ياسر قدورةالخميس، 14 يناير 2021 04:56 م بتوقيت غرينتش
عشر سنوات مضت على تأسيس المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية (هوية)، المشروع الذي تطور خلال عقد من الزمن من فكرة إلى مبادرة إلى مشروع وطني له أهداف محددة يسعى لتحقيقها..
والخلاصة المبسطة التي يسعى المشروع لتحقيقها هي تمكين كل فرد فلسطيني من أن يمتلك رواية متكاملة عن أفراد عائلته في فلسطين قبل الاحتلال عام 1948 وطبيعة حياتهم، وتسرد الاعتداءات التي تعرضت لها من العصابات الصهيونية سواء بالتهجير من البلاد أو داخلها أو سرقة الأملاك بل حتى الأذى المعنوي الذي تعرضت له.. على أن تكون هذه الرواية مدعومة بالشواهد والأدلة من حكايات الكبار إلى شجرة العائلة وصورها وكل وثيقة أو ورقة تؤكد انتماءهم للأرض التي أراد الصهاينة الاستيلاء عليها بالسرقة أو بالتزييف والتشويه.
وتسلّح مشروع (هوية) منذ انطلاقته بالعديد من نقاط القوة، فقد اغتنم الشغف الواضح في الوسط الشعبي الفلسطيني بتجميع تاريخ العائلة وتوثيقه بطرق متعددة ومختلفة وإن كانت كلها جهوداً فردية متفاوتة، وكذلك استفاد من عشرات الكتب والأبحاث التي تناولت الموضوع سواء بشكل جزئي أو كانت مخصصة للعناية بجانب العائلة الفلسطينية. كما استند المشروع إلى عدد من التجارب في العالم التي استطاعت أن توظف شجرة وتاريخ العائلة لتحقيق أغراض سياسية أو وطنية، لكي يتمكن من توظيف جهوده وبرامجه في خدمة القضية الفلسطينية عموماً وحق العودة خصوصاً.
وواجه المشروع في بداية مشواره جملة من الأسئلة والتحديات على المستوى النظري التي كان لا بدّ من الإجابة عليها وحسمها منذ البداية لينطلق على بينة وهدى من أمره.
المسألة الأولى كانت تتعلق بكثير من العائلات الفلسطينية التي تعود أصولها إلى دول عربية أو إسلامية وجاءت وسكنت في فلسطين قديماً.
هل ستتم الإشارة إلى هذا الجانب وهل تنتقص هذه المعلومة من حقيقة كون هذه العائلات جزءاً أصيلاً من الشعب الفلسطيني؟! القناعة كانت واضحة لدى القائمين على المشروع - خاصة بعد استشارة أكثر من متخصص في هذا الشأن - بأن هذه مسألة طبيعية، فالشعب الفلسطيني مثله مثل باقي شعوب العالم تشكّل من خلال حركة تنقل طبيعية للسكان بين البلدان نتيجة لعوامل اقتصادية واجتماعية وأحياناً مناخية بخلاف عملية "تكوين" الشعب اليهودي باستجلابه من دول متعددة لإحلاله مكان شعب آخر.
المسألة الثانية وترتبط بالأولى بشكل مباشر: من أين نبدأ؟ فهناك الكثير من العائلات لديها حب توثيق نسبها وتاريخها القديم الذي يعود في كثير من الحالات إلى قبائل عربية قديمة أو إلى سلالة بعض الصحابة والتابعين، إلا أن المشروع حدد الهدف الأساس لعمله وهو إثبات انتماء هذه العائلات إلى موطنها الأصلي في فلسطين قبل الاحتلال عام 1948 بهدف استكمال الرواية التي تخولها المطالبة بحق العودة إلى هذا الموطن دون أن الاستغراق في التاريخ القديم، ولكل عائلة الخيار والحرية في متابعة الجهود إلى أي حقبة تاريخية تريد.
والثالثة كانت متعلقة بإضافة الإناث لشجرة العائلة، إذ درجت العادة العربية على إضافة الذكور للشجرة دون الإناث. أما وقد حسم المشروع أهدافه لجهة العمل على تثبيت حق العودة لكل فرد فلسطيني فقد اعتمد أن يكون العمل على إضافة كل الأبناء لهذه الشجرات خاصة أنه ليس هناك مانع شرعي من ذلك، مع مراعاة البيئات المختلفة التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني واختلاف عاداتهم.
انطلق المشروع بداية العام 2011 بمجموعة من البرامج التي خصّصت لمختلف الشرائح العمرية، فوثّق مع كبار السن في بيوتهم وفي المؤسسات ودور المسنين حتى جمع أكثر من 1000 مقابلة ضمن برنامج "التاريخ الشفوي"، وعمل مع الشباب في المدارس والجامعات فدرّب أكثر من 400 شاب وشابة على عمليات التوثيق والعناية بتاريخ العائلة، ونظّم الفعاليات والمعارض ورسّخ فكرة "يوم القرية الفلسطينية" الذي يجمع أهل قرية بعينها على اختلاف أعمارهم ليشاركوا في التعريف عن بلدتهم بتاريخها وأهلها وتراثها.. وكان الحصاد جمع أكثر من 6 آلاف شجرة عائلة وقرابة 28 ألف صورة وتوفير آلاف الوثائق للعائلات والبلدات الفلسطينية.
بعد عقد من الزمن يتأكد مرة أخرى للمشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية أن الهدف المرجو لا يتحقق بجهود فريق عمل المؤسسة لوحده، بل بإشراك الجميع في استكمال المعلومة وتوظيفها لبناء رواية متكاملة لكل فرد أو لاجئ فلسطيني يدحض بها رواية الاحتلال ويثبّت فيها حقه الفردي بالعودة إلى بيته وأرضه في فلسطين.. ولهذا يحرص (هوية) على نشر الفكرة ليتبنّاها كل فرد ويكون شريكاً في المشروع.. وعلى هذا نعمل.
** المدير العام لمشروع هوية