المقال |
الحجة ام كامل العلي من كويكات كان عمري تقريبا عشر سنين. بس طلعت من فلسطين الاكلات الشعبية بفلسطين كانت منها المجدرة, بصارة, منزّلة, عدس مجروش, لوبي, بامية, كوسى, ملوخية. في ايام الشتاء تطبخ الناس بما يسمى من جناب البيت, عدس – منزّلة – مغربية. في مناسبة الاعراس كانوا يطبخوا الرز و الفاصوليا و الكوسا, يعزموا اهل البلد كلهم على هذه المناسبة, فكل اهل البلد لا يطبخون في هذا اليوم, انما يساعدون اهل العروسين في الطبيخ و يأكلون في موعد الغذاء مع بعضهم البعض. امّا بالنسبة للعيد كنّا على العيد نشوي اللحمة ( لحمة مشوية على الغذاء ) اما على الفطور فكنا نأكل السودة النية. و كانت الناس تطبخ ” خبيصة” و توزع هذه الطبخة عن روح الاموات و الخبيصة هي عبارة عن خليط من النشا و الماء و السكر. بالحاج كانت مسألة الحج صعبة لان المسافة كانت طويلة, لم تكن الناس تسافر في الطائرة, بل كانت تسافر على ضهر الجمال. كانت تصل مدّة الحج ثلاث اشهر او شهرين. اما بالنسبة للمأكولات فكانوا يتبضعوا و يشتروا الطعام من المنطقة الي موجودين فيها و ذلك لأنه مع طول المسافة و الوقت يفسد الاكل, فا ما كانوا الحجاج يأخذون طعاما جاهزا معهم بل كانوا يشترون حاجتهم عن الطريق او من محل او دكان ما. بالموت كنّا نطبخ رز و فاصوليا و يخانة على انواعها, اما الان فأصبحت الناس تعمل مناسف و مناقيش بلحمة في فلسطين, لم نكن نعمل في الاجر لحمة بعجين. كانت الناس تطبخ رز و لبن و تطبخ فاصوليا و يخانة. امّا بالنسبة للحمة, فكانت الناس تدبح الخواريف في حالة الموت و لكن تمتنع عن دق لحمة الكبة خصيصا لمدة اربعين يوم و هذا يعد كتعبير عن الحزن لفقدان الميت و مواساة اهل الفقيد, و دق لحمة الكبة قبل إنهاء ال 40 يوم تعتبر شماتة لاهل الميت. اما بالنسبة للمريض, فكان يذهب الى الطبيب و الاكل الذي يقول عنه الطبيب يأكله و الذي ينهي عنه الطبيب يبتعد عنه. لم يكن هناك مستشفى في الكابري. كان في مدينة عكا مستشفيات, المريض يذهب الى المستشفى مباشرة, لم يكن في الكابري طبيب عربي يداوي بالاعشاب, كل المرضى كانت تتلقى العلاج من قبل طبيب و عقاقير و حبوب و حقن. الامراض التي كانت ايام زمان كانت امراض خفيفة و سهلة العلاج, على عكس يومنا هذه, كل يوم مرض جديد, و يكون مميت و فتّاك اكثر من الذي سبقه, و ذلك لان الناس قديما كانت تأكل زيت زيتون – عسل اصلي, كل الطعام و الخضار و الفواكه كانت طبيعية 100%, لم تكن تحتوي على اي مواد حافظة. بالاضافة الى شرب الحليب الطازج يوميا و اكل البيض و الاجبان و الالبان المصنوعة في المنزل. , كانت المياه متوفرة في بلدتنا, كان هناك عين, يسحب الناس الماء منها عبر أساطل الماء, هذه الماء كانت مياه نبع, كانت الناس تستعملها للشرب و الطبيخ. امّا بالنسبة لسقي المزروعات, كانت الناس تحفر بئر تحفظ فيه مياه الشتاء و تسقي منه المواشي و المزروعات. اما في ايام الصيف مين عنده مزروعات يريد ان يسقيها, يذهب الى العين او البئر و يجلب الماء. كنّا نزرع بطيخ – سمسم – لوبية – بامية – فقوس- خيار – عرانيس ( ذرة). لم تكن هذه الزراعات للتجارة, اي الهدف منها ليس تجاري بل كانت الناس تزرع لتلبي حاجاتها الخاصة ( مونة). : كانت الناس تزرع قمح و سمسم , يأخذ المزارع حاجاته للوصول الى الاكتفاء و الذي يفيض عندهم يبيعه الناس و كمان الي عنده نحل و فاض عنده العسل كان يبيع الفائض من العسل و يستفيد من المال و هكذا يعيش الناس في فلسطين ,في كويكات ايضا ما يفيض من الزيتون و زيت الزيتون عند اهل كويكات كانوا يبيعونه و يستفدون من الاموال الحاصلة من هذا الفائض. لم يكن هناك اي مصانع في كويكات. كل عائلة تمتلك قطعة الاض كانت تلبي حاجاتها منها و لم يكن مبدا توزيع الاكل متعارف عليه كثيرا لان الناس كانت تزرع بكميات قليلة لتلبي حاجاتها و الفائض تبيعه و تستفيد منه ( لم يكن الفائض بهذا الكثر). و لكن التعاون كان موجودا بين الجيران مثلا, اذا كان جاري يفتقد للعسل اعطيه, اذا كنت بحاجة لاي نوع خضار غير موجود عندي, جاري يعطيني حاجتي منه. كانت المرأة التي ولدت حديثا تأكل بيض, عجة, خويعة و هي عبارة عن قرفة مطحونة و غليها و تفتيت خبز و سكر, بالاضافة الى الذبايح ( فروج و لحمة), و شوربة, كان في الكابري مواشي ( ماعز – بقر…). نهاريا قريبة من كويكات هذه الضيعة, كان يسكنها يهود و لكن هؤلاء اليهود كانوا مسالمين و يعيشون على نفس اسلوب معيشة باقي القرى الفلسطينية, و نهاريا تقع بين كويكات و عكا, و من الجدير بالذكر انه عند بدأ الحرب, جاء هؤلاء اليهود عند مختار كويكات و قالوا له لا تخرجوا من فلسطين. سلّموا الارض و استسلموا و سوف نعيش سويا على هذه الارض ( فلسطين). و لكن الاهالي الفلسطينية رفضت. عندما خرجنا من فلسطين توجهنا الى عيتا الشعب و من ثم انتقلنا الى انحاء عدة من لبنان حتى وصلنا الى مخيم برج البراجنة, لم نستطع بعد ذلك الرجوع الى فلسطين لان الاسرائيلين كانوا يحاصرون الوطن من كل ناحية. في السابق كان الانتقال من لبنان الى فلسطين و العكس ايضا سهل جدا كأنك تتنقل من منطقة الى منطقة داخل بلد واحد. لم يكن هناك اي جمارك او حدود بين الدولتين الاّ بعد دخول اسرائيل فرسمت الحدود و فرضت الشروط. نحن ( الجيل السابق) لم نغير لهجتنا, ما زالت حتى الان كما هي. ما زلنا نتكلم بنفس اللهجة التي كنّا نتكلمها في فلسطين. نحن بقينا حوالي 7 سنوات في ضيعة حدادة ( و هي ضيعة لبنانية اهلها يتكلمون اللبنانية) لم نغير لا لهجتنا و لا لباسنا و لا حتى اكلنا. فلسطين تختلف عن لبنان, نحن في فلسطين نمتلك ارضا, نمتلك بيتا, و لكن في لبنان لا نملك شيئا, لدينا وطن, جئنا على لبنان فقط بالثياب الي لابسينها, لم نأخذ من بيوتنا و لا غرض, و بدأنا حياتنا في لبنان من الصفر, اللبنانيون كانت معاملتهم حسنة للفلسطينين, بعد ذلك اصبح هناك بما يسمى بالاعاشة للشعب الفلسطيني و فتحوا مدارس لتعليم الشعب الفلسطيني في تبنين, انا لم اذهب الى المدرسة لانه كان عار على الفتاة او ممنوع للفتاة ان تتعلم, وظيفتها في منزلها فقط. الاولوية في التعليم هي للصبي و ليس الفتاة.
المصدر: موقع حكايات جدودنا
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|