بعد اذان الفجر بقليل ركبت واخي ابو عاصف وزوجته ولحق بنا اخي ابو محمد عويس كل على دابته محمل بالخيش والمقصات وكل يخرج طرف فأسه الخشبي من خرج دابته والنيه هي التوجه الى قطاف الزيتون من خربه علي.
وصلنا وكان الفجر قد اسفر قليلا وصبح بالمقدور مشاهده الارض الطيبه ارض عجور ترجلنا عن الدواب وربطناها بالقرب من الزيتون تسرح وتنظر في ابداع خلق الله في ارض عجور حيث الاعشاب المعطره والارض التى تعطي من كل لون ولا تبخل في عطائها .
كانت النساء زوجتي ام عماد وام عاصف وام محمد الزكراويه اكثر شغفا وحبا لقطاف الزيتون ، وكانت ام عاصف من النساء ذوات الخبره في اعدار الرصيص حتى انها اختارت اجود الاحجار من قاع السيل واصلبها من اجل دق الرصيص وتعبأته في جرار الرصيص للعايش على هدات البال.
فردت النسوه الاخياش تحت الزيتون ورفعت السلالم حول اول زيتونه ويا ما شاء الله ، شجر الزيتون لم يبقي من الحمل حملا الا حمله الزتون يفوق الاوراق.... ومن لا يعرف زيتون عجور فحبه رومي... أي يكون لنهايه الحبه عوده صغيره تبقى في نهايتها وتاخذ الحبه في الطول شيئا قليلا.
فرط الحب عن الزيتون وكان كانه سيل من الامطار الزيتون ... ويا لصوته عند وصوله الارض صوت الخير الوافر وصوت البركه من الله .... نعم لكل ما قلت اصوات في ارض عجور... اضف اليها اصوات طائر البقوه والبلابل و الحجل وهديل الشنانير المرقطه تطلب رزقها .. وتبحث عنه ..ويرزقها الله من وافر عطائه في ارض عجور.
جمع الزيتون وجلست نسائنا يغمرهن الحب و الود تحت شجره البركه تفصل الورق عن الزيتون وتنتقي الحبات الخصراء من الزيتون لعمل الرصيص البلدي.... وانجزن ما كان قد خطط له... منذ زمن بعيد وبدا الاعداد لطعام الغداء ـ لم ارغب لا في اكل ولا في شراب كل ما رغب به ان ابقى فوق ذلك السلم المرتقي للزيتونه التى نبتت منذ زمن غارق في القدم ، يا الله من اروع ان تكون فوق قمه زيتونه في ارض عجور وتقطف الزيتون وتلتقطه زوجتك وانت امن وواثق انك سوف تاكل من تلك الحبات رصيصا وزيت زيتون.
اصر ابو محمد على ان نحيي ما قام به اجدادنا في هذه الارض وان نعد زيت الطفاح ، انزل يا حسن من فوق الزتونه وبسرعه وانزل معك ابو عاصف ـ لم نشا ان نغضب ابو محمد عويس او نشاققه نزلنا بعد ان اشبعنا اعيننا نظرا الى هضاب وتلال عجور وصدقا لا يشبع من النظر الى ارض عجور ابدا ، بعد النزول اشعل نارا صغيره في قش وقوص وزحيف ورمي عليها حبات زيتون في طرف كبره(ردائه) حتى تحروقت أي لم تحترق بالكامل بل تذبلت.. وزع على كل واحد منا حجر وبدا يهرس حب الزيتون المشبع بالزيت ودفعه نحو مقر صغير يعرفه ويعرف مكانه منذ زمن طويل ، واصر على تدريبنا على عمل زيت الطفاح ... هرس المعجون داخل المقر وقال بعد صلاه الظهر ان شاء الله يطفو الزيت ويطفح ، ولتسريع الامر سكب من ابريق الشاي بعض الماء الساخن وغطاه بصخره رقيقه كانت بالقرب من المقر ، بعد ساعه تقريبا رفع غطاء المقر وكان الزيت قد طفى على سطح المقر ، وبراحه يده وضعها على سطح الزيت حتى ابتلت ثم رفعها وجعلها تترك نقاطها في صحن التوتياء الذي كان بالقرب منه واستمر في ذلك حتى لم يبقي زيت في المقر ، و زاد النور نورا بان وضع صاج الشراك فوق النار التى كادت ان تنطفيء وخبز ما يزيد عن عشرة ارغفه من الشراك ..
لم يصبر ابو عاصف وانتشل رغيف الشراك من فوق النار وغمس طرفه في صحن عويس الذي يطفح بالزيت البلدي الحر المعد للتو’ صرخ ابو عاصف يا الله ما اروع وما الذ الزيت العجوري... زغرتن يا بنات عملنا زيت طفاح من زيتون عجور وغمسناه في خبز شراك من قمح عموريه وخبزناه على نتش وزحيف اطربه
كل ما ذكر وقيل وما نفذت من اعمال القطاف مع اخوتي , كان يراقبه ابو خالد العرباتي وهو يرعى اغنامه في عجور بالقرب من موقع الجداد وبعد ان عزم عليه عويس وابو عاصف واكل مما اعددنا من طعام بعد ان حمد الله مليا استل شبابته وبدا يعزف عليها قائلا
لا ترحلوا و القيض عموا
لا ترحلوا حتى توكلوا منو
يمه و يا ملحى قول عجور يمه
زي العسل و أحلى شويه
انتهى يوم الجداد الاول وتوجهنا جميعا الى البلد محملين بما انعم الله وفضل علينا.
http://www.ajoory.com/vb/showthread.php?t=23065