لم يتردد العالم العربي، الأميركي الجنسية، علي نايفة من سرد قصة نجاحه، أكاديميا، أمام طلبة جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا أمس، مانحا إياهم مفاتيح وإسرار نجاحه وإبداعه في "بلاد العم سام"، في مجالات الهندسة والفيزياء والرياضيات.
ومن المعروف أن الدكتور السبعيني علي نايفة، ابن قرية شويكة الفلسطينية، قهر الفقر بالعلم، فبعد أن أنهى تعليمه الابتدائي في قريته، أصر والداه على إرسال ابنهم البكر الى مدرسة الفاضلية، في طولكرم، لإكمال تعليمه الثانوي، بعد أن تم اختياره من بين أربعة طلاب متفوقين في قريته، من دون أن يملكا حتى ثمن الرسوم الرمزية، التي أقرتها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، بحسب نايفة، الذي قال "إنني فخور بوالدي، الذي كان تاجر جمال، وبالكاد استطاع أن يوفر قوت أطفاله الأربعة الجياع، لكنه حولهم إلى علماء يتباهى بهم في كل مكان".
هذه الحقبة التاريخية من حياة الدكتور نايفة، بحسب قوله في المحاضرة التي ألقاها وحملت عنوان "خبرتي الأكاديمية"، شكلت لديه حلما عظيما نحو طريق الإبداع، معتمدا على ذاته وأساتذته في المدرسة الثانوية، الذين تركوا بصمة لا تنسى في حياته.
ويقول إن أساتذته عمدوا، في المرحلة الثانوية، إلى تعليمه أدوات التفكير في العلوم (الفيزياء والرياضيات)، بعيدا عن أسلوب التلقين، ومنهم: عبدالملك عرفات، ومفيد أبو حجلة، اللذان زرعا فيه التحدي والحلم والثقة بالنفس.
ويضيف أن أسرته تنقلت ما بين الضفتين، بعد أن حصل على الشهادة الثانوية الفلسطينية، وعمل مدرسا متنقلاً أو منقولاً بين المدارس الأردنية في الضفة الشرقية، حيث درس في معان، وانتقل الى إربد للتدريس في مدرسة خاصة، ثم وصل الى قرية صبحة وصبحية في المفرق، ليدرس مادة الرياضيات. وبعد فترة عاد مدرسا في الكلية الأهلية في رام الله، ومدارس البيرة معا، ليحسن من دخله، ومن وضع أسرته المادي، من دون أن يغفل عن حلمه في إكمال دراسته الجامعية.
وحين تيسرت له بعثة للدراسة في الولايات المتحدة الأميركية في العام 1959، بجامعة سانت ماتو (san Mateo)، فوجئ بتدني راتب المنحة، الذي لم يتجاوز 50 دولارا، فاضطر للعمل جليساً لطفل، ليتمكن من دفع رسوم الكلية والإنفاق على نفسه، من دون خجل أو تذمر.
ولعبت الصدفة وحدها، دورا، كي يلتقي برجل أميركي يدعى "نيكولاس هير"، الذي شكل نقطة تحول في حياته، عندما أصر ذلك الرجل، على إلحاقه بجامعة ستانفورد، فأحضر له طلب التحاق بها، وقام بتعبئته، ولم يمض سوى وقت قليل حتى أجابت الجامعة على قبول طلب البعثة.
وبدأت حقبة جديدة من حياة الدكتور علي في تلك الجامعة، حين برزت قدراته ومواهبه العلمية، فاستقطب انتباه أساتذته وزملائه، وظل يحصل على العلامة الكاملة في كل امتحان، وأصبح أساتذته أصدقاء مقربين له، وافسحوا له المجال لتخطي الحدود والقيود الرسمية في التحصيل، فنال شهادة البكالوريوس في سنتين، والماجستير في سنة واحدة، ثم درجة الدكتوراه.
وتجلت عبقرية نايفة بإنجازه جميع مراحل الدراسة الجامعية الثلاث في أربع سنوات، وهو أمر لم يتكرر حتى الآن في أميركا، بحسب تحقيق علمي واستقصائي.
وما يميز نايفة وفاؤه لعائلته، إذ استقدم إخوته الثلاثة للدراسة في أميركا، واحداً تلو الآخر، لافتا إلى أهمية العطاء وإعطاء الآخرين فرصهم، من دون إغفال تنشئة أبنائه وتعليمهم.
ويعتبر نايفة أن أسباب نجاحه، تعود إلى أسرته وزوجته وأساتذته في الثانوية، وإلى ذلك الرجل الأميركي، الذي شجعه على إطلاق إبداعاته العلمية، إضافة إلى عمله في الشركات الصناعية الصغيرة، وتفانيه في العمل، والمشاركة في المؤتمرات.
ولا ينسى نايفة أن يجود بعلمه وخبراته لأبناء عروبته، إذ ساهم في تأسيس كلية الهندسة في جامعة اليرموك في مطلع الثمانينيات، وكان نائبا لرئيس الجامعة لشؤون الهندسة فيها، ومشجعا للبحث العلمي، وداعما للشباب الباحثين، معنويا وماديا.
وصار نايفة أشبه بالينبوع المتدفق إلى جميع الجهات، بإشرافه على تخريج 66 طالب دكتوراه، وما بعدها في حقول الهندسة والرياضيات والفيزياء، ومنهم 35 طالبا من المنطقة العربية.
غير أن الإنتاج العلمي، يظل أحد "أشرف الثروات والعائدات" وفق نايفة، ففي حقله أسس وأبدع، فغدا مرجعا للدوائر الأكاديمية والبحثية، وزينة المحافل والمؤتمرات العلمية والهندسية، على الرغم من تقاعده العام الماضي من جامعة فيرجينيا، بعد أن قضى فيها ما يزيد على 30 عاما.
المصدر: الحقيقة الدولية – الغد - حنان الكسواني 23.3.2011
أضيف بتاريخ:3/23/2011 11:27:23 AM