من إجزم" إلى مخيم اليرموك.. حكاية صبرٍ وتضحية لم تنتهِ بعد
الحاج حسن أحمد عبد الحفيظ
دمشق - 18/10/2025
هوية – فدوى برية
في ظهيرة يوم السبت الثامن عشر من تشرين الأول، زار وفد "هـويـة" الحاج حسن أحمد عبد الحفيظ (أبو عماد)، من مواليد 1936، في منزله بمخيم اليرموك – شارع فلسطين.
استقبلنا ابنه عماد وزوجته وابنته الكبرى التي رافقته خلال اللقاء وساعدته في استعادة بعض الصور والذكريات، نظراً لوضعه الصحي.
بدأ الحاج حديثه بتعريفٍ بسيطٍ يحمل فخراً ووجعاً معاً:
"أنا حسن عبد الحفيظ، ابن المجاهد أحمد عبد الحفيظ، أصيب وهو يقاتل مع الثوار دفاعاً عن إجزم، قبل خروجنا عام 1948."
بصوتٍ متأثر وعيونٍ لم تغب عنها ملامح القرية، استعاد الحاج طفولته في إجزم، بين حاراتها وبيوتها البيضاء، وجيرانٍ عاش معهم أيام الطفولة البريئة، قبل أن تتحول القرية إلى ساحة معركةٍ واحتلال.
تحدث عن الخروج القسري من البيت مع والدته وإخوته بعد استشهاد والده، وعن رحلة اللجوء التي حملت لهم الشقاء والعذاب حتى الوصول إلى سوريا، حيث استقرّت العائلة في مخيم اليرموك.
لم يستسلم الحاج حسن لمرارة اللجوء، بل تابع دراسته حتى نال شهادة الثانوية العامة، والتحق بـ قسم التاريخ في جامعة دمشق، لكن ضيق الحال اضطره لترك الجامعة في عامه الثاني والبحث عن عمل، فالتحق بوزارة الدفاع، حيث استمر موظفاً فيها نحو أربعين عاماً.
ومثل كثيرٍ من أبناء جيله الذين أرادوا أن تبقى فلسطين حاضرة في كل ميدان، حمل حلمه في قلبه وسعى أن يرفع اسمها في الرياضة، فالتحق عام 1960 بـ نادي بردى (الميدان سابقاً) ولعب ضمن المنتخب السوري، ليصبح أحد اللاعبين الفلسطينيين المميزين في تلك الفترة.
ظل الحاج حسن مرتبطاً بالعمل الوطني والاجتماعي، فعُيّن أمين سر النادي العربي الفلسطيني في مخيم اليرموك، واستمر في نشاطه حتى اضطر للخروج من المخيم نهاية عام 2011 بسبب الحرب.
كوّن أسرةً كريمة، رزقه الله بالأبناء والبنات، وله اليوم ثلاثة عشر حفيداً يورّثهم حكايات القرية والوطن والذاكرة.
وبين الحديث والحديث، يبتسم تارة ويغالب الدموع تارة أخرى كلما ذكر إجزم، القرية التي لا تغيب عن وجدانه، قائلاً:
"إذا ما رجعت إلها أنا، بيرجعوا أولادي وأحفادي... إلنا وطن اسمه فلسطين، وقرية اسمها إجزم."
رغم مرور العقود، ما زالت إجزم في ذاكرة الحاج حسن، رمزاً للصبر والتجذر، ووصيةً خالدة من والدٍ إلى أبنائه: أن تبقى العودة حاضرة في الوجدان، وفاءً لدماء الشهداء وتضحيات الأجداد.
