جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
جنين.. مدينة الجنائن والبستانين
تستقبلك مدينة جنين حالما تصل مشارفها بسهولها الشاسعة، وربوع مرج بن عامر الشهير، فيأخذك الحنين إليها لتستكشف أسرار تلك المدينة التي أبهرت الزائرين إليها بجنائنها وكثرة بساتينها الخضراء، فأطلق عليها الرومان "جيناي" واسماها الكنعانيون "جانيم" وتعني الجنائن، ولا زال اسمها يحمل معانيها الجميلة والبهية بتاريخها العريق. ومن أبرز معالم مدينة جنين الأثرية هو نفق "بلعما" الواقع على المدخل الجنوبي للمدينة، ويعود تاريخه إلى 3 آلاف ق.م للعصر البرونزي المبكر، كما ذكرت في الوثائق المصرية الفرعونية القديمة عندما هاجم تحتمس الثالث فلسطين. وكان النفق يستخدم كممر أمني لسكان مدينة "أبلعام" والتي تعرف اليوم بخربة بلعما، وقد سكن على مدار الفترات التاريخية المتعاقبة من الفترة البرونزية المبكرة حتى الإسلامية المتأخرة، أي حوالي 10 فترات تاريخية مختلفة، ويبلغ طوله 125 مترا، وهو أحد أبرز المواقع الأثرية في الضفة الغربية. وقد قامت دائرة الآثار والسياحة الفلسطينية بالكشف عن النفق والقيام بحفريات بداخله عام 1997، كما تشير الدلائل التاريخية إلى أن مجمع السيارات المقام وسط المدينة يقبع تحته تل جنين الأثري ويعود إلى الفترة البرونزية المبكرة. وفي وسط المدينة تزدحم المركبات والمارة، وتجول بين شوارعها جنين الضيقة عربات الباعة المتجولين لحلوى الهريسة الشهيرة، ويزدحم سوق جنين للخضار أو ما يعرف بالحسبة بأنواع الفواكه والخضار المختلفة، حيث يحرص أهالي المدينة على الزراعة واستثمار أراضيهم في إنتاج أنواع الخضار والفواكه، المتميزة بطعمها ورائحتها الزكية. ويتربع مسجد فاطمة خاتون وسط المدينة كمعلم تاريخي بارز وهام، حيث بني قبل أكثر من 400 عام في عهد السلطان سليمان القانوني، ويعد معلم هام من معالم المدينة، وقد قامت ببنائه فاطمة بنت محمد الاشرف بن قانصوه الغوري، سلطان المماليك الذي انتصر عليه السلطان سليم الاول العثماني، وخاتون تعني بالتركية الشريفة العفيفة. وأوقفت فاطمة خاتون للمسجد أيضا سوق وحمام وتكية، حتى تضمن استمراره في خدمة المسافرين المسلمين، وكانت قد مرت بمدينة جنين خلال رحلتها لسوريا ولبنان وفلسطين وأعجبتها المدينة لكثرة بساتينها ووفرة مياهها. وقد خضع المسجد لتوسعة جديدة عام 1997، وتم بناء ساحة سماوية مغطاة على دعامات وأعمدة على مساحة ثلاث دونمات، ومن الخارج أبواب خشبية كبيرة واتخذ شكله الخارجي الطراز الإسلامي القديم، للمسجد القديم الأصلي قبة بصلية وبقربه ثلاث قباب صغيرة عرفت بالمسجد الصغير شبيه بمسجد الجزار بعكا. ومن الجهة الشرقية تقع مدرسة فاطمة خاتون وغرفة تجارة جنين، حيث اتخذوا المبنى القديم مكانا لهم، وكان يستخدم بالسابق سرايا حكومية بالفترة العثمانية والبريطانية وبني عام 1301ه حسب النقش الحجري الموجود على بوابته الكبيرة. والى جانبه مبنى مكتبة بلدية جنين، حيث كان يستخدم مبنى إداري حكومي على زمن فترة الاحتلال، ويتميز بجمال نوافذه وشرفاته الحجرية وطرازه المعماري القديم، ويفضي مدخلا يقع بين المبنيين إلى البلدة القديمة في جنين، حيث الأزقة القديمة والدكانين العتيقة التي تعود للفترة العثمانية. وتميز البلدة القديمة بجنين بصغر حجمها وبطرازها المعماري الجميل الذي لا زال جزء كبير منها يحتفظ به رغم عوامل الزمن وتعرض أجزاء منها للهدم والإهمال، إلا أن الزائر يشعر براحة كبيرة عندما يتجول بداخلها ويتأمل الزخارف الحجرية التي تزين أبواب منازلها. ويبلغ عدد سكان مدينة جنين قرابة 50 ألف نسمة، وتميز بصناعة الدخان والفحم في بلدة يعبد قضاء المدينة، وعرفت بأنها مصدر غذائي مهم لأهالي الضفة بسبب إنتاجها الزراعي لخصائصها الطبيعية المختلفة ووجود مرج بن عامر فيها.
المصدر: فلسطينيو 48