا ريت ضلينا بيافا ولا اجينا عنابلس، بتضل غير الواحد بلده، وكلمة لاجىء مش سهله، بتضل اشي غير شكل. كانت نابلس على باب الله، ولا كان هالعمار بنابلس، تبقى الناس عايشين ما احلاهم بيافا، يبقى في شغل وفي رزقه، كانوا كل البلاد بيجوا يشتغلوا في يافا.
كنت اطلع من المنشية عالعجمي وسلمه، سلمه كلها بيايير وسجر، وكانوا اليهود والعرب عايشين مع بعض، كانت حلوة سلمه، كنا حتى بيافا جيران، كانوا جيراننا اليهود لما بدهم يضووا الضو يوم السبت لما بسبتوا بيصرش انهم يسمكوا الضوا فينادوا علينا نروح احنا نضويلهم الضو عشان اسبتوا هما بيكونوا.
مكنش ابوي ولا عمي حابب يطلع من يافا، حتى انا لما امي ضلت بيافا، قلت الها كيف بدي اروح وانتي تضللي هونا، اعطيني طيب اواعي النا، تقوللي ليش هو انتو يمما بدكم تطولوا بنابلس، مهي جمعه مشمشية وبترجعوا.
كنا نروح نصيف بالنبي روبين، كانوا ينصبوا خيم واعلام وعده وزكر بموسم النبي روبين، كان يمكن اربعين يوم، رحت عليه كتير، كان زي العيد، شطحه، وكان في سباق جمال، ويركبونا عالجمال، وفيه حلويات كمان، وكانوا النسوان الوحدة تقول لجوزها يا بتروبنني يا بتطلقني عشان كانوا النسوان يحبوا كتير بروحوا على موسم النبي روبين.
شهود النكبة
روايات شفوية للشهود العيان على حرب عام 1948
اعداد: علاء ابو ضهير