هوية تلتقي شاهد النكبة الحاج مصطفى حماد السماعنة من قرية بير ماعين
عمّان – 4 تشرين الثاني 2025
التقى مندوب هوية في الأردن، يوم الاثنين الموافق 4/11/2025، بالحاج مصطفى محمد علي حماد السماعنة في منطقة سحاب، وهو من مواليد عام 1943 من قرية بير ماعين قضاء الرملة، وذلك ضمن سلسلة اللقاءات التوثيقية لشهود النكبة.
استعاد الحاج مصطفى ذكرياته عن قريته بير ماعين، الواقعة عند نهاية سلسلة جبال القدس وبداية السهل الساحلي، والتي تمتاز بمناخها المعتدل وطبيعتها الجميلة وكثرة عيون المياه فيها. وأشار إلى أن القرى المجاورة كانت صفا، بيت سيرا، البرج، وبرفيليا، وأن اسم القرية ارتبط بوفرة ينابيعها.
تحدث الحاج مصطفى عن نمط الحياة في القرية قائلاً إن بيوتها كانت مبنية من الحجر والطين ومغطاة بالبوص والخشب، ولكل بيت "حوش" كبير لتربية الدواب والطيور. وكان في القرية مضافة كبيرة يجتمع فيها الرجال مساءً للسمر واستقبال الضيوف، كما وُجدت فيها مقامات أولياء مثل مقام النبي معين، وعدد من الخرب الأثرية القديمة.
وأضاف أن القرية ضمّت مدرسة لتعليم القرآن والقراءة، ثم أُنشئت مدرسة نظامية حتى الصف السادس، كان يُدرّس فيها المعلمان محمد شعبان والشيخ حسين حماد. كما أُسس فيها عام 1932 النادي الهاشمي الرياضي بمشاركة عدد من أبناء القرية مثل محمد ذيب وإخوانه ومن دار خضر ومطير.
وفي حديثه عن الحياة الاقتصادية، أوضح أن أهالي القرية كانوا يعتمدون على الزراعة، حيث زرعوا مختلف أنواع الحبوب والأشجار المثمرة مثل التين والعنب والصبر، كما اشتهر بعضهم بتربية النحل. وأشار إلى أن جده استُشهد عام 1910 في تركيا، بينما عمل والده في الزراعة.
واستذكر الحاج مصطفى الأجواء الاجتماعية في القرية قائلاً:
"في رمضان كنا نجتمع في ساحة المسجد لنتناول الإفطار جماعي، ويوم العيد نزور بعضنا البعض، أما الأعراس فكانت تُقام في الصيف وتستمر ثلاثة أيام تتخللها السامر والدحية."
وعن أحداث النكبة، روى الحاج مصطفى أن الهجمات الصهيونية بدأت من جهة الساحل، فقام الأهالي بتأمين النساء والأطفال وكبار السن في منطقة كرم حماد شرق القرية، بينما بقي الشباب للحراسة بأسلحة بسيطة. وبعد ثلاثة أشهر وصلت القوات العربية وطلبت من الشباب الانسحاب مؤقتاً على أن يعودوا بعد أسبوعين، لكنهم لم يتمكنوا من الرجوع، إذ ارتكب الاحتلال مجازر بحق من بقي في القرية.
وأضاف بأسى:
"بريطانيا لم تكن محايدة، بل سلّمت فلسطين للصهاينة، وبعد أن أدركنا أن العودة مستحيلة، لجأنا إلى كهوف نظفناها وسكناها، ثم انتقلنا إلى يالو ومنها إلى صفا، حيث تابعت دراستي الإعدادية، ثم التحقت بمعهد صناعي في قلنديا ودورة مهنية في بيروت تخصصت فيها بتصنيع المعادن."
تابع الحاج مصطفى حياته العملية في الكويت حتى عام 1991، ثم انتقل إلى الأردن حيث أسس مصنعاً لتصنيع خزانات المياه مستخدماً آلات من صنع يده، ولا يزال يعمل فيه حتى اليوم.
وختم حديثه قائلاً:
"بير ماعين لا تفارق ذاكرتي، خاصة أيام الربيع وخيراتها. فلسطين أرض لا يجوع فيها أحد، ومستعد أرجع ولو حبّي. يوم وفاة والدي، عدت إلى فلسطين لحضور جنازته، وكنت مريضاً، لكن ما إن دخلت أريحا حتى عادت إليّ الحياة... فلسطين هواؤها يردّ الروح."
