انا من مواليد 1919، لما طلعنا من البلد كان عمري حوالي 30 سنة، كنت متزوج وعندي من الأولاد أربعة، محمد وثريـّا وزهـَيَّة و وفتحية. أنا تجوزت وعمري 20-21 سنة.
البلد كانت حوالي 400 نفر. سكن فيها حمولتين، أولاد عيسى والعميرات. وكان عدد قليل من عائلات أخرى. عرب المشارقة كانوا بدو ساكنين على أرض كفر سبت، سكنوا بمنطقة أم العلق، قرب عين أم العلق. العلق كان حشرة تلزق بالعين. أهل كفر سبت كانوا فلاحين. ما كان حارات منفصلة بالبلد ولكن بالحارة الغربية سكنوا أولاد عيسى، والعميرات بالجهة الشرقية، لكن كنا متلاصقين. العيلتين مغاربة. أجو من الجزائر.
تاريخ البلد بيرجع للأمير عبد القادر الجزائري، طردوه الفرنسية من الجزائر، فأعطته حكومة تركيا يسكن بالبلاد. الفرنسية طمعوا بالجزائر واحتلوها. أهل الجزائر حاربوا حوالي عشرين سنة وتركيا ما كانتش تساعدهم، والشعب ما بيقدر على دولة قوية مثل فرنسا، لذلك الثوار انكسروا وانهزموا، طلعوا من الجزائر. مش الكل طبعاً وانما اللي كانوا يحاربوا، فخافوا يظلوا هناك. تركيا أعطتنا نسكن ونبني بكفر سبت وشعارة ومعذر وعولم. هذول جنب بعض. كان كمان بلاد مغاربة غيرها، مثل ديشوم وهوشة، وسمخ كان ربعها مغاربة. طبعاً العلاقة بينها كانت علاقة طيبة. والعلاقة مع الفلسطينية كانت علاقة طيبة كمان. أما المغاربة بالبلاد كانوا يد واحدة. أول ما جينا كنا لابسين برانيس، فكرونا الناس فقرا واستهبلونا، صاروا يهجموا يسرقوا منا، فهجموا المغاربة على هذول الزعران وعلموهم درس وبطـّلوا يقربوا منا. الناس بشكل عام كانوا يحترمونا. أنا امي من دار أبو الهيجا من حدثا. يعني أخوالي هياجنة. الدولة العثمانية أعطت المغاربة يسكنوا هون وأعفتهم من الخدمة بالجيش، كانها بتقول عملتو كفاية ضد فرنسا. كفر سبت هاي البلد كانت رومانية وفيها آثار صلبان وعمدان، كل عامود طوله أربعة متر، عمدان بيضا، بلدنا حجارها سودا. كان بالبلد جامع محترم، على عمدان، أحلى جامع، بنوه السركس، السركس شاطرين. ستي قالت لي إنه الجامع انبنى لما كان عمرها حوالي 16 سنة، عاشت 90 سنة وماتت قبل 75 سنة. يعني الجامع انبنى قبل 150 سنة تقريباً. كان الجامع على تلة، جامع محترم، مبني من حجار كفرية طول الحجر يمكن متر ونص، حجار أثارات، كان الجامع طابق واحد، مساحته حوالي عشرة متر بعشرة متر، مع عمدان عريضة وطولها ثلاثة متر، وما كان له قبة أو مئذنة.
أعتقد إنه لما المغاربة سكنوا بالبلد يمكن كانت فاضية، لكن كانت مسكونة من قبل. قبل أكثر من 150 سنة. جدي أبو أبوي اسمه عبد القادر ولد بكفر سبت. أبوه سعيد المجد كان قائد جيش بالجزائر.
كان بالبلد آثار كثيرة، كانت صخور ضخمة، وكانت حجار مثل الكراسي قدام الجامع كان سبع ثمان حجار نقعد عليها، لكن كله راح، أخذوه اليهود. كان بالبلد سنة 1948حوالي 60 بيت وعدد سكانها حوالي 400. والمشارقة كانوا يمكن بعدد بلدنا. دارنا كانت مبنية من حجار وطين. كان طولها 15 متر وعرضها 6 امتار، فيها مضافة لأبوي مساحتها حوالي 6 في 6 امتار، وفيها دار كنت ساكن فيها أنا، كان أربع دور، غير دور الطرش والتبن، كنا فلاحين. وكان عندنا حوالي 150 راس غنم.
كنا كمان نبني البيوت من الحجار القديمة ونحط بينها طين، كان عندنا حوش للغنم له سور طوله 40 متر وعرضه سور 25 متر، وكله حجار قديمة، وكان بالبلد بيار مي كثيرة، كل ما نقحف نلقى بير، يمكن كان بالبلد 50 – 60 بير، داخل البلد بين البيوت، كانت هذي بيار محفورة من زمان، يمكن صليبيين كانوا ساكنينها، يمكن كانت بلد كبيرة زمان لأنه البيار كثيرة، البير كان مقصور خالص، بس تقحف وتعبيه ميّ. واحنا كان عندنا بير قحفوه أبوي وعمي.
أعراسنا كانت مثل أهل البلاد، رقص ودبكة وحداية ونذبح ذبايح. مثل البلاد. مثل عادات اليوم تقريباً.
السركس كانوا ساكنين جنبنا، بكفر كما، احنا واياهن مدرسة واحدة، كنا زيّ بلد واحدة، بعرفهن واحد واحد. أنا تعلمت بالسركس، كانوا السركس فنانين بالبنا. بس كان عندهم عادة إنه ما كانوا يسكنوا عندهن عرب، ولا يناسبوا عرب، كان ببلدنا واحد متعلم، تعلم بمصر وكان بدو يتجوز واحدة متعلمة، احنا كنا فلاحين وما عندنا بنات متعلمات، وحاول يتجوز من السركس ولكنهم رفضوا. كانوا مرتبطين ببعض وما يحبـّوا حدا يدخل بينهم.
آخر شيخ للبلد كان من معذر واسمه الشيخ محمد عبد الهادي، كان ساكن جنب الجامع بغرفة وجنبها بير، كان يشتغل عندنا كإمام ويوخذ أجره قمح. من بلدنا ما حدا تنازل لهذي الشغلة، عشان هيك جبنا واحد من بلد ثانية، بس كان شاطر، يعني كان عندنا مشايخ كثير بس ما يقبلوش يشتغلوا هذه الشغلة، كان عندنا علما بالدين، ابن عمي الشيخ محمد تعلم بجامع الجزار وراح على سوريا وكان مدير مدرسة، لكن أهل البلد ما بدهن يشتغلوا هذي الشغلة. قبله كان الشيخ ابراهيم من دار يعقوب من الرينة وأنا اتعلمت عنده، هذا علم ثلاث أجيال.
كان بالبلد مدرسة أهلية، لما بطـّل فيها حدا صاروا الاولاد يتعلموا عند السركس، أنا تعلمت حوالي سبع أشهر عند السركس، عند واحد كان معلم مدرسة وطلع تقاعد ففتح مدرسه بداره وأنا تعلمت عنده، اسمه عبد الله غوجاس، كان يقبل كبير صغير، المدارس الحكومية ما كانت تقبل كل واحد. كان عمري 15-16 سنة. ببلدنا ما كان مدرسة حكومية، لأنه الانجليز ما كانوا يبنوا مدارس ببلد صغيرة. بالسركس كان مدرسة حكومية، السركس كانوا منظمين، كان عندهم مدرسة ممتازة وحواليها تقريبا عشرة دونم ويتعلموا زراعة. كمان لوبيا كان فيها مدرسة، بس كفر كما أقرب علينا بكثير. طبرية كانت عاصمة وفيها مدرسة بس للصف السابع، لوبيا بلد بتهز هز ومدرستها بس للصف الخامس، السركس للصف الرابع، اللي يخلص بالسركس يروح على لوبيا.
أنا تعلمت عند الشيخ ابراهيم، كان عمرى 7-8 سنين، ما كان عنده صفوف، كل الاولاد بيتعلموا مع بعض، كانت داره جنب دارنا، الحيط على الحيط. بالأول كان يجيب سطل ويكتب عليه الأحرف، يعلمنا حتى نحفظها، كان معه ضمة قصب واللي كان يغلط يضربه فيها. كان يكتب على السطل بريشة وحبر، بعد ما تتعلم الأبجدية كان يبدأ يعلمك قرآن. أنا تعلمت عنده حوالي سنتين، بعدها الشيخ بطـّل يعلـّم، هو كان ختيار وتعب وكمان الناس ما كانت تدفع له زي ما لازم فزعل، وهيك خلـّص من التعليم، كل الناس تقريبا كانت تبعث اولادها تتعلم، أما ما كانوا يبعثوا البنات يتعلموا، العرب ما كانوا يخلوا البنات تتعلم، ما كانوش يخلوها تطلع برّة الدار. بعد ما خلص الشيخ ابراهيم من البلد صاروا يبعثوا اولادهم على السركس. أخوتي مصطفى وحسن كانوا يتعلموا بالسركس، بالمدرسة الحكومية. وأنا بعدين، بعد ما كبرت وصرت شاب، غرت من أخوتي ورحت أتعلم كمان، بس أنا عند الشيخ عبد الله غوجاس.
بهذيك الأيام كنت أشتغل وأساعد أبوي بالفلاحة، وأسرح بالطرش، كانت حياة فلاحين، أيام الحصيدة والدراسة كنت أدرس القمح على الفرس، الاولاد ما كانوا يقعدوا بدون شغل، والبنت كانت تشتغل بدار أبوها، كانت تغمر وتحط على القش على القاضم (يوضع على ظهر الفرس مثل الحلس وعلى طرفيه قفصان خشبيان لوضع البضاعة فيها ونقلها على الخيل أو الحمير أو الجمال). المحصول كنا نوخذ منه حاجتنا للأكل وكنا نبيع منه ونشتري بدله زيت وأغراض للبيت، وكنا نكسي حالنا. كل الناس كانت تزرع قمح. أغلب زرعنا كان قمح. أبوي كان يعمل حوالي 150 كيل قمح، يعني حوالي 15 طن قمح بالسنة. أبوي كان عنده حوالي 300 دونم أرض. كل الناس كان عندها أرض بس مش كلهم زي بعض، في ناس عندها 100 وناس 200 دونم. هذا حياة عمي عيسى السعدي، أبوها ( ويشير إلى زوجته الحاجة أم فتحي) كان عنده 6000 (ست الاف) دونم. ابنه كان مختار البلد، أما هو فكان شيخ (زعيم) وما يتنازلش للمخترة، شو المختار كان؟ مثل الأجير. قبله كان مختار للبلد اسمه الطيب رابح من العميرات، كان مختار حوالي 40 سنة، كان رجل محترم والناس كانت تحبه، بآخر سنة راح على الحج وكان صار كبير بالعمر فأعطى ختم المخترة لمحمد السعدي.
كانت البيادر هي أكبر ساحة بالبلد، كنا بالصيف نلعب فيها، نلعب الحومة ونلعب الطابة، كانت أرض سهلة وما فيها حجار، كنا بالليل نلعب الحومة. كان فيها تحت تحت البلد اسمها العين السفلى، بس هاي كانت تنشف شهرين ثلاث بالسنة، أما شرق البلد فكانت عيون كنا نقول لها العين البعيدة، بعيدة حوالي نص ساعة مشي عن البلد، وكنا نروح نملي منها مي على الدواب، والحلال كان يشرب منها والبقر والغنم. المفبرة موجودة شرق البلد، جنب البلد من شرق، بيننا وبين عرب المشارقة، كانوا يقبروا أمواتهم عنا وكانوا ييجوا يصلوا الجمعة عندنا. القرى اللي كانت حوالينا قبل ال 48 هي لوبيا وكفركما (السركس)، المشارقة، السجرة. هاي هي. وكان شرقنا يهود، بيت جن [مستوطنة أقيمت عام 1903 قرب خربة بيت جن وأعطيت اسما معبرنا شبيها Beit Gan בית גן، ضمت عام 1953 إلى السلطة المحلية يبنيئل] ويمـّة [الاسم الأول لمستوطنة يبنيئل، أسست عام 1901 قرب قرية يمـّة العربية التي هجرها أهلها بالعهد العثماني]، بلدين كبار لليهود، وكان بلد يهودية اسمها مسحة على زمان تركيا [كفار تبور أسست عام 1901 قرب القرية العربية مسحة المهجورة منذ أواخر العهد العثماني]، بس كانت بعيدة. سارونا [مستوطنة شارونة أقيمت بالبداية عام 1913 ولكنها هجرت وأقيمت مجددا عام 1938 قرب القرية العربية سارونا والتي هجرت خلال الحكم العثماني]، سارونا كانت بلد عربية كبيرة، باعها لليهود واحد من دار الفاهوم اسمه سعيد بك، 24 ألف دونم. والسجرة من الغرب كانت مستوطنة فيها يهود، كمان من زمن الأتراك جنب السجرة العربية. وكانت بلاد أبعد عن بلدنا مثل جطين ونمرين.
أنا كنت بوليس عند الانجليز، لمدة ثلاث سنين، مش شرطي رسمي ولكن خلال الحرب العالمية شغلونا مثل حرس على الكموم [معسكرات الجيش]. أنا كنت حارس في منطقة حيفا، كنا لابسين بدلات حكومي بس كنا "إضافي" للمساعدة، لأنهم كانوا بحاجة إلنا خلال الحرب، وكنا نوخذ معاش منيح، آخر عهدي كنت آخذ 23 ليرة فلسطيني، هاي كانت مصاري كثيرة، وكان كثير من اولاد فلسطين يشتغلوا بالبوليس، من لوبيا كان عدد كبير، ومن بلدنا كانوا كل الشباب ما عدا اللي كان محبوس أو عليه نقطة سودا عند الانجليز، ما كانوا يقبلوه، لأنه لما كنت بدك تشتغل كانوا يعطوك أوراق استقصاء، يعني يفحصوا تاريخ حياتك، وكنت تروح على المركز في طبرية، بفحصوا إذا اسمك نظيف، ويعطوك جواب إذا مقبول أو مرفوض. كانوا يبعثونا لفحص طبي في مستشفى حمزة، اليوم مستشفى رمبام، كان عمري حوالي 27 سنة، اشتغلت 3 سنين، وقبل ما تطلع بريطانيا بشهرين سرحت الكل من الشغل.
أما ثورة ال 36 فبدأت بجبل نابلس، كان القاوقجي وكان واحد اسمه فخري بك عبد الهادي وهذا كان ضابط تركي، بعد 6 اشهر طلبت الانجليز هدنة، ولكن ضحكوا على العرب، فكل البلاد هاجت وصارت تشتري سلاح وصارت تشارك بالثورة، فصاروا الثوار يربطوا للجيش، ويخربوا أشياء للدولة مثل التلفونات، ويطخوا على الجيش. الثورة صارت لأن العرب كان بدهن استقلال، الانجليز كانوا بدهن يعطوا البلاد لليهود، اليهود كانوا مع الانجليز وحاربوا معهن بالحرب، والانجليز أوعدوا اليهود بالبلاد، أما مكماهون فضحك على الشريف حسين وما أعطاه إشي من الوعود. العرب مضاحك واليهود شاطرين. خلال ثورة ال 36 بدأت تصير مشاكل مع اليهود، هون بالسجرة اليهود عمله سياج عرضه 20-30 متر. فكان وضع غضب ونخاف من بعض. بعد الثورة صار الوضع عادي.
الانجليز كانوا ييجوا على القرى ويفتشوا على سلاح. هذا الطيب [ أخو أم فتحي] انحبس سنة وشهرين. كانوا ييجوا على البلد وكان معهم شخص قاعد داخل المصفحة، كان يشوف اللي برّة بس انت ما تشوفوش، كانوا يوقفونا بصف، وكان هذا الشخص يشوف كل واحد منا، إذا قال عن واحد "يس" يوخذوه وإذا قال "نو" كانوا يتركوه. مرّة أخذوا من بلدنا 13 شاب. منهم هذا الطيب، حبسوه بالمزرعة عند عكا، كان فصيح كثير، عشان هيك ما صار مختار، لأنه المختار موظف حكومي، ولأنه كان معتقل ممنوع يتوظف، فأخوه الأصغر منه صار مختار. وأبوي كمان كان معتقل حوالي 4 أشهر في "كدوري" هون عند مسحة، كان هناك معسكر كبير. المعتقل بآخر عهدالانجليز كان بسيط، كانوا يشغلوا العتقلين بأشغال خفيفة، ولكن قبل كان المعتقل إهاتة، برد ووحل وقتل، كان الشرطي إذا هرب منه سجين كان يطخ واحد بدل منه.
بذكر مرّة كنا نصلي الجمعة بالجامع وأجا الجيش الانجليزي على البلد، ظلوا قاعدين برّة حتى خلصنا صلاة، فقال الضابط للمختار، يا مختار إنتو بالليل بتثوروا وبالنهار بتصلوا؟ وطلب يفتش الجامع. سمح له المختار، شلح الضابط من إجره ودخل يفتش. بس يومها كانوا مؤدبين.
اليوم بلدنا مهدومة كلها ومسهمدينها، ما بتعرف إذا كانت أو ما كانت بلد، لوبيا زارعينها سرو، والسجرة ما فيها إشي. قبل ال 48 ما كان علاقات كثيرة مع اليهود، يعني مسحة ما كان إلنا علاقة فيها، أما يهود السجرة فكانوا يشغلوا عندهم عرب، وعلاقتهم مع السجارنة العرب علاقة طيبة، كأنهم أخوة، لأنها بلد واحدة. إحنا بكفر سبت ما كان إلنا علاقة مع بهود، كان عندنا أرض كثير ومش عاوزين شغل. أنا شخصيا ما كان لي علاقة مع يهود، ما عدا حراس من السجرة، كانت أراضيهم جنب أرضنا وكانوا يحرسوها فكنا نلتقي فيهم بالأرض ونتحدث معهم. كنت أطلع من البلد وأروح على طبرية وغيرها، كنا نبيع قمح ونشتري أواعي وأغراض، كله من المدن، كل هذي المشاوير كانت على الدواب، ما كان سيارات، كان باصات على الشارع الرئيسي، كانت باصات العفيفي. كان بالمنطقة يهود والعلاقة بشكل عام علاقة طيبة،
بالنسبة للأراضي، أهل البلد ما باعوا لليهود، بس قسم من الناس كانت بسيطة، كان أمير للمغاربة ابن السلطان عبد القادر الجزائري، اسمه الأمير سعيد، كان ساكن بالشام (دمشق)، كان بشارك الناس بأرضها، يضحك عليها بأشياء بسيطة، مثلا يعطي الواحد فرس هدية ويوخذ منه نص أرضه، إذا كان عند الواحد 400 دونم كان يقول 200 دونم منها للأمير، بالآخر هو الأمير باع نصيبه لليهود، نص أرض بلدنا انباعت بهذي الطريقة لليهود. هذا الكلام بدأ من زمن تركيا. عمي اشتغل 40 سنة وكيل عند الأمير سعيد، هذا الأمير له 6-7 بلاد بسوريا، اشتراها من واحد شامي بعد ما دفع عنه ضرائب الراضي للحكومة، وبالنهاية عمي استقال من عنده بعد ما صار هو وأولاده بعلاقات مشبوهة مع فرنسا.
كان واضح إنه اليهود غايتهم يوخذوا فلسطين، بال 48 صارت مناوشات، والبلد الضعيفة صارت تهرب. احنا بكفر سبت، اليهود طوقوا البلد، بالصيف، السجرة كانت ساقطة من حوالي شهرين لكن لوبيا بعدها، بتذكر إنه كنا مخلـّصين حصيدة وباقي علينا شوية شعير، وكان الوقت رمضان، كان رمضان بادي يمكن من يومين، كنا بشهر تموز، يمكن 2 تموز، بتذكر أني تسحرت، وحتى ييجي وقت الصلاة قعدت أقرأ قرآن، بتذكر إني رحت على الدكان وكان معي عشر ليرات شقفة واحدة، اشتريت يليرة وظل معي تسعة، جطيتهن داخل القرآن، حطيت القرآن على الشباك وقمت حتى أروح على الشغل، ووقتها عرفت إنه اليهود بالبلد، ابن عمتى شافهن وصارت الناس تحكي لبعض، أخذت بنات ثنتين من بناتي، كان الوقت بعد الفجر، خفنا وطلعنا، أنا مريت من بينهم وما حكوا معي، كان معي ثنتين من بناتي، ثريا وزهـَيـّة، وأبوي كان قدامي، طلعنا باتجاه الجنوب [كفر كما] وباقي العيلة راحوا طريق ثانية باتجاه لوبيا [شمالاً]، الناس كانت مرعوبة وخايفة، بعد ما طلعت صاروا يطخوا، دخلوا البلد، كان جيش كبير وكانوا يحضروا حالهم للوبيا، لأنه العرب كانوا متحصنين في لوبيا، ببلدنا ما كان إشي، كان شوي ناس بعدها بالبلد، شعرنا باليهود وهربنا، دخلوا اليهود البلد، قتلوا ختيار كسيح اسمه عبد القادر، كان يؤذن بالجامع، احنا شعرنا باليهود بعد الفجر، يعني بعد السحور، هذا الختيار أنا سمعته أذن الصبح بالجامع، رجع على داره وكان صار نايم وقتلوه وهو نايم ببيته، وقتلوا كمان شخص مجنون مسكين، من العميرات، لقيناه بعدين باب الدار اللي ساكن فيها وراسه مقطوع، وانقتل شاب بالبيادر، اسمه احمد محمد، من قرابتي، كان عمره حوالي 18 سنة. كان نايم بالبيدر ومعاه بارودة، أجا عليه جيش اليهود وقتلوه. بعد جمعة جمعتين بعد ما راح الجيش، راح هذا الزلمة يفتش على ابنه اللي كان نايم بالبيدر، لقى ابنه مقتول وشاف الاثنين المقتولين الثانيين. وكانوا كاسرين جرون النحل.
أنا وأبوي وبناتي الثنتين رحنا على السركس، بالسركس طلبت أكل للبنات من دار أحمد شمس، هذا بيت متدين، أطعموا البنات، وظلينا طول النهار بالسركس. بالليل قررنا نمشي باتجاه كفر كنا أو الناصرة، لكن أجا واحد اسمه رشيد كان يبني ببلدنا، قال ناموا الليلة عندنا وبكرة الله بيفرجها وبتروحوا، فنمنا عنده. قررت أروح على البلد أجيب منها سمن وطحين، بتذكر إنه قبل بيومين كنا طاحنين قمح. رحت على البلد من طريق جنب حقل ذرة بين بلدنا وبين السركس، والذرة كانت طول الباب، وما حدا راح يشوفني، وصلت قريب من البلد وشفت اليهود بعدهن فيها وبيعملوا استحكامت فرجعت. بعد بيوم رجعنا على البلد، أنا وأبوي والبنات، واحد سركسي قال ارجعوا على البلد وما راح يصيبكم إشي، ودخلنا الدار ونمنا فيها ليلة واحدة، ، اليهود كانوا فايتين على الدار ومازعين القرآن وماخذين المصاري، ثاني يوم الساعة عشرة الصبح أجو اليهود، طردوا أبوي ومعاه البنات فرجع على السركس، وأنا اعتقلوني وأخذوني على طبرية كم يوم، وصاروا يجيبوا على المعتقل شباب من دبورية ومن القرى اللي صارت تسقط، ولما جمـّعوا حمولة باص رحلونا على المعتقل في هرتسليا، وحبسوني 6 أشهر. بهذا المعتقل كان حوالي عشرة آلاف معتقل.
أبوي ظل ساكن بالسركس مدة شهرين ثلاث واستأجر فيها دار.
بعد الست شهور جيت على الناصرة، لأنه مرتي كانت ساكنة بالناصرة مع أخوتها، كانوا ساكنين عند صديق إلهم اسمه أدمون اسكندر، أعطاهم محل يسكنوا فيه بعد ما طلعوا من كفر سبت. سكنت معهم شهرين، وبعدها انتقلت للسكن بكفر كنا، سكنت بكفر كنا عشر سنين مع مرتي وبناتي، وهناك كانوا أبوي وأخوتي. أنا كنت أكبر واحد بأخوتي، بعدين أخوي حسن وعاش حوالي 85 سنة، والثالث مصطفى، كلنا ثلاث أخوة وخمس بنات. لما تهجرنا من كفر سبت ظلينا بالبلاد.
بعدين صرت أشتغل بالسجرة عند يهودي بمعمل شيد [كلس]، هذا المعمل (تول) كان بالأصل لعلي الاحمد من السجرة، عمله قبل ما يتهجروا. اشتغلت هناك 4-5 سنين، وكنت مرتاح بالشغل وكنت أصحاب مع صاحب الشغل. انتقلت للناصرة، بسبب الشغل، لقيت شغل بكيبوتس كفار هحورش.
أغلب أهل كفر سبت تهجروا لسوريا والأردن، بالبلاد ظل عدة عائلات، من عيلتنا يمكن 15 بيت، ومن العميرات في عيلة بالرينة ودير حنا وطمرة. الطيب، أخو مرتي، موجود بسوريا وبيتصل كثير. إله ابن محاضر بجامعة في أمريكا.
اليوم لما أروح على كفر سبت ما بعرف إشي. حتى دارنا عرفت محلها بس حسب سدرة صغيرة كانت عندنا بالحوش. كان جنب الدار بير مي، الدار مهبطة والبير مدفون. البلد كلها ممسوحة، لدارنا فش أثر.
المصدر: موقع "ذاكرات"