السعيد، حافظ بك: (1259-1334ه/1843-1916م)
(مدير ناحية الرملة وناحية بيت لحم، ثم قائمقام في طولكرم، فرئيس محكمة التجارة في يافا. وفي سنة 1908 اختير نائباً عن يافا في مجلس المبعوثان العثمان. صدر حكم بإعدامه من ديوان جمال باشا العرفي في عاليه، وتوفي في السجن سنة 1916.)
هو حافظ بك الشيخ سعيد المصطفى، متسلم لواءي غزة ويافا. توفي والده (سنة 1844) وهو رضيع، فكفله أخوه المصطفى بك، الذي ورث مناصب والده.
تولى آل السعيد، وأولهم الشيخ سعيد المصطفى، في يافا وفي جنوب فلسطين بصورة عامة، مناصب الحكم والإدارة منذ أوائل القرن التاسع عشر. وسار حافظ بك على درب والده فدخل سلك الوظائف الحكومية في مؤسسات الإدارة العثمانية المحلية في فلسطين. فقد عين في البداية مديراً لناحية الرملة ثم مديراً لناحية بيت لحم. وترقى في المناصب بعد ذلك فعين قائمقاماً في قضاء بني صعب (طولكرم). وأنعم عليه السلطان عبد الحميد الثاني برتبة «بالا» سنة 1295ه/1878م حينما كان أحد أعضاء ديوان المحاسبة. ويلقب حامل تلك الرتبة بحضرة صاحب العطوفة «عطوفتلو أفندم حضر تلري». ثم عاد حافظ بك يافا وأدار أملاك العائلة وعقاراتها الكثيرة، وعين رئيساً لمحكمة التجارة في المدينة.
وفي إثر ثورة عرابي باشا في مصر، ولاتصال يافا بها بحراً، عهدت الدولة إليه وكالة قائمقامية يافا لكفايته وحزمه. وبعد انتهاء حركة عرابي عينته الحكومة رئيساً لبلدية يافا فعمل على تحسينها وشق طرقها وتجميلها. ونال من إمبراطور ألمانيا، غليوم، خلال زيارة الإمبراطور ليافا، وسامالنسر الأحمر، كما منحته الدولة «الرتبة الثانية المتمايزة».
وبعد إعلان الدستور سنة 1908، انتُخب حافظ بك نائباً في مجلس المبعوثان العثماني، مع روحي بك الخالدي وسعيد بك الحسيني. وكان الأخيران أكثر منه علماً وثقافة، وأقدر منه على الخطابة والعمل البرلماني. ومع ذلك، كانت له مواقف مستقلة وجريئة في نقد السلطات والدعوة إلى احترام الدستور وإطلاق الحريات. واعتُقل حافظ بك سنة 1905، أيام ملاحقة السلطات العثمانية لمنشورات نجيب عازوري القومية الإستقلالية. فقد اتُّهم بأنه من المروّجين لأفكار عازوري ومنشوراته، ففُتش بيته وأوراقه، ثم أُطلق بعد مدة قصيرة من اعتقاله.
وفي البرلمان أثار حافظ بك قضية الإستيطان الصهيوني وبيع الأراضي. وطالب سنة 1909 بإغلاق ميناء يافا في وجه الهجرة اليهودية، لا سيما أن مدينة تل أبيب كانت في مستهل بنائها في تلك السنة. لكن على الرغم من بعض التصريحات والمواقف في هذا الإتجاه، فإن مواقفه عموماً كانت معتدلة ومهادنة إذا ما قورنت بمواقف زميليه في المجلس، الخالدي والحسيني. كما أن اليهود أنفسهم صنفوه من ذوي المواقف المعتدلة حيال الإستيطان والهجرة الصهيونية.
وبعد انتهاء دولة البرلمان العثماني سنة 1912 عاد حافظ بك إلى يافا، فكان من وجهاء المدينة وأعيانها عشية الحرب العالمية الأولى.
وفي سنة 1912 أقيم حزب اللامركزية في القاهرة، فكان حافظ بك أحد أعضائه البارزين في فلسطين. فلما بدأ جمال باشا ملاحقة نشيطي الحركات والأحزاب العربية، كان حافظ بك من أوائل المعتقَلين. وقُدم سنة 1915 إلى ديوان المحاكم العرفية التي نصبها جمال باشا في عاليه، فكان من المحكوم عليهم بالإعدام. وكان أكبر المحكومين سناً، ويليه الشيخ سعيد الكرمي، فاستُبدل حكم الإعدام عليهما بالسجن المؤبد. ولم تطل مدة حافظ بك في سجن عاليه، إذ توفي سنة 1916، بعد أن بقي في السجن أكثر من سنة. وقد قال عنه مدير الأمن العام في الدولة العثمانية، عزيز بك، في كتابه «سوريا ولبنان في الحرب العالمية» (ص 265) ما يلي: «حافظ السعيد وجيه من يافا خدم بلاده بأمانة وإخلاص»، فكان الإعدام والموت في السجن جزاء من يخدم بلده بإخلاص في ذلك العهد.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع