صبحية بلعوس، أبي عوض بلعوس، من سعسع.
في البلد كنا فلاحين، نزرع ونحش ونزرع دخان... كنا نخبز على الصاج بالبيت.
لما طلعت من فلسطين كنت مولّدة 4 أولاد، كنت مخلّفة عائشة وسعاد وعلي، علي كان باللفة وعمره الآن من فوق الـ 60 سنة.
زوجي عبد الرازق مشعل من سعسع أيضاً. كنا نعشّب وونحَضِّر للبقر ونرعى الجمال والأبقار.
سنة 1948 جاء جيش الإنقاذ الينا ليلاً وأحضروا تموين لهم وتركوه عندنا.. مرة جاء واحد وعمل حاله بيشتري بيض وسأل ولد وقال له لماذا ليس عندكم حراس، فأجابه: نعم ليس عندنا حراس، لا أحد يقوم بدور الحراسة في البلد. وإذ باليهود جاءوا من ناحية مدينة صفد باتجاه بلدنا، وقامت بتلغيم البيوت والناس نائمة، فاستشهد يومها 12 شخص من أهالي القرية، فهجّرونا فقال لي أخوتي إن صفد سقطت وها هم اليهود يطلقون النار علينا. فهاجرنا إلى الحدود بين فلسطين والرميش (جنوب لبنان) تحت الزيتون، بقينا بضعة أيام ثم ذهبنا الى الرميش بلد المسيحيين، بقينا بضعة أيام هناك وكانوا يبيعونا الماء بيع، ثم نقلونا الى منطقة المعشوق في مدينة صور ثم القرعون ثم هنا الى المخيم (نهر البارد).
كنا مع أهل الرميش على حدود بعض.
أخوالي من دار وهبه ولاد محي الدين ماتوا بطرابلس... وبعضهم بالبداوي ساكن... ومعظم أقاربي ماتوا قبل ما أوعى.
كنا صحيح نعمل ونشقى ولكن كنا مبسوطين... نزرع ونحصد، زيت القلي لم نكن نعرفه، كل شيء كان يُطبخ بزيت الزيتون.
أنا كنت أرعى الجمل، كانوا أخوتي يرسلوني لسقاية الجمل فكنت أركبه، وأرعيه..
لا أعرف القراءة والكتابة، لم يكن عندنا مدارس، كان من يريد التعلّم يذهب الى صفد وحيفا... كنا نزرع ونحصد العدس والحمص والقمح والكرسنة...
من عائلات سعسع، دار أبو فوزي، دار عبد الرازق عبد الغني، دار محي الدين والوهابنة... بلدنا صغيرة..
مختارها كان زيدان وهبي، ومات ثم استلم إبنه ثم مات.. وحولنا دار محمود زهرة ودار القاضي ودار نظيرة وأولادها.. كنا بلد واحدة وكلنا إسلام...
كنت أذهب إلى صفد مع زوجي على الحمار... زوجي وعمي (والده) يذهبون على الحمار ليصلوا الجمعة بصفد..
جاء الإنجليز أيضاً الى بلدنا... جمعوا رجال القرية ونساءها عند المختار محاسن (إبن خالتي) وقالوا للمختار: نريد سيّدة جيدة، فقامت النساء بتشحير (شحبرة بالفحم) حالها وأصبحت الوانهم سوداء حتى لا يختاروها.
كان الانكليز يجمعون الرجال بالبيادر، ويطلقون النار على بعضهم... وكانوا أيضاً يهدمون البيوت..
إذا صح لي العودة الى بلادي برجع طبعاً... كنت مبسوطة ببلدي الناس كانت حنونة وبتسأل على بعضها البعض أكتر من الآن...
"بحب أرجع على بلدي... على زيتوناتنا وأرضنا"