يحيي في هذه الأيام «المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية - هوية» ذكرى تأسيسه العاشرة. هذا المشروع الذي شكل علامة فارقة وطبع بصمته في التراث والذاكرة الفلسطينية، يستحق أن يطّلع القراء على إنجازاته التي تمسّهم مباشرة، والتي ساهم كثير منهم في تحقيقها..
«شبكة العودة الإخبارية» أجرت مقابلة مع مندوب مؤسسة هوية في الأردن الأستاذ ماجد الجمل، وكان هذا الحوار الغني:
نحن أمام مناسبة مميزة وهي مرور 10 سنوات على انطلاقة مشروع هوية. هل لك أن تعرفنا على طبيعة المشروع وأهدافه؟
مشروع هوية يشبه كثيراً من المشاريع والمبادرات التي انطلقت لخدمة القضية الفلسطينية وتحديداً في مجال حق العودة، ولكنه كان مختلفاً ومتفرداً في تخصصه إذ اختار عنوان العائلة الفلسطينية مجالاً أساسياً للعمل. ومنذ التأسيس انطلاق من القناعة بأن المشروع الصهيوني كان يستهدف العائلة الفلسطينية وهي النواة الأساسية للشعب، وروّج لنظرية (أرض بلا شعب) وعمل جاهداً لفرض روايته بأن الفلسطينيين كانوا طارئين على فلسطين وأنهم خرجوا منها طوعاً عام 1948.
فقامت فكرة مشروع (هوية) هلى الاهتمام بتاريخ كل عائلة فلسطينية وتثبيت حقها في موطنها فلسطين عن طريق توثيق الرواية الحقيقية لكل عائلة: المكان الذي كانت تسكن فيه وطبيعة حياتها وما تعرضت له من اعتداءات، ومصير العائلة بعد النكبة عام 1948..
وكانت الأهداف من هذا العمل واضحة منذ اليوم الأول، أهمها توفير رواية متكاملة مدعومة بالشواهد والوثائق لكل فرد فلسطيني للمطالبة بحقه في فلسطين. فالذاكرة الشفوية، وشجرة العائلة، والصورة والوثيقة كلها أدوات لخدمة الرواية الفلسطينية التي يحملها أي فرد أو أي عائلة.
كما سعت (هوية) من خلال نشاطها وفعالياتها لتعزيز التواصل والتلاحم بين أفراد العائلة الواحدة وبين عائلات البلدة الواحدة بصور وطرق متعددة، كما أرادت أن ينخرط جيل الشباب في هذا المشروع لأنه المستهدف الحقيقي من هذا العمل.
ما هي طبيعة البرامج والنشاطات التي قامت بها المؤسسة خلال عقد من الزمن؟ وما هو حصادها خلال هذه الفترة؟
أطلقت (هوية) مجموعة من البرامج لخدمة الأهداف التي تحملها وكان من أول برامجها العمل على جمع شجرة العائلة الفلسطينية، وهو من أبرز المجالات التي عملت فيها (هوية) فجمعت ما هو مدوّن في المراجع القديمة والمواقع العائلية، ثم انطلقت للعمل الميداني والالكتروني مع العائلات بشكل مباشر حتى جمعت أكثر من 6 آلاف شجرة عائلة.
كما كان برنامج الذاكرة الشفوية استكمالاً لجهود الجمعيات التي سبق أن عملت في هذا المجال، فقامت بتسجيل روايات شهود النكبة بالصوت والصورة مع قرابة 1000 شخص معظمهم من سورية ولبنان والأردن، بالإضافة إلى بعض المقابلات من أماكن أخرى.
أما برنامج (بنك الصور) فهو قائم جمع الصور القديمة والحديثة للبلدات والعائلات الفلسطينية، وقد تجاوز عدد الصور المضافة لموقع هوية 27 ألف صورة، جزء كبير منها عبارة عن صور نادرة للعائلات الفلسطينية بالإضافة إلى صور المدن والقرى.
ما هي طبيعة تحرك نشاطكم في الأردن؟ وهل وجدتم تجاوباً من العائلات والجمعيات أثناء عملكم؟
هذا العنوان كان له قبول واسع في الأردن، فهناك العشرات من جمعيات المدن والقرى منتشرة في البلد وهي تقوم بشكل أساسي بعمل اجتماعي وثقافي فجاء مشروع (هوية) ليشكل مادة إضافية لهذه الجمعيات التي كانت متعاونة بشكل كبير مع المشروع. وكذلك هناك عدد كبير من الكتّاب والباحثين الذين خصصوا جانباً من أعمالهم لتوثيق تاريخ البلدات والعائلات فقامت (هوية) بزيارة عدد كبير منهم والاستفادة مما لديهم، فكانت النتيجة تقديم أعمال جديدة ومميزة.
مثلاً في الفترة الأخيرة كانت هوية قد حصلت على مجموعة من الوثائق المتعلقة بمدرسة قرية عجّور ومديرها ومعلميها وحارسها، فقامت بالتعاون مع جمعية عجور بزيارة أحد الطلاب السابقين في المدرسة وأجرت مقابلة مع ابن مدير المدرسة وابن أحد معلميها ووثقت شهاداتهم وقدمت الخلاصة بفيلم وثائقي قصير يسلط الضوء بطريقة جديدة على مدرسة عجّور.
من خلال تجربتكم هل وجدتم أن هؤلاء الكبار لا يزالون يحتفظون بذكريات البلاد بعد مرور أكثر من 70 سنة على النكبة؟
قصص بسيطة تسمعها من الكبار تختصر كثيراً من الكلام في هذا المجال.. أحد الشهود من قرية الشيوخ يخبرنا (كنا نعمل بصيانة سكة الحديد وسمعنا أن اليهود هجموا على البلد، حفرت حفرة بجانب السكة ودفنت المفتاح الانجليزي الذي أشتغل به ورحنا على البلد.. على أساس نرجع ونكمل شغل.. خرجنا من البلاد ولم نعد. وأنا على استعداد أن أعود الآن واستخرج المفتاح من مكانه بعد كل هذه السنوات).. ومثل هذا قصة أحد أهالي الخيرية الذين تركوا ( الخاروف على النار في القدر وقالوا شوية وبنرجع)..
باختصار من روايات الكبار تشعر أنهم قادرون على استعادة صورة الحياة بكل تفاصيلها كما كانت في تلك اللحظات.. الحياة والعمل وطريقة الخروج.
بمناسبة مرور 10 سنوات ما هو جديدكم؟ وما هي خطواتكم في المرحلة القادمة ؟
بهذه المناسبة أطلقنا النسخة الجديدة من الموقع الالكتروني (www.howiyya.com) وفيه تسهيلات جديدة وإضافات نوعية خاصة قسم الوثائق الذي يضم آلاف الوثائق وهي مصنفة بشكل سهل بحسب العائلات والبلدات ويعتبر هذا نقلة نوعية في العمل التخصصي للمؤسسة بشكل عام.
أما في الأردن فلا يزال أمامنا الكثير من العمل، وعليه فإننا نُعدّ مجموعة من المبادرات لتعزيز فريق العمل من المتطوعين وتوسيع التعاون مع الجمعيات والمؤسسات في المرحلة القادمة، ونأمل أن تتحسن الظروف الصحية في البلاد لنتوجه نحو عقد دورات تدريبية سريعة للشباب تساعدهم على فهم وإتقان عمليات التوثيق للعائلة والبلدة.