تدمير الأنفاق يلهب الأسعار بغزة
قوبل قرار القضاء المصري إغلاق الأنفاق مع غزة بردود متباينة، فبينما وصفه البعض بأنه "تكريس لحصار غزة"، اعتبره آخرون "خطوة صحيحة تنقذ العمال من الموت".
وبإمكان من يقف عند الحدود المصرية الفلسطينية جنوب قطاع غزة أن يرى بالعين المجردة حركة الجيش المصري النشطة في تدمير الأنفاق الممتدة على الشريط الحدودي بنحو 13 كلم.
وبدأت جرافات وآليات الجيش -ترافقها مدرعات ودبابات عسكرية- عمليات الهدم وتدمير الأنفاق بشكل غير مسبوق منذ مطلع فبراير/شباط الماضي. واشتدت وتيرة الهدم بعد قرار القضاء المصري إلزام الرئيس محمد مرسي وحكومته بإغلاق وهدم الأنفاق.
واعتبر قرار القضاء تلك الأنفاق "غير شرعية وتستنزف الموارد المصرية وتهدد الأمن القومي، ويُهرّب من خلالها السلاح والسولار والمواد الغذائية والسيارات المسروقة".
آثار
وأدت حملة الجيش المصري المستمرة في تدمير الأنفاق إلى زيادة كبيرة في أسعار مواد البناء بقطاع غزة، فضلا عن تقليص حاد في النشاط التجاري للمستثمرين وعمال الأنفاق.
وقال أبو محمد الشاعر مالك أحد الأنفاق الممتدة على الجانب المصري والذي تم إغراقه "نحن ثلاثة شركاء في هذا النفق، ولا نستطيع العمل بعدما أُغرق بالصرف الصحي وماء البحر".
وأوضح أن عمليات تدمير الأنفاق من الجانب المصري تتم في أشكال متعددة، مثل هدم مداخل العيون بالجرافات وإغراقها بالمياه ووضع مكعبات إسمنتية على مداخلها وإطلاق روائح وغازات كريهة.
أما عبد الله قشطه -وهو مالك آخر لأحد الأنفاق- فيقول "كنا نقوم بتهريب مواد غذائية وحديد وكل ذلك توقف الآن"، مضيفا أنه وعمالا آخرين يعملون في الأنفاق، لكن مصدر رزقهم توقف تماما.
ويتابع قشطه "لا يقوم الجيش بالتهديم فقط، بل ينشر الحواجز الأمنية على الجانب المصري ويلاحق ويطارد التجار ويصادر هذه البضائع لو ضبطها". لكنه يرى أن الحملة المصرية قد لا تنجح بشكل كبير في القضاء على كافة الأنفاق، "فإذ استطاعت وفق التقديرات تدمير نحو 300 نفق فإن المئات منها تعمل بشكل طبيعي وغير طبيعي".
ويؤكد أن التجار والمقاولين يعيشون حالة من القلق والخوف لعدم وجود آليات آمنة يمكن بموجبها إدخال مواد البناء في حال الإغلاق الكامل للأنفاق، لا سيما أن إسرائيل لا تسمح بإدخال مواد البناء للأفراد والقطاع الخاص.
منتفعون
وكانت الحكومة الفلسطينية المقالة قد انتقدت بشدة قرار المحكمة المصرية إغلاق وتدمير الأنفاق، واعتبرته تجديدا لحصار غزة بقرار رسمي مع استمرار الحصار الإسرائيلي.
ورغم ذلك يرى مواطنون آخرون أن الأنفاق تشكل "مصلحة للمنتفعين من حركة حماس والمحسوبين عليهم، وإغلاقها يشكل خطوة صحيحة تنقذ العمال من الموت".
وبدورها اعتبرت منظمات حقوقية في غزة أن "الأنفاق ومالكيها لا يوفرون أدنى مقومات دواعي السلامة للعمال، مما أدى إلى مقتل نحو 233 شخصا منذ عام 2007".
وإزاء تراجع حركة البناء وتقلص مستوى الطاقة، لم يتمكن المواطن عودة أبو لبدة من الاستمرار في عملية تشييد منزله بسبب الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، مؤكدا أن الأسعار زادت بنسبة 100% مثل سعر الإسمنت، أو قريبة منها مثل أسعار الحديد والحجارة الصخرية المفتتة.
وأرجع المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الإنشائية فريد زقوت هذا الارتفاع إلى إغلاق الأنفاق، مما دفع بالتجار في الجانب المصري للبيع بأسعار مرتفعة لتجار أنفاق غزة.
ويشير محمد عكيلة -وهو أحد مالكي محطات الوقود- إلى أن الحملة المصرية لتدمير الأنفاق قلصت بشكل كبير كميات السولار والبنزين. وعوضا عن هذا التقليص يضطر السائق سلامة أبو وطفة إلى التزود بالوقود الإسرائيلي الذي يزيد سعره بمقدار الضعف عن الوقود المصري المهرَّب.
المصدر: الجزيرة نت