يقول محمود رباح (1936): "إحنا لما طلعنا كان معنا فرس وحمار، حطّينا عليهم الفراش وأدوات الأكل، رحلنا على جبل اسمه الحامي وثاني يوم رحنا على وادي سلامه ونمنا هناك كام ليله وسكنا عند ناس من قرية فرّاده لحتى سقط القسم الثاني من الجليل بآخر تشرين، ومن فرّاده رحلنا على عين الأسد، استأجرنا بغلين ورحنا على بيت جن ومنها على رميش بلبنان، عمتي كانت حامل وخلفت برميش على البيادر، النسوان يومها عملوا حواليها شادر لانه البيادر كانت مليانه ناس، كل فلسطين طالعه من بيوتها، خلفت ولد اسمه محمد وبقولوله رميش، ثاني يوم استأجرنا دواب لبنت جبيل ومن هناك رحنا على عين الحلوه، ببنت جبيل نمنا بين الزيتون وما لقينا محل للسكن وبعين الحلوه كمان ما لقينا سكن، بذكر بالليل كان يجي قطار يوخد اللاجئين، الناس اللي ركبوا قبلنا بليله راحوا على حلب وإحنا ركبنا ثاني ليليه ووصلنا طرابلس وهناك أعلنت سوريا انها بطلت تستوعب لاجئين ونمنا بالقطار حوالي 15 يوم وبعدها رجعنا على عرابة، بطرابلس كانوا يعطوا اللاجئين كل نفر 3 ارغفه ونص كيلوا عجوه، أنا كنت أروح أجيب الأكل لأني كنت اكبر واحد. فش عائله ما مات منها حدا، أنا إلي أخ مرض ومات كان عمره أشهر، وعند دار عمي مرضوا أطفال وماتوا لأنه ما كان في علاجات وأدوية.
أبوي ما قدر يعيش بعين الحلوة، كان يقعد بفلسطين أشهر يشتغل بستانجي عند يهودي من طبريا اسمه النحماني* بطبريا [يوسف النحماني شغل منصب مدير مكتب الكيرن كييمت في الجليل] ويجي يزورنا بعين الحلوة، أعمامي واخوالي كلهم بعين الحلوة، بس أبوي قرر بعد ثلاث سنوات انه نرجع على فلسطين. جوز خالتي إنقتل بعيلبون. لما صارت مجزرة عيلبون وماتوا 12 شاب كان هو واحد منهم. خالتي ما عرفت انه مات إلا لبعد فترة. وهيك رجعنا بال- 1952 رجعنا من عين الحلوة على بنت جبيل، ومنها على الجش مشي على إجرينا، لأنه خوال امي بالجش. وصلنا على الجش أول النهار وبقينا بكرم التين للمغرب لأنه كنا خايفين من الجيش، بالصدفة إجا الحاكم العسكري يوكل تين، قالتله مرة خالي وين جاي لهون، التين الشلبي موجود لفوق، اطلع فوق، وهيك نجينا من الحاكم العسكري. تاني يوم جابني أبوي أنا واختي فاطمة وعدلة وركبنا بالباص من الجش لعكا ومن عكا رحنا مع واحد بسيارة شحن عند عمتي على عرابة، تاني يوم رجع أبوي من عكا على الجش وجاب أمي وأخوتي طارق وسعاد الصغار. لما طلع أخوي طارق على الباص طلب من أبوي فرنك، أخوي كان عمره 3 سنين وبعرف لغة الفرنك من عين الحلوة، أبوي لكشه وسكت طارق. لما وصلنا على عرابة اشتغل أبوي بطبريا عند النحماني. كان يرجع مشي من طبريا على عرابة. بالآخر قرر انه ننتقل على عيلبون. بعدها أجا النحماني وقال لأبوي: "فالح بدي أرضك، أو بتعطيني أرضك او ما في الك عندي شغل"، أبوي قاله ما بدي اشتغل وهيك ترك الشغل وصارت المخابرات تيجي عند أبوي ويقولوله وين بدك بنعطيك أرض بس تنازل عن أرضك بحطين. بس أبوي ما رضي يتنازل".
ما تخافي يا سهام هذا القمر!
باول الخمسينات اجا الجيش الإسرائيلي وشاف البلد مليانة بأهل حطين بشتغلوا بأرضهم، خاف انه أهل البلد يرجعوا، جابوا سيارات شحن وحمّلوا الناس ورموهم بين المغار وعيلبون ودير حنا وبعدها جابوا الجرّافات وهدموا البلد. مره رحنا انا وأبوي على حطين حتى نطلع القمح من ارضنا، واحنا طالعين من البلد رحنا على مغارة، ابوي صار يخيّط الشوالات حتى نخبي فيهم المحصول، وانا قاعدة شفت اشي عم بضوي وبتحرك، خفت وصرت أقول لأبوي لحقنا الجيش، صار أبوي يضحك وقاللي ما تخافي يا سهام هذا القمر.
حطيــن اليــوم
اليوم، موقع القرية مهجور، بيوت حطين مهدمة وتتبعثر اكوام حجارتها في ارجاء الموقع بين الحشائش البرية والنباتات المائلة واشجار التوت والتين والكينا ونبات الصبار. اما اراضي السهل المجاورة فمزروعة لمصلحة المستعمرات اليهودية، بينما تستعمل الاراضي الجبلية مرعى لمواشيها. مسجد حطين مهجور ومئذنتة سليمة لكن قناطره آخذه في التصدع ولا يزال مقام النبي شعيب القائم على سفح تل قريب من القرية، مزاراً يقصده الدروز، ويتم التخطيط في هذه الأيام لتوسيعه مجدداً على حساب أراضي القرية وسط احتجاج ومعارضة لاجئي حطين.
المصدر: شبكة بيت الذاكرة الفلسطينية