عندما زار فريق "هوية" الحاج توفيق (أبو فوزي) في منزله بتاريخ 18/12/2013، قالوا عنه:
"هو المقيم بجسده في مدينة صيدا، وبروحه في قريته لوبية التي يصفها على الحال الذي كانت عليه قبل 65 عاماً، ويعدد بيوت جيرانه فيها واحداً تلو الآخر".
ولكنه اليوم قد غادرنا ولم تكتحل عيناه برؤية لوبيا مرة أخرى، غادرها وهو قابع في اللجوء يتذوق مرارتها يوماً بعد آخر.. لا نشك أن مشهد الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني في غزة في مواجهة العدوان قد بعث فيه وفي نفس كل لاجئ أملاً جديداً باقتراب موعد العودة إلى المدن والقرى التي اقتلعوا منها.. ولكنه القدر الذي أراده الله، ليدفن أبو فوزي في اللجوء بانتظار عودة أبنائه وأحفاده كما كان يردد في حياته..
كانت ذاكرته قوية، فساعد هوية في جمع شجرة العائلة وتوثيق جذورها، وقدم لها الكثير من الصور والأوراق والمعلومات التي توثق انتماء عائلته إلى لوبيا..
وفي شهر أيار الماضي، عندما بحثت قناة الجزيرة عن شاهد من شهود النكبة قادر على تصوير مشهد النكبة بعد كل هذه السنوات، كانت زيارتهم إلى بيت الحاج أبو فوزي، الذي لم يخيب ظنهم فروى لهم شهادته عما رأى وسمع، كأن العدوان لم يمض عليه سوى أيام وليس 66 سنة.
لجأت إليه "هوية" أكثر من مرة للاستفادة مما عنده، فكان يفيض عليهم بالذكريات والمعلومات، وكذلك "العتابا" والميجانا للترحيب والوداع.. وكان مما غناه:
أنا لاحمل آلات الطرب والعود
وبلكي الزمان المضي يا ليل يعود
نذراً علينا اذا ع فلسطين بنعود
لنحلّي قبة الصخرة ذهب
نسأل الله له الرحمة.. يشتد الألم على فراقه وفراق كل من نشتم فيهم رائحة فلسطين.. ولكن عزاءنا أن الله لا يضيع أجر الصابرين والثابتين.. وقد صبر وثبت ولم يفقد الأمل بالعودة.. بل غرسها في جيل من الأبناء والأحفاد لا نظنهم إلا خطى جدهم بالإصرار على العودة إلى لوبيا..
رحم الله أبا فوزي.. وألهم أهله الصبر والسلوان والعودة إلى ديارهم إن شاء الله