ماجد الجمل / هوية "عمان"
بطاقة تعريفية:
يوسف حسن محمد حمدان أبو حطب، مواليد 1940القبيبة، كان شاهداً على النكبة وعلى اليهود حين دخلوا القرية، وشارك بالحراسة وساهم في شراء بنادق للدفاع عن القرية، لكنه تمنى أن يمتلك واحدة.
خرج مع عائلته من القرية شهر حزيران عام 1948 في فترة الضحى بعد ما سمعوا أن القرى حولهم دُمرت ويتداولون الأخبار الواردة من القرى حولهم تفيد بدخول اليهود إليها.
مع قصف الطائرات رأى كثيراً من الشهداء والجرحى وتعرض للاعتداء في الطريق أثناء خروجه مع أهله على الاقدام.
بعد خروجهم من البلدة انتهى الطعام والزاد الذي بحوزتهم، فاصبحوا يأكلون ما تيسر من البيارات أثناء سيرهم في البساتين.
عن بلدة القبيبة:
يقول الحاج يوسف أبو حطب:"حين كان يعيش الناس بأمن وسلام قبل النكبة، كان الغني يساعد الفقير والقوي يساعد الضعيف وكان ترابط اجتماعي متين بين أبناء القرية. وكان للقرية مختار يشرف على شؤون أهل البلد من جميع النواحي وكان التكافل الاجتماعي يميز أبناء القرية. ومن العائلات التي كانت تسكن القبيبة قبل النكبة عائلة: ابو حطب، أبو موسى، أبو تيم، وأبو جراد، وغيرها.وكان في البلدة سوق فيه جزار وحداد ونجار وبقالة ومحال أخرى.. أما مقرىء القرية فكان سلامة أبو حطب. وكان في القرية مدرسة ابتدائية بجانبها بستان لتعليم الطلاب الزراعة".
وصف رحلة الخروج عام 1948:
يروي الحاج يوسف الرحلة الصعبة ويقول: "كان لنا محطات للاستراحة من التعب وخاصة الأطفال وأقمنا عدة أيام بالقرب من مدينة المجدل في بيارات البرتقال وكانت الطائرات تقصف، واستشهد الكثير من الرجال والنساء والأطفال أثناء الهجرة.علمنا بوصول الجيش المصري فدخلت الفرحة إلى قلوبنا، ولكن للأسف سرعان ما تبددت الآمال إذ اتضحت الخيانة من هذا الجيش بالعتاد والذخيرة والتآمر على الشعب الفلسطيني".
ويضيف شاهد النكبة، "قام الجيش المصري باعتقال عدد كبير من الشباب نتيجة التخاطب مع اليهود والاتهام بالخيانة وقد شهدت مقتل وإعدام أب وولديه من قبل الجيش المصري لاتهامهم بالخيانة، شهدت مقتلهم إذ ربطوا كل واحد منهم بشجرة وأطلقوا عليهم الرصاص مما أدى الى استشهادهم، واعتقل الجيش المصري الكثير من الشباب وبعد سنين خرجوا من السجن وعندهم عاهات مستديمة.
تابعت الطائرات اليهودية قصف جموع الهاربين من الرجال والأطفال والنساء وتابعنا نحن المسير الى الجنوب حتى وصلنا الى مدينة غزة ومنها الى دير البلح ثم وصلنا الى بلدة (القرادة) وأقمنا فيها لفترة ثم وصلنا الى مدينة خان يونس حيث وزعت وكالة الغوث للاجئين خياماً للاجئين ثم بنت لهم منازل وكان نصيبنا نحن منزلاً من الصفيح".
يشير الحاج يوسف الى أنهم أخرجوا معهم بعض المال الوثائق، ولم يبق أحد في القرية. وفي مخيم خانيونس مكثوا لفترة وجيزة وبعدها تشتت الناس. لم يحاول العودة لانها كانت مستحيلة منذ ذلك الوقت. كانت حياة التشرد صعبة للغاية من جميع النواحي، حيث كان الناس يعانون من الفقر والبطالة وليس معهم شيء. كما لقي بعض الأقارب حتفهم أثناء فترة اللجوء.
الحياة في القطاع:
يصف الحاج الوضع قائلاً: "كان الفقر والعوزاً منتشر بين اللاجئين وأخذت الوكالة توزع بعض المواد التموينية التي لا تفي حاجة اللاجئين.وكان قطاع غزة تحت حكم جمهورية مصر العربية حيث كان في غزة حاكم مصري عام لإدارة شؤون الناس في القطاع".
وقدمت جمهورية مصر العربية مساعدات تموينية للاجئين وكان يأتي من مصر الى قطاع غزة (قطار الرحمة) - هكذا كان يسمّى - محملاً بالمواد التموينية الضرورية. وكان الناس ينتظرون وصوله لساعات طويله ويتعرض بعض الشباب للضرب في محطة القطار بالسياط اذا ما حاولوا أخذ شيء ولو كان بسيطاً من المواد التموينية.
ويفيد الحاج بأن الجيش المصري دخل القطاعوأقام له نقاطاً عند الحدود في الأرض التي احتلها اليهود وكانت هناك مناوشات عسكرية بين الجيش المصري مع جيش التحرير الفلسطيني ضد اليهود وكانت تقع المعارك الحاسمة بين الطرفين ويسقط الشهداء والجرحى من الشباب.
حادثة السرايا:
في يوم من أيام عام 1954وفي وقت العشاء، تحركت دبابات اليهود تقذف بالنار من بلدتي "عبسان" وبني سهيلة الواقعتين جنوب بلدة خان يونس، ووصلت الدبابات الى حي السرايا (مركز الامن) واستشهد العديد من رجال الأمن والشرطة الفلسطينية.
في سنة 1955في ليلة مقمرة اجتاز اليهود الحدود الفاصلة عن ثكنة عسكرية لجيش التحرير الفلسطيني وأحاطوا بهذه الثكنة وقطعوا الطريق الموصل اليها ومكثت العملية حتى الفجر واستشهد وجرح العديد من أفرادها من جيش التحرير الفلسطيني.
في خان يونس كان أحد الضباط المصريين (مصطفى حافظ)كان له دور في تعقب القوات اليهودية عن طريق الاستخبارات وألحق بهم الخسائر في الأرواح ولشجاعته وجرأته في محاربة اليهود أقيم له صرح تكريماً له على مدخل مدينة خان يونس بعد أن استشهد وسمي باسمه.وعندما دخل اليهود الى خان يونس عام 1965 أزالوا هذا الصرح.
عدوان 1956 الثلاثي:
يوضح الحاج أن خان يونس كانت آخر بلدة دخلوا اليها من شدة المقاومة ومكثوا فيها 48 ساعة واستشهد الآلاف من شباب خان يونس، وكم سررت عندما أقامت حكومة حماس بقطاع غزة حفل تكريم للشهداء وسجلت أسماءهم وكانوا بالآلاف إحياءً لاستشهادهم في هذا العدوان الذي تعرضنا فيه لقصف من الطائرات الإسرائيلية والبريطانية والفرنسية بعدوان غاشم ذهب ضحيته الآلاف من الرجال والنساء والأطفال وفي بداية العدوان تركنا منازلنا واتجهنا الى البحر والبساتين المجاورة لفترة ثم عدنا الى بيوتنا. تم جمع الشباب من قبل اليهود في مكان واحد وحققوا معهم طيلة النهار ثم احضروا باصات وحمّلوا الشبابالى المعتقلات داخل فلسطين. حدث أكثر من مرة وأنا شخصياً خفت على حياتي حيث كنت طالباً، فغامرت مع عدد من رفاقي وتركنا قطاع غزة مشياً على الأقدام هاربين من بطش اليهود حتى وصلنا الى مدينة العريش في مصر حيث كان اليهود قد خرجوا منها ومكثنا هناك 3 شهور حتى انسحب اليهود من قطاع غزة ثم عدنا الى خان يونس.