بسم الله الرحمن الرحيم
المرحلة الثانية من تنظيف وترميم مقبرة قرية قالونيا - مقبرة الشهدا
مقبرة قالونيا ورفات الأجداد كم كان اليوم عظيماً، وكم كان رائعاً، كان اليوم احد تلك الايام الجميلة التي تقربنا الى العودة، بل وتجسد العودة في ابهى صورها، اليوم بين قبور الأجداد ، وبالقرب من رفاتهم الطاهر، ذلك الرفات الصامد المرابط في ارض قالونيا رغم حقد الاحتلال وغله، هذا الرفات وتلك الحجارة التي رفضت مخططات الصهيونية الهادفة الى إخفاء الهوية الحقيقية للارض والتراب، فجرفوا الجزأ الاكبر من القبور والرفات وطمروا الجزأ الآخر ، وكان ذلك منذ ما يقرب من ستين عاما، أرادوا تغييب شواهد القبور واسماء الموتى حتى تنسى الارض والهوية، ظنوا واهمين ان طمس المعالم والأسماء المنقوشة على الشواهد ، سيفقد الارض هويتها وستكون تلك الحجارة المبعثرة بلا قيمة او تاريخ، ظنوا انهم عندما يشقون الشارع في ارض المقبرة فان الابناء والأحفاد سيفرطون بتلك القبور والرفات ، وركنوا الى ذلك طيلة الستين عاما منذ ان تجرأت يدهم الغادرة ودنست طهر المقبرة، ولكن انى لهم ذلك ، فكيف للقبور ان تنسى وفيها أطهر واشرف رفات؟ وكيف للقبور ان تنسى وهي تحكي تاريخا تليدا مليئا بالعز والكرامة؟ وكيف للأجيال المنتمية المخلصة الصادقة ان تنسى أجدادها ورفاتهم الطهور؟ وكيف للحقد والأجرام والتدنيس الصهيوني ان يغير هوية المكان؟ وكيف سيكون ذلك كله وفي قالونيا شباب صدقوا ما عاهدوا الله عليه، شباب واثقون بتحقيق إرادتهم ، وتجسيد عودتهم، شباب لا ينتمون الى عصر الخوف والجبن والوهن والهوان ، شباب يعيشون حاضرهم بعزة ماضي آبائهم وأجدادهم وآمال وطموح أبنائهم وأحفادهم، شباب تفرقوا في أصقاع الارض وشتاتها، فرقتهم النكبة وشتتهم اللجوء، مزقتهم المخيمات ، ليجتمعوا على كلمة سواء وحلم واحد وآمل مشرق ، ينتمون الى فكرة وحق ليحولوه الى واقع يتجسد وحلم يتحقق ، الحب للارض والتعلق بالمكان والشوق لكل ذرة تراب في قالونيا، ودموع الاباء والأمهات وحسرة الأجداد والجدات ، وصدق انتمائهم وعظيم إخلاصهم ، وشدة ارتباطهم بأرضهم ، زرعت في نفوسهم الشموخ والكرامة لتشحذ هممهم ، وتقوي عزائمهم ، لينطلقوا نحو قالونيا بكل عزم ونشاط ، وقوة واجتهاد، من الاردن والإمارات واستراليا والكويت وامريكا ، من اليمن السعيد وارض الحجاز ، من كل أصقاع الارض ليلتقوا مع إخوانهم في القدس الحبيبة وعلى تخوم قالونيا ليعلنوا انهم " شباب عائدون" ويبدؤوا بترميم القبور وإعادة كتابة التاريخ وصياغته كما يحبون ليعلنوها ، اليوم نرمم القبور ونعليها ونرفع غبار الزمان عن نواحيها، اليوم نقرأ الفاتحة على ارواح الأموات، اليوم نعيد اعلان هوية الارض الحقيقية ، لننطلق غداً نحو اعادة بناء البيوت المهدمة وشق الطرق المدثورة ، لنعيد للارض ابتسامتها والمياه عذوبتها وللتراب طهره . فبوركت جهودهم وحققت آمالهم وقبلت اعمالهم، هم انطلقوا فهم الفائزون ومن تخلف عنهم الخاسرون ، هم مدوا يدهم للجميع ليلحق بالركب من شاء ، ومن تردد سيفوته قطار العودة ، اليوم كانت سواعد بعضهم ترفع ركام الزمان عن قبور الأجداد وكم كانت الفرحة غامرة عندما اكتشف قبر خضر صالح رحمه الله ، فاصبح لغاية اليوم قبور لثلاثة عائلات قالونية أصيلة ، عائلة خضر وعائلة حمدان وعائلة صباح، ولا زالت المقبرة في انتظار ابناء كل العائلات القالونية لتكشف عن قبورها. هذه المرة وجهنا الدعوة للعديد من كل العائلات ويا للأسف لم يلب دعوتنا احد ، ومع ذلك قمنا بما يمليه علينا واجبنا وانتماؤنا، ونأمل ان تجاب دعوتنا في المرة القادمة القريبة ، الفاتحة لارواح امواتنا ·