هي مُلهمته ومن حجارتها وبنيانها وازقتها وناسها ومن البلد يروي اخبار البلد ليحكي عن القدس ويُحاكي من فيها، يحترم رسالة القلم ويؤمن بأن الكلمة أمانة. فنانٌ في تأطير الموضوعات وفي كتاباته سُلطة وفي صدق قلمهِ أمانة ضمير، في القدس يكتب وللقدس يعظ ومن القدس يستلهم.
هو الكاتب والصحفي المقدسي خليل العسلي: منذ اكثر من ثلاثين عام وهو يمارس مهنة الصحافة، مؤسس وناشر شبكة اخبار البلد المقدسية. له عدة مؤلفات وكتاب حكايات باب العامود قيد النشر.
يتحدث ابن القدس خليل العسلي عن القدس وحكاياته فيها:
القدس عندي هي حكاية لا نهاية لها ، حكاية مستمرة منذ الاجداد وسوف تستمر بعد الاحفاد ،فهي حكاية مدينة لا تعرف الهدوء ولا تعرف الراحة ، مدينة اتعبها الغزاة فاهلكتهم ،مدينة تعشق ابنائها ولكنها لا ترحمهم ، فهي مدينة ذات الف حكاية وحكاية. القدس هي اكثر من قدس واكثر من حكاية، فكل مقدسي له قدسه الخاصة به،
هذه الاقداس تشكل فيسفساء القدس الام التي نعيش فيها جسديا وروحيا، فهناك في القدس من يسمع حجارتها تناجيه وتعاتبه ان نام خارج اسوارها ،
وهناك من يؤمن ان القدس ملعونة منذ الازل ورغم ذلك يعشقها ولايستطيع ان يتنفس الا بها،،ها هي القدس بكل الوانها واطيافها تشكل حكاية مدينة لا يعرفهاالكثيرون !!!!
القدس في الماضي ، قد يقول قائل إنها كانت اجمل ! وكانت ذات طيف ولون
واحد في اطارعشق المدينة، وهو بهذا قد يكون اصاب جزءا من الحقيقة ،
فلقد كانت القدس في الماضي مركز الحضارة ومركز النور الانساني ، كما كانت مركز الثقافة والصحافة،
وهنا اتذكر ما قاله لي ابن القدس البار والذي لم تنساه المدينة ولا اهلها انه المرحوم الاستاذ كما كان يحب ان يطلقوا عليه الصحفي الاول في القدس الكاتب ناصر الدين النشاشيبي، والذي خصص عشرات الكتب فقط للحديث عن القدس !! فلقد قال لي في احد الجلسات من مئات الجلسات التي جمعتني به عبر سنوات طويلة في قصره في حي الشيخ الجراح والذي يعتبر وبحق متحفا يستحق ان يولى الاهتمام به وبتراث النشاشيبي من اجل الاجيال القادمة العاشقة للقدس: إن حلم كل صحفي عربي كان ان ياتي إلى القدس للعمل في مجلاتها وصحفها ، حتى تكون هذه التجربة بالنسبة له مفتاح النجاح في عالم الصحافة في العالم الاكبر ، ويذكر كيف ان المرحوم الصحفي اللبناني سليم اللوزي حارب من اجل العمل في الصحف المقدسية والمجلات قبل ان يخرج الى العالم صحفيا معروفا.
القدس كانت تعج بالصالونات الثقافية الفنية المعروفة والتي كانت محج المفكرين والشعراء والادباء العرب بحثا عن لقاء بأديب العربية اسعاف النشاشيبي او الاستاذ خليل السكاكيني، وغيرهم من ادباء العالم العربي ، كما لا ننسى ان كبارالفنانين والفنانات في العالم العربي كانوا يحرصون كل الحرص على اقامة حفلاتهم الاولى في القدس بحثا عن الشهرة العالمية.
القدس اليوم، قدس مهلهلة تسير بلا بوصلة باحثة عن اتجاه في عالم متغير ، الغريب فيه متحكم والقريب فيه ضائع باحث عن تاريخه وعن جذوره فلا يجدها ، فكل ما في المدينة تغير، واختفت القدس التي يعرفها الاباء وحتى الاحفاد، واصحبنا امام مدينة معلقة بين السماء والارض. مدينة تتلاطمها امواج التغيير القوية التي اضعفت صخور الصمود، فاصبحنا امام مدينة بحاجة الى ابنائها الضائعين واللاهثين وراء متطلبات الحياة محاولين خلق عالمهم بدون جذور، فضاعوا واضاعوا المدينة.
اما المسؤولية فإنها تقع على عاتقنا جميعا ، على عاتق كل من يتنفس بهواء القدس ، كل من يعرف الواقع ويتاجر باسم القدس، المسؤولية تقع على عاتق الجاهل الذي يحاول ان يسوق نفسه بانه عالم وانه الخبير وانه المثقف وانه المنقذ، وهو في الواقع لا شيء سوى فقاعة هواء سوف تلفظه القدس قريبا ، فهي مكشوف عنها الحجاب ، وكما قال ذلك الصديق الفنان ان القدس مباركة لا سر فيها ولا شيئ يبقى خفيا فيها.
كلمة اخيرة اقول ارحموا القدس حتى ترحمكم احبوا القدس حتى تحبكم فهي كريمة على ابنائها وهي حنونة على من اخلص لها ويجب ان لا ننسى انها اقرب نقطة الى السماء.
مجلة القدس بتجمعنا
