يجسد المسن سالم عواد أبو عمرة " 75 عاما " في تنقلاته وهجراته القضية الفلسطينية وحق العودة ، الذي تحارب فيه إسرائيل الشعب الفلسطيني بمزيد من الاستيطان وتقطيع أواصر الضفة الغربية وتشديد الحصار على قطاع غزة .
في الصف الأول الاعدادى داخل مدرسة بنات دير البلح الإعدادية ، يجلس أبو عمرة على فرشته التي حملها من منزله قبل الخروج منه ، بعد نزوحه برفقة ألاف المواطنين من سكان المنطقة الشرقية في دير البلح ، ويتأمل الأطفال الذين يلعبون أمامه برفقة ذويهم مع أحفاده وأبنائه .
أبو عمرة الذي لا يتذكر تاريخ ميلاده بالتحديد ، قال انه عاش بداية حياته في بئر السبع مع أسرته ، حيث كان عمره في ذلك الوقت 10 سنوات ، واستذكر أول هجرة له من بيته قائلا " هربنا من بيوتنا نتيجة القصف من الطائرات الإسرائيلية على منازلنا ، حيث أقام اليهود الحواجز على الطرقات لقتل الشباب ، فكنا نهرب من الجيبات العسكرية ونسير في طرق وعرة تجنبا للقتل ".
واستشهد والده في طريق رحيلهم من بلادنا المحتلة لقطاع غزة ، حيث أطلق جنود الاحتلال النار عليه وعلى الجمال التي كانت معه واستشهد على الفور ، ثم عاد أبنائه إلى بلادهم لدفن والدهم ثم توجهوا لغزة ، واستقر في مواصى خانيونس وعمل مزارعا طوال حياته .
وتزوج أبو عمرة بتاريخ 17/8/1957 ، حيث كان عمره 20 عاما ، ويبلغ عدد أبنائه وأحفاده حتى ألان 36 فردا ، ويبلغ عمر ابنه الأكبر 60 عاما ، حيث توفى في حادث سير قبل 4 سنوات في حادثة طرق على شارع صلاح الدين بدير البلح .
واستذكر سجنه داخل منزله الذي يقيم فيه شرق دير البلح ، حيث قال " بداية الانتفاضة الثانية عام 2000 ، كنت اسكن بجانب مستوطنة كفارداروم شرق دير البلح ، حيث عشت حياتي في سجن كبير نتيجة منعنا من التحرك بجانب المستوطنة بعد الساعة الرابعة عصرا ، بعد إبلاغنا عبر مكبرات الصوت من داخل المستوطنة، وعشنا على هذا الحال خمسة سنوات ، وعندما يخرج مريض من ابنائى مضطرا في الوقت الممنوع يحمل فانوس إنارة وإشارة بيضاء ، ولا يعود للمنزل لتأخر الوقت ،وتم إحاطة منزلي بسواتر ترابية " .
وهاجر أبو عمرة للمرة الثانية من منزله بداية حرب 2008 على قطاع غزة إلى منزل أقاربه المتواجدين في منطقة الحكر بدير البلح ، نظرا لكثافة الصواريخ التي سقطت بجانب منزله ، وسقوط عشرات الشهداء بجانب منزله خلال اشتباكات وعمليات استشهادية طوال أيام الحرب التي امتدت 21 يوما .
وكرر أبو عمرة هجرته الثالثة في الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة أيضا عام 2012، حيث غادر منزله متوجها للمدارس التي تمت افتتاحها لاستقبال النازحين غرب دير البلح .
ومنذ بداية هذه الحرب أيضا اضطر أبو عمرة للهجرة من منزله للمرة الرابعة نظرا لتواجد منزله في مرمى نيران قذائف الدبابات الإسرائيلية ، المتواجدة شرق دير البلح برفقة أبنائه وأحفاده مرة أخرى .
وقال أبو عمرة " بدى ارجع لدارى لو كانت خراب وركام ودمار ، وأنا بعرف انه بيتي تم تدميره خاصة انه من الاسبست ، وخرجنا منه بسيارات الإسعاف " .
وأشار أبو عمرة في حديثه أن أصعب حرب شاهدها في حياته هي حرب عام 1956 ، حيث كان الاحتلال الاسرائيلى يشعل النار في الشباب بقطاع غزة ويقتلهم بعد ذلك .
وأكد أبو عمرة أن الحرب الحالية هي أصعب وأسوأ الحروب التي عاشها في حياته ، حيث يتم هدم المنازل على رأس ساكنيها ، مؤكدا انه لو تمت هجرة أخرى سيبقى في بيته ليموت فيه .
المصدر: دنيا الوطن