بعد نشر مقالي :عرّفنا على الدّروز ،الحقيقة، 4/9/2013 ، هاتفني الصّديق المحامي :علي رافع/دير الاْسد/حيفا/شدّ على يديّ كثيراً،لتسليط الاْضواء على اْمور عديدة في تاريخ الطّائفة العربيّة المعروفيّة ،ثمّ طلب منّي بشكل شخصي ،اْن اْكتب عن النّبي سبلان ،عليه السّلام ،وزيارته السّنويّة في العاشر من اْيلول ،كما طلب منّي الإعلامي:فهمي فرح /راديو الشّمس /اْن اْتحدّث عن هذا الموضوع،على الهواء مباشرة ،نزولاًّ عند رغبتيهما ،اْقدّم هذه المساهمة المتواضعة .
المصادر التّاريخيّة تجاهلت هذا المقام،لسبب ما،واْوّل من تحدّث عنه الدّكتور المعلاوي:شكري عرّاف ،في مرجعه الهامّ :طبقات الاْنبياء والاْولياء الصّالحين في الاْرض المقدّسة،مطبعة اخوان مخّول ، ترشيحا ،1993 ،وممّا دوّنه د عرّاف :يعتقد البعض اْنّ سبلان هو تحريف ل ِ /زبولون/اْحد اْبناء سيّدنا يعقوب ،عليه السّلام ، ويقول المسيحيّون :إنّه القدّيس سابا ،كان قاسي الطّباع ثمّ لانَ،فاْصبح :سابا لان ،سبلان !اْهالي قرية سحماتا المجاورة يسمّونه سبيلا،اْيّ السّنبلة اْو القمّة ،وهناك مقام آخر في بلدة برعشيت اللبنانيّة ،يحمل اسم النّبي سبلان ،عليه السّلام .
بنو معروف /الموحّدون الدّروز يعتقدون اْنّه هو اْبو الخير سلامة ، اْحد دعاة مذهب التّوحيد ،في بداية القرن الحادي عشر الميلادي،ومنذ عام 1954 ،خُصّصت له زيارة رسميّة سنويّة في العاشر من اْيلول،كتعويض للدروز ، بعد مصادرة عيد الفطر،الاّ اْن العديد من اْوساطنا المعروفيّة ،ما زالت تحتفل بعيد الفطر المصادر ،ومن بين هؤلاء المرحوم :الشّيخ اْمين طريف ،الرئيس الروحي لطائفتنا ،ومن بعده حفيده :الشّيخ موفّق طريف ،الرئيس الحالي ،وكذلك في قرى :البقيعة ،الرّامة ،حرفيش وغيرها .
الباحث الاسرائيلي :شمعون ا ْفيفي،في كتابه :طبق نحاس /طاس نحوشت/ 2007 ،تحدّث عن النزاع حول اْراضي وقف النبي سبلان،بين سكان قرية النّبي سبلان المهجّرة وبين اْهالي قرية حرفيش وبقيّة اْبناء الطّائفة الدرزيّة .
الزّميل الجوّال :راضي عمر / المثلّث ، خصّص مقالاً في مجلة صدى التربية/ لسان حال نقابة المعلمين بالعربيّة ،تشرين الاْوّل 2010 ،تحدّث فيه عن الحكايات الشعبيّة والاْساطيرالتي حيكت حول المقام والنّبي .
وقد ورد في الموروث الشعبي،هذه القفلة الشّعريّة :
ع َ بير زمزم نصبنا الخيام بْديوي يا بْديوي من اْي عرب!
من عرب سيدي سبلان ،عليه السّلام بْليبلي يا بْليبلي ع ّ روس الشّجر ....
قرية النّبي سبلان
الباحثون والمؤرّخون ،من عرب ويهود ،تحدّثوا عن قرية النبي سبلان التي اْحاطت بالمقام من جهاته الاْربع ،عدد السّكان حتى عام النّكبة 1948 ،كان حوالي مئة نسمة ،كلّهم من الإخوة المسلمين السّنّة،من بين المؤرّخين هؤلاء نشير الى : د ،وليد الخالدي/كي لا ننسى ، د ،مصطفى عبّاسي/قرى قضاء صفد في عهد الانتداب ،جميل عرفات /من ذاكرة الوطن ،السّيدة نبال فاعورهواري/قرية النبي سبلان /المزاريّة،رنين جريس ونبال فاعور/هواري / حكاية قرية سبلان ،ابراهام موشه لونش/قرى اْرض اسرائيل، شمعون ا فيفي /طبق نحاس ،نوجا كدمان/على جانبَي الطّريق وهامش الوعي ، وغيرهم الكثير .
ثلاث حكايات من المُهَجَّرين
حدّثني الحاج اْبو غالب يوسف فاعور ،من مهجّري قرية النّبي سبلان ،وما زال يسكن قريتنا حرفيش ،قال :بعد تشريدنا عنوة من قِبَل الجيش الاسرائيلي عام 1948 ،تشتّتنا وتضعضعنا ،اْنا واْسرتي والاْقارب فضّلنا البقاء في حرفيش ،لعلّنا نعود الى مسقط رؤوسنا ،وبعد اْن وضعت الحرب اْوزارها، المرحومان : اْبو نجيب احمد محمود عمر ،واْخي محمود نايف فاعور ، زارا فضيلة الشّيخ اّبو يوسف اْمين طريف /جولس ، ،الرّئيس الروحي للطائفة الدّرزية آنذاك،شرحا لفضيلته معاناتنا في التّهجير ،وقريتنا تتلاحم مع قرية حرفيش في الجيرة الحسنة ،وبخطوة حكيمة وضع اْهالي حرفيش اْيديهم على مقام ووقف النّبي سبلان ،لئلاّ يسيطر عليه القَيّم على اْملاك الغائبين،وتُدَنّس قدسيّة المقام الشّريف ، إلاّ اْنّ القيّم على اْموال الغائبين تطاول وبسط نفوذه ،كالعادة ، والعادة غلاّبة ،على البيوت ومسطّح القرية ،حوالي اْلفَي دونم ،الشّيخ اْمين تفهّم الاْوضاع الحرجة ،فزوّدهما برسالة خطّيّة الى الشّيخ اْبو محمّد علي الفارس،وكيل الوقفين في قريتَي حرفيش والنبي سبلان ،جاء فيه :اْطلب من حضرتكم اْن تسهّلوا عودة اْهالي سبلان الى قريتهم ...،الشّيخ علي رحّب بهما بانسانيّته المعهودة ،وقال :نحن لسنا السّبب في تهجيركم،ولن نعارض اْبداً في عودتكم الى بلدتكم المجاورة ،سُرّ ناقلا الرّسالة بهذا الانفراج ،الانفتاح والتّفهّم ،اْلاْخ وليد عمر مُهَجّر كذلك ،مواليد عام 1945 ،اْضاف قائلاً :حدّثني والدي المرحوم محمد محمود عمر اْنّ بعض اْهالي حرفيش ، كانوا بعد النّكبة يضمنون كروم :العنب ،الزّيتون ،التّين واْراضي الفلاحة ،فيدفعون الضّمان نقداً لفضيلة الشيخ علي فارس ،وكيل الوقف ،بعد نزوح الشّيخ حسن فاعور ،آخر وكيل للوقف قبل النّكبة اْلشيخ علي لم يُدْخِل رسوم الضّمان في صندوق الوقف،إنّما وزّعها على مُهَجّرِي قرية النّبي سبلان ،فهم اْجدر بها واْحقّ ،لا سيّما بعد معاناتهم واقتلاعهم من بلدهم ،، وفي حديث لي مع الاْخ شحادة احمد محمود عمر ،من مواليد قرية النّبي سبلان ويسكن حاليّاً في ترشيحا ،قال مضيفاً:قريبنا محمود فاعور ،اشتغل في مطلع خمسينيّات القرن الماضي في دائرة الكيرن كييمت ،عرض قضيّة التّهجير القسري على المسؤول عنه : مانو فريدمان /الجاعونة/روش بينا ،هذا حوّله الى السّيد نسيم طوقتلي،مستشار رئيس الحكومة للشؤون العربيّة ،وهذا تفهّم القضيّة كذلك ، وزوّده برسالة اْخرى موجّهة للحاكم العسكري في ترشيحا لتنفيذ التّوصية ،توجّه محمود فاعور للحاكم العسكري /يعقوب محرز ، وقدّم له رسالة التّوصية بالعودة ،الحاكم العسكري اْخذ الرّسالة ومزّقها على التّوّ ! ثم طرد محمود فاعور من مكتبه ! وهكذا اُْفْشِل الحلم الذي كان قاب قوسين .والنّزاع ما كان ولن يكون بين سكّان القريتين المجاورتين ،معاذ الله ،إنّما هو بين سكّان القريتين من جهة وبين القَيّم على اْملاك الغائبين وإدارة اْراضي اسرائيل من الجهة الاْخرى .
شباب حرفيش والتّسوية
مجموعة من شباب حرفيش ،من بينهم الاخوة :جادو وتوفيق سلامة ،حامد سعادة،هايل عامر ،محمود جبر فارس ،منير فارس ،اْمين خير الدّين وكاتب هذه السّطور ، تصدّوا عام 1962 الى مندوب الكيرن كييمت /يوسف نحماني / الذي اْراد ابتلاع المقام ،الوقف والقرية معا ، القاضي المتقاعد فارس فلاح ،اْشار الى هذا النّشاط الشّبابي في كتابه : دواليب الحياة /مذكّرات ،دار آسيا ،دالية الكرمل ، 2005 ،فيما بعد ، قسائم من اْراضي القرية المُهَجَّرة ، خُصِّصَتْ ،من قِبل وزارة الاسكان للجنود المسرّحين من اْبناء حرفيش لبناء مساكنهم عليها ،لا اْحد يمكنه تجاهل الإجحاف اللاحق بالمُهَجَّرين/في الدّاخل والخارج /،وقد ظلّ الخلاف عالقاً حتى تدخّل عضو الكنيست السّابق السّيّد اْمل نصر الدّين/دالية الكرمل ،مطلع الثمانينيّات من القرن الماضي ،وبعد محاكمات ،وساطات ،جاهات من شيوخ ومجلس حرفيش المحلّي ،توصلوا الى تسوية رسمية مع الدّوائر المختصّة ،بتخصيص ما يزيد عن مائتي دونم لوقف المقام ،بعض اْهالي قرية النبي سبلان ،كذلك ، توصّلوا الى اتّفاق مع دوائر النّهب والسّلب،وحصلوا على قسائم في ترشيحا ،بنوا عليها بيوتهم الجديدة ! الزائر للمقام والقرية ،اليوم ، يشاهد عن كثب بقايا البيوت العربيّة ،الآبار ،المقبرة واْشجار الزّيتون والتّين الشّامخة والصّامدة ،متحدّية ماثلة للعيان ،ترفض النّسيان والطّغيان ،مهما جار الزّمان والسّلطان ! والعلاقة بين اْهالي القريتين :حرفيش والنّبي سبلان ،هي على ما يُرام ،علاقة مودّة وإخاء في السّرّاء والضّرّاء ،شاء مَن شاء ،واْبى مَن اْبى !تقاسمنا لقمة العيش وما زلنا على العهد ،وتحيّاتي للمحامي علي رافع ،الدّيراوي،طالما :بَقَرُ الدّير بْزَرْع الدّير ! و لكلّ مَن يحافظ على حقوق الجار والجذور والاْصول العربيّة الرّاسخة .
روسيا /سوريا-جِناس !
بعد انفراج الاْزمة المصطنعة من قِبَل الويلات المتّحدة ،ولو مرحليّاً ،بفضل الجهود الرّوسيّة العقلانيّة والانسانيّة معاً ،لا بدّ لنا من الإشارة الى الجناس بين روسيا وسوريا ،اْو روسية وسورية ،من حيث البلاغة /عِلْم البديع / هو جناس غير تامّ،ومن حيث المواقف ،التّنسيق والتّطلّعات السّياسيّةهو جناس تامّ ،وكذلك الحال ، بين الرئيسَين بوتين وبشّار ،والوزيرَين لافروف والمعلّم ،والشّعبين الرّوسي والسّوري ،وسيعرف السّوريّون اْوّلاً وبقيّة شعوب المنطقة ،كيف يشكرون الرّوس خاصّةعلى موقفهم الاْخلاقي لمنع سفك الدّماء الزّكيّة عبثاً ! وسورية يا سِتّ الكلّ ، الشّعب اللي فيكي ما بينذلّ !واذا كان الشّيئ بالشّيئ يُذكر ،فإنّ الكاتب الحلبي العبري :اْمنون شموش/كيبوتس معيان باروخ ،خصّص مقاله الاسبوعي لجريدة يديعوت اْحرونوت،16/9/2013 تحت عنوان ،اْنا اْصدّق الاْسد ، باْنّ من يدّعون المعارضة في سورية ،هم الذين استعملوا السلاح الكيماوي لتهويش الاْمريكان وتحرّشهم بسورية ،ولن اْستبعد اْن تقوم المعارضة كذلك، بإطلاق الصّواريخ نحو اسرائيل ،لإشعال النّيران في المنطقة ،بعد تحميل الحكومة السّورية تبعية إطلاق الصّواريخ .من يدّعون المعارضة ،هم الحثالات والاْصوليّون المتشدّدون ،لإعادة شبح الحرب العدوانيّة على سورية من جديد !
عن موقع:أهلا