شهادات : من حصار الرملة .. الى حصار غزة فوز الدين البسومي
حين اشتد اوار المعارك التي كانت تدور بين المجاهدين القادمين من شرق الاردن ومن الديار السعودية ومن المملكة السنوسية الليبية وبعض الدول العربية والاسلامية والمجاهدين من سكان الرملة بقيادة المجاهد داود الطحله وبرفقته حسن الكسواني وعامر علاء الدين وبطل المصارعة الحرة في فلسطين الرملاوي محمد ابو هدلة العوضي واخرين وبين العصابات الصهيونية بدءاً من الهاغناه وانتهاء بالارغون وشتيرن ومنعاً للاختراق الذي كان يتم لبعض المستعمرات اليهودية المحيطة بالرملة ودلالة على ما اصاب اليهود من ذعر وهلع فقد عمدت هذه العصابات الى قطع المياه عن الرملة حيث شمل القطع احياء بكاملها كما عمدوا الى قطع الامدادات التموينية عن الرملة والقادمة من القدس ونابلس ورام الله بعد ان سقطت يافا ، وقد هبت مدينة الرملة بمجلسها البلدي ووجهائها لنجدة سكان الرملة فتنادوا لعقد اجتماع في بلدية الرملة برئاسة محمود علاء الدين وحضور مصطفى الكرزون رئيس بلدية اللد وعدد كبير من وجهاء الرملة ومخاتير قرى النعاني وجمزو والقباب والبرج وصميل وعنابة وبرفيليا حيث تبرع حمدان مرسي احد اثرياء الرملة بان تقوم السيارات التي تحمل خزانات المياه والتابعة لبياراته في النبي روبين وصرفند العمار بنقل المياه من منطقة المرستان كما تبرع مخاتير القرى بان يضعوا العربات التي تجرها البغال والتي يستعملونها لنقل منتجات بياراتهم وحواكيرهم ومقاثيهم تحت تصرف اللجنة التي ستقوم بتوزيع المياه على الاحياء بعد تحميله من منطقة المرستان ، ومن جانبها كلفت اللجنة التي ترأسها اسماعيل النحاس بان يقوم السيد قصي الخيري باعتباره اكبر شباب حي مدرسة البنات سناً بان يقوم بجمع الاطفال من باقي احياء الرملة فجاء من حي المحص ابراهيم الناجي ومعه مجموعة من اطفال الحارة كما جاء من حارة النصارى رجا قسيسية ومن حارة الحاووز علي الغزاوي ومن حارة الكافوري موسى سليمان مقبل ومن الحي التجاري - حمام الوزير - جاء خليل الوزير واسامة العوضي وباسم الدايه اضافة الى عدد كبير من احياء اخرى وباشروا على الفور بتحميل المياه وتوزيعها على احياء الرملة المترامية فيما بدأت ترد الى الرملة عشرات العربات المحملة بالدقيق وزيت الزيتون وزيت السيرج وغيرها من المواد التموينية تبرع بها فلاحو القرى الذين تضامنوا مع سكان الرملة ، فالرملة وسوق الاربعاء فيها كانت بمثابة الوعاء الذي يستوعب منتوجات قراهم من الخضار والفاكهة والحبوب وغيرها.
لقد صمد سكان الرملة ومن نزحوا اليها بعد سقوط يافا في وجه أعتى حصار يمكن ان تعيشه مدينة آمنة كان يأتيها عيشها رغداً ، وظهر التضامن بين الناس في تلك المحنة كأمتن ما يكون التضامن فصمدت المدينة الى ان قدر لها ان تسقط في ليلة ظلماء لم يظهر فيها ضوء القمر.
وبعد ما يزيد على ستين عاما على حصار الرملة ها هو التاريخ يعيد نفسه ويكرر اليهود وقطعانهم من الرعاع والقادمين من خلف السهوب والبحار نفس المأساة فيفرضون حصاراً على غزة هاشم يطال الكهرباء والدواء والغذاء وحليب الاطفال ، كما يطال الناس انفسهم فيمنعهم من المغادرة حتى باتوا وكأنهم في سجن كبير شبيه بالقفص يتفرج العالم على مأساتهم من خلاله.
والحجة هي نفس الحجة والسبب هو نفس السبب ، فالوجع والهلع اصابهم حتى وهم في مستوطناتهم فلم يجدوا بداً من فرض الحصار فيما العالم يتفرج على المحاصرين من بعيد او من خلال شاشات الفضائيات وكأنهم يقولون لهم: هذا جزاء من يعتدي على الاخرين.
ونسي العالم ان الاعتداء قد تم على المحاصرين والمهجرين والمشتتين هنا وهناك وهم في عقر دارهم فطردوهم واحتلوا ارضهم ونهبوا بيوتهم وقتلوا نساءهم وشيوخهم واعتقلوا شبابهم دونما ذنب ارتكبوه سوى انهم اصحاب وطن اسمه فلسطين وفعلوا كل ذلك بهم دون حجة يملكونها سوى انهم يعيشون في وهم اسمه «ارض الميعاد» ولم يجد اصحاب الارض الاصليين من يناصرهم او يستمع الى قضيتهم او حتى ينفذ القانون الدولي يوم صدرت بعض مواده تقر لهم بشرعية حقهم في العودة الي ديارهم التي طردوا منها قبل اكثر من ستين عاماً.
تذكر صاحبنا كل ذلك والعيد يمر مظلماً بائساً على سكان غزة ورجالها ونسائها وشبابها واطفالها الرضع فلم يتمالك نفسه من شدة البكاء فوضع رأسه بين راحتيه واخذ يبكي.
ارسلها: حامد داود علي الطحله
tahleh@maktoob.com