جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
لم تمنع آلة الحرب الاسرائيلية المواطنين في قطاع غزة من اختلاس الفرحة وسط الدمار المحيط في كل أرجاء قطاع غزة ، رغم ما يعانيه السكان من نقص كل أساسيات الحياة الإنسانية في القطاع ودمار منازلهم جراء استمرار الحرب وعدم الوصول لحل نهائي . فوسط تجمع النازحين الذين تواجدوا داخل مدرسة رفح بالقرب من مفترق العودة ، استقبل عشرات النساء والأطفال ثلاثة عرسان قرروا الزواج داخل المدرسة التي نزحوا إليها بعد الحرب على القطاع ، وأقاموا بها حتى هذه اللحظة . وفى سيارة باص تتبع للاونروا حضر العرسان الثلاثة برفقة زوجاتهم مكللين بالورد إلى المدرسة التي تحتضنهم ، وبدموع الفرحة من أمهات وآباء العرسان برغبة في إحياء زفاف أبنائهم في ظروف بعيدة عن أجواء الحرب ، سار الجميع بجانب العرسان مع وفود الاونروا التي ساهمت بإنجاح هذا الفرح في المنطقة الجنوبية من القطاع . رسالة تحدي حملها العرسان الثلاثة تحديا لآلة الدمار الإسرائيلية بتحدي الموت والإصرار على الحياة ، وإشعال شمعة أمل في الظلام الذي يخيم على القطاع والحزن الذي ينتشر في أزقة الشوارع ، وبإمكانيات بسيطة بعيدة عن أحياء مراسم الزفاف داخل صالات الأفراح أقام العرسان فرحتهم الأولى بجلوسهم بجانب بعضهم البعض وسط ساحة المدرسة ، واضطر العرايس للدخول لغرفة كبير للفرح برفقة النساء بعيدا عن تواجد الرجال . وتم الفرح وسط مدينة رفح التي وقعت فيها العديد من المجازر الإسرائيلية خلال الحرب وقدمت عدد كبير من الشهداء ، وتضرر العرسان من هذه الحرب بنزوحهم إلى المدارس تجنبا للاستهداف ، وقد لاحقت إسرائيل المقيمين داخل المدرسة وارتقى سبعة شهداء بعد استهداف المدرسة قبل توقف الحرب . إخوة اثنين من ضمن العرسان وهم عبد الهادي أبو طعيمة " 20 عاما " ، وإيهاب أبو طعيمة " 18 عاما " ، لم تخل مظاهر الفرحة على وجوههم خلال الزفاف ، وجلسوا وسط الساحة واستقبلوا المهنئين وسط حضور فرقة الدبكة التي أسعدت الحضور طوال الفرح . وأصر العرسان على إقامة فرحهم رغم عدم توقف الحرب رسميا حتى ألان ، وقد أعلنوا مسبقا نيتهم الزواج بعد رمضان مباشرة ، إلا إن الحرب ونزوحهم من منازلهم وتضررها بشكل جزئي أوقف نجاح فكرتهم ، وبعد طرح الفكرة على الإداريين في المدرسة وافقوا على تسيير وإنجاح الفرح والمساعدة على توفير المناسبة لهم داخل المدرسة . موافقات مبدئية من الإدارة حفزت العرسان لبدء إجراء الزفاف، فأقيم الفرح وتنقل العرسان بسيارات الاونروا ، وسط تغطية إعلامية من المؤسسات الفلسطينية ، مما أضاف نوعا من الفرح على جميع النازحين داخل مركز الإيواء . وقال العريس عبد الهادي" خطبت قبل عامين وعندما اقتربت من الزواج لم أتمكن نظرا للحرب التي عشناها لنرحل من جديد من منازلنا ، واقضي فترة النزوح برفقة اسرتى بعيدا عن خطيبتي ، وعندما وافقت الإدارة على مساعدتنا أقمنا الفرح رغم الحزن الكبير في المنطقة ، لننجب أطفال يواجهون الاحتلال الاسرائيلي ويحرروا فلسطين " . وبجانبهم يجلس العريس الثالث محمد أبو رجل " 18 عاما " ، والذي انضم للعريسان الشقيقين وهو مقيم أيضا داخل المدرسة ، وسار كل عريس مع زوجته بعيدا عن الأخر ، وأقيمت الفرحة في مدرستين برفح ، ومع اقتراب الليل انسحب كل عريس مع عروسته للغرفة التي تم تحديدها له في هذه الظروف الخاصة وسط فرحة أقاربهم المتواجدين . واهدت إدارة المدرسة برفح العرسان أجهزة كهربائية وفرشات جديدة وأغطية وسلة غذائية تكفي لأسبوع ومواد تنظيف للمطبخ وأدوات شخصية أمام الحضور ، كما ألقت إدارة المدرسة كلمة شكروا فيها كل من ساهم في إنجاح هذا الفرح . وطالب العرسان الاونروا بتوفير مسكن لهم نظرا لتضرر منازلهم خلال الحرب ليتمتعوا بحياة أمنة برفقة زوجاتهم . ويذكر أن العريس عمر أبو النمر قد تزوج قبل عدة أيام في مركز إيواء أيضا غرب مدينة غزة ، رغم تشرده وعدم حصوله على منزل وليس له أقارب في قطاع غزة.
المصدر: دنيا الوطن