عادل الترتير (14 أغسطس 1951 – 10 يوليو 2025) هو فنان مسرحي فلسطيني، يُعد أحد رواد المسرح في فلسطين، حيث ساهم في تأسيس فرقة بلالين عام 1971، وفرقة صندوق العجب عام 1976، وكان من أبرز أعماله مسرحية «المونودراما راس روس» التي قدمها عام 1980.
حياته
ولد الترتير في مدينة رام الله لعائلة فلسطينية مُهجرة من مدينة اللد وتسكن في قرية رافات قرب القدس. عاش الترتير مع عائلته في سقيفة (زينكو) وهذا ما أثر على طفولته وارتباطه بالواقع الفلسطيني، حيث كانت تجربته الأولى في الخيال مع الطبيعة عندما سمع صوت المطر على سقف الحديد، إضافة للحكايا التي كان يسمعها في مضافة والده ومن هنا تشكلت لديه الخلفية الأولى للحكاية والمسرح. ثم بدأ بتقليد الشخصيات والرسم والنحت وحوّل فضاء السقيفة التي يعيش فيها إلى مسرح عبّر فيه عن أحداث النكبة والنكسة.
عادل الترتير...جمعٌ بصيغة المفرد
كان هادئاً، طيباً، متواضعاً، بشوشاً، يشع وجهه بقبس من النور والخجل الشفيفين، وتحمل شارباه الكثّان المتصلان بشعره الأبيض الطويل سمات مرحلة لم يشأ لها أن تنتهي، وهوية تنتمي لزمن جميل مضى كانت تُشق فيه الطرقات الوعرة، من أشخاص مفعمين بالشغف وممتلئين إيماناً بقدرتهم على الفعل والتغيير وتوسيع فضاءات الحرية في المخيلة والحلم، وفي الأرض وعليها. كانوا معاً يصنعون تاريخاً كبيراً دون أي ادعاء أو تعالٍ.
كنت غالباً ما ألتقي به ظهر أيام الجمعة عند مسمكة فلسطين في رام الله، ونتبادل تحية وأمنيات سريعة.
من الصعب تتبع مسيرة الحركة المسرحية الفلسطينية المعاصرة دون الإتيان على ذكر اسم الفنان عادل الترتير في محطات أساسية ومفصلية منها. ويبدو لي أن أحداً من زملائه المسرحيين المؤسسين حظي بمثل مسيرته المسرحية من حيث استمراريتها أكثر من نصف قرن دون كلل أو ملل أو تراجع.
كان الفنان عادل الترتير عضواً مؤسساً لفرقة "بلالين" التي انطلقت بعد العمل المسرحي "قطعة حياة" الذي قدمه فرانسوا أبو سالم في المدرسة العمرية في البلدة القديمة في بداية 1972. انضم الترتير لـ "بلالين" إلى جانب فرانسوا مع عدد آخر من الفنانين؛ من بينهم الأخوان إميل وإبراهيم عشراوي، وسامح عبوشي، ونادية ميخائيل، وفيرا تماري، وسهير عبد الهادي، وميلان كيدان، وماجد الماني. وقد جاءت انطلاقة الفرقة مدوية، حيث رأت النور بباكورة أعمالها، مسرحية "العتمة"، والتي اعتبرت فتحاً مسرحياً كبيراً ومدهشاً آنذاك، ولاقت انتشاراً واسعاً، وحازت على احتفاء نقدي كبير في صحف عالمية مثل اللوموند وواشنطن بوست.
وفي العام 1975 ، بادر الترتير مع فرانسوا أبو سالم ومصطفى الكرد وأنيس البرغوثي إلى تأسيس فرقة مسرحية جديدة حملت اسم "صندوق العجب"، والتي كان أول أعمالها مسرحية "لما انجنينا"، قبل أن ينفصل أبو سالم عن الفرقة الفتية، ليؤسس، مع آخرين (إبراهيم خلايلة، وعدنان طرابشة، ومحمد عيد، ومحمد محاميد وإدوار معلم، وجاكي لوبيك)، فرقة الحكواتي المسرحية (1977) التي ستصبح لاحقا المسرح الوطني الفلسطيني، وسوف تواصل تجلياتها وآثارها المترامية على الحركة المسرحية الفلسطينة، عبر التجارب والفرق المسرحية العديدة التي انبثقت منها، ليواصل الفنان عادل الترتير بدوره مسيرته مع فرقة "صندوق العجب" التي ستقدم الكثير من العروض في عقدي الثمانينات والتسعينات، لينتهي به الحال حاملاً التجربة وحده، حتى تماهى اسمه وحضوره مع الفرقة حتى يوم رحيله، بعد أن سخر حياته للعمل مع الصغار، وإسعادهم، وشحذ مخيلاتهم، ومحاولة إدهاشهم في زمن تتراجع فيه الدهشة (بشكل مدهش).
منقول
