جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يؤمن بها كل البشر، وعلى الرغم من هذا الإجماع الشامل إلا أن وقوعه لا يزال دائما حدثا مزلزلا ثقيل الوطئة على كل النفوس. لكن أن تفقد فلذة كبدك وتشعر أن سندك في الحياة ذهب، ومن ثم يأتيك خبر أنه عاد للحياة مرة أخري لينير عليك الطريق من جديد ويمدك بالأمل ويكون عونا لك، ذلك الذي حدث مع الطفل سليمان محروس ضهير الذي لايتجاوزعمره ثلاثة شهور. رغم أيامه القليلة في الحياة لكنه سيروي الجميع حكايته التي أذهلت الجميع، الطفل سليمان كانت عناية الله أبلغ من أي شئ يمكن أن نتحدث عنه. فبعد أن أعلن الأطباء أنه فارق الحياة وزين بالثوب الذي سيقابل ربه به، ووضع اسمه علي جسده، فإذا به يتنفس ويصرخ، لتعود البسمة ترسم علي وجه أبيه، وليعود له الأمل من جديد. لا يزال الاحتلال يمعن في ارتكاب المجازر بحق الأبرياء العزل، فهنا مشهد شاهد على مجزرة ارتكبت قبل غروب الشمس بقليل ليوم هو التاسع بعد العشرين من الحرب على غزة، أطفال يلهون ويلعبون على سطح منزلهم رغم القصف والدمار، ليباغتهم صاروخ من طائرة استطلاع. حوادث نادرة جدا لشخصيات عادت من الموت، إما نتيجة تشخيص خاطئ أو نتيجة تسرع في عمليات الدفن، والبعض منهم يصل إلى داخل القبر ويخرج بعد تذوق الحياة في مجتمع الموتى، ليعود ويواصل العيش في مجتمع الأحياء. محروس ضهير (32عاما) يقول :"أنا مش مصدق الي حصل أشعر وكأنني في حلم ، لكنني أحمد الله كثيرا أنه من علي وأعاد لي طفلي للحياة مرة أخرى، الذي هو شريان حياتي ونبض قلبي." وكانت الطائرات الحربية "الاستطلاع" قصفت منزل المواطن محروس ضهير، شمال محافظة رفح منطقة "مصبح" ، ما أدي إلي إصابة طفله، نقل علي أثرها إلي مستشفي الكويتي التخصصي. ويضيف :"في بعض الأحيان تشعر وكأن كل شئ انتهي وكأنك أصبحت بلا معني في هذه الحياة، هذا هو الشعور الذي انتابني لحظة إعلان استشهاد طفلي، شعرت بألم وحزن شديد." ولم تعد مشكلة سليمان أنه عاش ميتا لبعض من الوقت، وحين نزع عنه الكفن، تنفس وصرخ بأعلى صوته وكأنه يقول أنقذوني أريد أبي، وأنقذه الأطباء وعاد للحياة مرة أخرى. وبصوت متلعثم نظرا لصعوبة وهول الموقف تابع ضهير :"ما حدث معجزة لا يتخيلها العقل، لكن إيماني بالله كبير وقدرة الله وعظمته هي فوق كل شئ"، منوها إلى انه من الضروري أن يكون هناك تأني من قبل الأطباء في الحكم علي حالة المصاب. كل هذا ولا شيء يتحرك من هذا العالم الظالم فتلك الطفولة المسلوبة الغارقة بدماء الاحتلال الإسرائيلي حصدت حتى اللحظة أكثر من أربعمائة طفل وطفلة هم زهرات غزة الجريحة، كيف لا والعبارة الشهيرة هنا تقول إذا أردت أن تجد مكانا أمنا في غزة فلا تقف بجانب طفل.
المصدر: دنيا الوطن