سكيك، الشيخ محمد: (توفي سنة 1246ه/1831م)
(العالم الأزهري، اشتغل في العلم والعبادة والتصوف، وكان للناس فيه اعتقاد وله مكانة خاصة عند بعد الله باشا، حاكم عكا، الذي عرض عليه وظيفة الإفتاء فأبى قبولها.)
هو العالم الشيخ محمد بن شاهين بن سليمان سكيك الحنفي، الفقيه الصوفي. ولد في غزة، ورحل إلى مصر في أواخر القرن الثاني عشر لاستكمال دراسته في الأزهر، ومكث فيه نحو ثمانية عشر عاماً. ولازم العلماء الكبار ودرس عليهم حتى أجازوه وفيهم الشيخ المنيرفي. كما أجازه العلامة السيد محمد مرتضى الزبيدي، شارح القاموس.
رجع الشيخ محمد إلى غزة وانقطع في خلوة صغيرة في الجامع الكبير العمري ظلت تعرف بـ «أوضة الشيخ سكيك» حتى هدمت في الحرب العالمية الأولى، ثم جددت بعد ذلك مع الدكانين اللذين كانا في جوارها في الجهة الغربية ليصبحا مكتبة. وتفرغ الشيخ محمد للاشتغال في العلم والعبادة مدة حياته، واشتهر بالصلاح والورع، فعم فضله وانتفع الناس به. وكان غالب اهتمامه الفقه والتصوف. وكان عنده كتب كثيرة معظمها بخط يده. وكان ينسخ الكتب بالأجرة حتى قيل إنه عندما توفي حسبت مخطوطات يده وعمره فخص كل يوم ثلاثة كراريس، والكراس عشر ورقات.
كلفه عبد الله باشا بقبول وظيفة الإفتاء فأبى قبولها، وأشار عليه بتعيين غيره فعمل بمشورته. ومما يؤكد علاقته الوطيدة بعبد الله باشا، حاكم عكا، توسطه لديه لتخفيف الضرائب عن أهل غزة وقبول طلبه عند الوالي. ففي 8 شوال 1237ه/ 28 حزيران (يونيو) 1822م أرسل عبد الله باشا إلى علماء غزة وأعيانها مرسوماً يحذرهم من الفتنة والعصيان على متسلمية حسين آغا. وكان سبب ذلك التمرد، الذي اشترك فيه أهل المدينة وعرب البادية من التياهة والترابين، دعوى ثقل الضرائب المطلوبة من السكان. فيذكر عبد الله باشا في كتابه أن الضرائب المطلوبة هي الأموال المرتبة على اللواء من قديم الزمان، وأنه «بورود جناب شيخنا الشيخ محمد أفندي سكيك المحترم لطرفنا سمحنا منها بمقدار وافر رحمة للفقراء وتلطفاً للرعايا.»
وما زال الشيخ على مكانته عند أهل غزة ووالي عكا حتى توفي في 15 شوال 1246ه/ 29 آذار (مارس) 1831م، ودفن قرب مزار الشيخ علي بن مروان، وخلفه ابنه الشيخ عبد الله.
أعلام فلسطين في أواخر العهد العثماني
عادل مناع