عائلة بشارة بحبح.. من القدس إلى يافا فالشتات: حكاية نجاة وأمل

تاريخ عائلة بحبح المقدسية يختصر الكثير من فصول النكبة الفلسطينية وما حملته من فقدان وتهجير، لكنه يكشف في الوقت ذاته عن صمود وإصرار على التمسك بالحق.
وُلد الدكتور بشارة أسعد رزق عيسى بحبح عام 1958 في البلدة القديمة بالقدس، من أب مقدسي هو أسعد بحبح الذي عمل حلاقاً، وأم يافاوية تنحدر من عائلة ثرية. لكن جذور العائلة تأثرت مبكراً بأحداث جسام، أبرزها تفجير فندق الملك داود عام 1946. في ذلك اليوم المشؤوم، كان والد بشارة في محله داخل الفندق، وعندما حذرته سيدة مجهولة من قرب وقوع انفجار، قفز من الطابق الثاني ونجا بأعجوبة، فيما أودى التفجير بحياة 71 شخصاً بينهم 41 فلسطينياً. الحادثة كانت نقطة تحول دفعت العائلة بعد عامين للنزوح إلى الأردن حيث أقامت في مخيم الزرقاء للاجئين.
عاد أفراد العائلة إلى القدس بعد عامين، ليواجهوا حياة صعبة اتسمت بالفقر والاكتظاظ. يروي بشارة طفولته قائلاً: "كنا تسعة أشخاص ننام في غرفة واحدة بلا ماء ولا كهرباء. كنت أدرس تحت ضوء فانوس، وعندما كانت الأمطار تتسرب من السقف تمتلئ الغرفة بالدلاء لالتقاطها".
إلى جانب هذه المعاناة، حملت العائلة معها إرثاً من الأراضي والممتلكات. فجَدّ بشارة من جهة الأم امتلك مع شقيقه بستاناً مساحته 68 دونماً قرب يافا، وما زالت وثيقة الملكية وخريطة الأرض محفوظة لدى العائلة حتى اليوم، رغم أن الأرض صودرت وأقيم عليها مستشفى إسرائيلي. وبحسب التقديرات الحالية، فإن قيمة هذه الأرض تتجاوز مئة مليون دولار.
أما بشارة نفسه، فقد غادر فلسطين عام 1976 إلى الولايات المتحدة حيث درس وتخصص في مجال الاستثمار والتمويل وإدارة الثروات، ليصبح أستاذاً جامعياً مرموقاً. لكنه ظل يعرّف نفسه دائماً بأنه "لاجئ وابن لاجئين"، رافضاً التخلي عن ذاكرته وروايته.
تزوج بشارة من الأميركية Heather Del Parsons عام 1983، وأنجب أربعة أبناء: ليلى جين، أسعد فيكتور، جبران رونالد، ورمزي روبرت. فيما رحل شقيقه أنطون أسعد بحبح مبكراً، تاركاً فراغاً في ذاكرة العائلة.
قصة عائلة بحبح ليست مجرد سيرة شخصية، بل نموذج لعائلات فلسطينية فقدت بيوتها وأراضيها لكنها احتفظت بالأمل والوثائق لتورث أبناءها الحقيقة والحق. ومن القدس إلى يافا إلى الشتات، تبقى هذه الحكاية شاهداً على أن النكبة لم تمحُ الذاكرة، وأن الفلسطيني أينما حلّ يحمل معه جذور أرضه ووثيقة ملكيته.
