المقاومة الشعبية... أبواب الحرية في وجه العنصرية
في مشهد متحول على الساحة الفلسطينية، كانت المقاومة الشعبية مرحلة جديدة تتوازى مع المقاومة العسكرية التي استمرت منذ انطلاقة انتفاضة الأقصى عام 2000، إذ لم تكن للأولى مساحة نظرا للبطش الإسرائيلي والقصف والقتل المباشر الذي كان متبعا في سنوات الانتفاضة، فكانت انطلاقتها عام 2002 في جيوس قرب قلقيلية وقرى شمال غرب القدس.
غير أن فعاليات المقاومة الشعبية وجدت طريقها للنور في عام 2005 وانطلقت في إطار لجان شعبية لمناهضة الجدار والاستيطان.
وتنتشر أشكال المقاومة الشعبية في أرجاء الضفة المحتلة في محاولة لتحدي الاحتلال ومشاريعه الاستيطانية التي تلتهم أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية، فيما تحاول اللجان الشعبية أن تنظم الفعاليات التي تدعم صمود المزارعين الذين تعرضت أراضيهم للمصادرة.
الجدار مفجرها
ولعل بناء الاحتلال لجدار الفصل العنصري الذي التهم عشرات آلاف الدونمات الفلسطينية وعزل القرى عن بعضها وشوّه الامتداد الجغرافي للضفة؛ كان سببا رئيسيا في انطلاق الفعاليات الشعبية لمقاومته ومحاولة إجبار الاحتلال على إزالته.
ويقول راتب أبو رحمة من لجنة مقاومة الجدار والاستيطان في بلعين إن انطلاق الفعاليات الشعبية جاء كردة فعل غاضبة من الجماهير التي لا تمتلك أي سلاح سوى النزول والاحتجاج السلمي في وجه ممارسات الاحتلال التي تكللت ببناء الجدار واستمرار الاستيطان، فكانت قرية جيوس ومناطق شمال غرب القدس من أوائل تلك النقاط، ثم لحقت بها بلعين وما بعدها.
ويوضح أن تلك المسيرات السلمية تحولت فيما بعد إلى مواجهات أسبوعية بعد قمع الاحتلال للمسيرات التي يشارك فيها مواطنون ومتضامنون أجانب وشخصيات دولية وحقوقية، فكان الجدار الذي التهم آلاف الدونمات من أراضي المواطنين في الضفة الغربية جريمة انتفضت الجماهير وصدحت بصوتها رفضا له وللممارسات الاستيطانية.
ويضيف: "المسيرات الشعبية استطاعت أن تعيد للمواطنين أكثر من 1000 دونم من أراضيهم التي نهبت في بلعين غرب رام الله، كما أن الانتصار المعنوي بفعل هذه المقاومة كان له الأثر البالغ في انتشار المسيرات الأسبوعية التي امتدت إلى مناطق في رام الله وبيت لم والخليل وقلقيلية وطولكرم".
وتعتبر قرى بلعين ونعلين والنبي صالح في رام الله والمعصرة ووادي رحال والولجة في بيت لحم وجيوس وكفر قدوم في قلقيلية وقرية جبارة في طولكرم وبيت أمر ويطا والبلدة القديمة في الخليل وبورين وعراق بورين في نابلس؛ مناطق وصلتها المقاومة الشعبية والمسيرات التضامنية نصرة للمواطنين وحماية الأراضي من الاستيطان.
أشكال متعددة
وتتنوع أشكال المقاومة الشعبية بين لجان لمناهضة الجدار وأخرى لمناهضة الاستيطان وثالثة مشكلة من شباب ضد الاستيطان وغيرها من لجان مقاطعة البضائع الإسرائيلية ولجان مقاطعة الأكاديميين من جامعات الاحتلال، وتأخذ تلك العناوين أشكالا وأساليب متنوعة.
ويقول الناشط عيسى عمرو من شباب ضد الاستيطان في الخليل: "شكلنا هذا التجمع لفضح ممارسات الاحتلال والمستوطنين في البلدة القديمة من الخليل من خلال تحركاتنا السلمية وتوثيق الاعتداءات بالكاميرات والتواصل مع المؤسسات الدولية والحقوقية وتعزيز صمود أهالي البلدة القديمة المستهدفين بالترحيل لصالح المستوطنين".
ويرى عمرو أن الاحتلال لا يروق له تشكيل مثل هذه المجموعات الشبابية التي تقوم بدور فضح ممارساتها أمام دول العالم خاصة الغربية منها، سواء عبر نشر مقاطع مصورة عن اعتداءاته ضد الأطفال الفلسطينيين أو استيلائه على المنازل في وضح النهار أو استهداف مستوطنيه لأهالي البلدة القديمة في الخليل والقدس المحتلة.
ويؤكد أن ممارسات "همجية" تعرض لها أفراد مثل هذه التجمعات من قبل جنود الاحتلال، حيث وفي كل فعالية يتم قمعهم واعتقالهم والاعتداء عليهم بالضرب وسجنهم ضمن أحكام معينة بتهمة ما يسمى "إعاقة عمل الجنود"، وهو الأمر الذي يعني التصدي للاعتداءات اليومية.
من جانبه يقول صلاح الخواجا من اللجان الشعبية: "ابتكرنا أفكارا كثيرة للفت أنظار العالم إلى معاناة الفلسطينيين على يد الاحتلال، فكانت المسيرات الشعبية ورفع الشعارات بعدة لغات وحمل مجسمات تجسد واقعا وحدثا يمر على الفلسطينيين في كل مسيرة وكانت هناك لجان للتضامن مع الأسرى وإعلان مسيرات شعبية أسبوعية نصرة لهم، وفي ملف مقاطعة البضائع الإسرائيلية فاجأنا الاحتلال بتواجدنا بشكل مجموعات داخل مركز تسوق "رامي ليفي" شرق رام الله ورفعنا أعلاما فلسطينية وشعارات تطالب بمقاطعة بضائع المستوطنات".
وأكد الخواجا أن المقاومة الشعبية لا يجب أن تقتصر على شكل معين أو أن تتحول إلى جملة من البيانات والتصريحات والإدانات، بل أن تقود المواجهة المباشرة مع المحتل في كل أماكن الضفة كي يُجبر على التراجع عن مخططاته، مضيفا أن قرية باب الشمس التي أقامها النشطاء شرق القدس كانت ذروة أشكال المقاومة الشعبية عبر إقامة خيام للفلسطينيين في أراض ينوي الاحتلال أن يشيد فيها مشروعا استيطانيا هو الأخطر على الإطلاق.
ويتابع: "باب الشمس جاءت فكرة نوعية في أساليب المقاومة الشعبية، ونحن نرى أنها وسيلة ناجحة رغم أن الاحتلال أزال الخيام وقمع النشطاء، وسنعمل على إقامة قرى باب الشمس في كل الأراضي المهددة بالمصادرة أو التي أعلنها الاحتلال عسكرية مغلقة في محاولة لتنفيذ مشاريعه التهويدية".
المصدر: فلسطين أون لاين