بسيسو، أحمد: (توفي سنة 1329ه/1911م)
(شيخ العلماء والطرق الصوفية في مدينة غزة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. عمل في التدريس والخطابة والإمامة، وخدم الطرق الصوفية ونشرها في بلده وخارجه، وترك مصنفات كثيرة.)
هو أحمد أبو المعالي ابن الحاج بن سالم بسيسو. ولد في غزة، في محلة الشجاعية، نحو سنة 1240ه/1824-1825م، ونشأ فيها وتربى في حجر والده. ثم حفظ القرآن، وأخذ الطريقة الخلوتية البكرية عن العلامة مفتي الشافعية الشيخ محمد نجيب النخال، وتزوج أول مرة سنة 1258ه/1842م. وفي سنة 1261ه/1845م رحل إلى الجامع الأزهر، ودرس على العلامة الشيخ خليل الرشيدي، والفقيه الشيخ محمد المنصوري، ومفتي الديار المصرية الشيخ أحمد التميمي الحنفي، وشيخ الحنفية محمد الرافعي، ومفتي مكة المشرفة السيد محمد الكتبي، والشيخ إبراهيم الباجوري، وغيرهم. وبقي على ذلك عشر أعوام ثم درّس وصنّف في الأزهر وانتفع به كثيرون من العلماء. ولما أراد الإرتحال من الأزهر والعودة إلى غزة أجازه مشايخه بالإجازات والأسانيد بخطوطهم وأختامهم حفظها في مجلّد صغير عنده. ووصل إلى غزة في تمام ربيع الثاني 1271ه/ مطلع سنة 1855، وبنى غرفة في مسجد السيدة رقية، وعكف فيها على التدريس والتصنيف والإفتاء. وصرف معظم أوقاته في كتب التفسير والحديث والفقه والتصوف. وقد أخذ الطرق الصوفية عن العلامة محمد القاوقجي الطرابلسي، والشيخ أحمد السلاوي المغربي، ولبس في مصر خرقة الصوفية، وأجازه مشايخه في الإرشاد في سائر البلاد. وأخذ الطريقة الصوفية عنه عدد كبير من علماء غزة ومن أقاربه. ثم التفت إلى خدمة الطرق ونشرها خارج غزة، فقام بعدة رحلات إلى مصر وغيرها، فنشر فيها الطرق وربى المريدين، وأقام الخلفاء والنقباء حتى بلغ عدد مريديه وتلامذته عشرين ألفاً ونيّف.
وظائفه: باشر الشيخ أحمد أول أمره الكتابة في المحكمة الشرعية، ثم رُفع منها وآلت إليه سنة 1296ه/ 1878-1879م وظيفة الإمامة والخطابة والتدريس في جامع شهاب الدين احمد بن عثمان. ثم في سنة 1315ه/ 1897-1898م آلت إليه رئاسة مجلس المعارف، وبقي فيها نحو خمسة أعوام، ثم استقال منها، وعرضت عليه رئاسة مجلس الأوقاف فلم يقبلها. وقد حج أربع مرات، وبنى عدة دور، وتملك عدة قطع من الأراضي، وتزوج عدة نساء، ورزق بأولاد وذرية واسعة. ومع تقدمه في السن لم تفتر همته، فكان يراجع ويطالع ويحرر ويكتب ويفتي. ثم اعتراه مرض ألزمه بيته نحو سنة حتى توفاه الله في ليلة الثلاثاء الموافق 18 جمادى الأولى 1329ه/ 17 أيار (مايو) 1911م، عن نحو تسعين سنة هجرية. ودفن في غزة، في تربة التفليس إلى جوار مزار الشيخ أبي الكاس. وخلفه ولده الشيخ عمر، الذي درس في الأزهر وقام مقام والده في الإمامة والخطابة والتدريس، وصار خليفة ومرشداً للمريدين.
مصنفاته: وظهرت للشيخ أحمد مصنفات منها: «حاشية على شرح القطر» لابن هشام، وحاشية على شرح ألغاز ابن هشام طبعت في مصر، وحاشية على شرحه «مزيل الخفا والغموض عن مهمات علم العروض»، وشرح العقيدة الإسلامية، وشرح مولاه البرزنجي النظم، ومنهاج الحق فيما يتعلق بمولد وآباء سيد الخلق، وشرح وظيفة النفحات الندية وطبعت في مصر، ورسالة المقاصد الحميدية فيما يتعلق بنصرة السادة الصوفية، وشرح منظومة العلامة الشيخ حسين الدجاني، مفتي يافا، فيما يتعلق بتحويل المريد، والفتاوى الحميدية، جمع فيها ما وقع له من الحوادث وأجاب عنها، وديوان شعر، وتاريخ كشف النقاب في سكان غزة وما حواليها من الأعراب، ورسائل ومصنفات أخرى بخط يده.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع