
(حطة وعقال ب 3 قروش، والعرص بيلبس طربوش) هذا ما بقينا سنوات نردده في حارات الخليل ونحن أطفال، أغاني تناقلناها بالذاكرة بسبب مآسي الاحتلال، هذه الكلمات التي رددها الأطفال كأغنية بعد أن رفض بعض رجال المدينة لبس الحطة والعقال، بعد قرار الثورة التي اندلعت عام 1936م، بضرورة خلع الطرابيش واستبدالها بالحطة من أجل تمويه جنود الانجليز عن نشاط مقاتلي الثورة الذين كانوا يلبسون الحطة والعقال.
بعد حرب النكبة عام 1948م عاشت المنطقة كسادًا اقتصاديًا كبيرًا، فالموانئ وسكك الحديد والطرق والمطارات التي كانت تربط فلسطين بالمحيط قطعت، كان على الناس التأقلم مع واقع جديد والبحث عن سبل جديدة للحياة، عمل والدي تاجرًا للأغنام، وكانت سهول فلسطين الغربية كنزًا غذائيًا لمربي المواشي، بعد الاحتلال كنت قد أنهيت الابتدائية وخرجت للعمل مع والدي، كنا في الشتاء نعزب مع المواشي في الخان الأحمر والغور من أجل الطعام والماء، وما أن ينتهي موسم الربيع هناك نعود أدراجنا نحو الخليل، التي يكون فيها موسم الربيع بدأ، هذه جغرافيا فلسطين التي تهبنا كل شيء بتنوع مدهش.
ذكرياتي عن البلاد رغم قساوة الماضي تحمل شيئًا مبهجًا، أغاني موسم النبي موسى والنبي روبين، قطعان الأغنام التي كانت تأتينا من سوريا، مقاهي الخليل الزاخرة برجالها، شكل المظاهرات التي كان يتفاعل معها الناس، لا أنسى كيف كان الشبان نهاية الخمسينيات يجرون معهم كلبًا ميتًا في المظاهرة التي اندلعت في باب البلدية القديمة باتجاه مقر الجيش الأردني للمطالبة بتعريب الجيش ورفض الإدارة البريطانية فيه، بعد أن كان أبو حنيك (كلوب باشا) هو المسؤول الأول عن نكبة بلادنا.
جانب قصير من اللقاء الممتع مع السيذ محمد بركات داوود العويوي، مواليد مدينة الخليل عام 1944م، الشكر موصول له ولعائلته على حسن الضيافة والاستقبال.
المصدر: نادي الندوة الثقافي
18/07/2025

