جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
تقرير عبدالله زيدان
فلسطينيو 48
12/2/2014
ليس بالإمكان الوصول إلى رميه، إلا من خلال العبور من داخل مدينة كرمئيل "اليهودية" التي أقيمت على أنقاضها، التي كانت وما زالت سببًا في نكبات أهلها المتعاقبة.. هي حي صغير -كانت قرية- يواجه خطر التهجير وهدم البيوت، بيوتها مبنية من الاسبست، بل قُل بيوتها خرابٌ تفتقرُ لأبسط مقومات الحياة الطبيعية التي يتطلبها الانسان العادي البسيط، لا كهرباء، لا اسفلت يمنع عنهم الوحل في الشتاء، لا أسباب لمنع البرد في الشتاء ولا الحرّ في الصيف، أراضي أهلها مصادرة، حُطّم أحلام الشباب في البناء والمستقبل الواعد على صخرة الظلم الواقعِ على أهلها. وفي الوقت ذاته هي واقعة على مرمى حجر من بيوتٍ فارهة، محاطة بها، ينعم بها السكان اليهود والقادمون الجدد، فِلَلٌ وعمارات كبيرة حديثة وكلّ ما هو متطور.. على مرمى حجر "فقط!" والسكان الأصليين ينظرون إلى تلك البيوت الحديثة المتطورة ولا عجب أن تدمع أعينهم، إذ ليس بالإمكان الاعتراض أو حتى تطوير أماكن سُكناهم... إنّه ذلك الظلم حينما تجره نكبات الاحتلال وآثارها منذ عام 1948 على الشعب الفلسطيني.. رمية.. يسكن أهل رمية الجليليّة في أراضيهم قبل النكبة... وإذا هم نجَوْا من التطهير العرقي في نكبة عام 1948، فقد وقعوا ضحايا المشروع الكولونيالي العنصري المسمّى "تهويد الجليل" والذي من خلاله أقيمت مدينة كرميئيل – ويجسّد معًا نظامًا للفصل العنصري ووسيلة للاستيلاء على أراضي السكان العرب في المنطقة. هذه السياسة المعتمدة ضد العرب الفلسطينيين في الجليل والمثلث والساحل والنقب مصدرها واحد- نظام الأبارتهايد الإسرائيلي الظالم. في عام 1976 أصدرت الحكومة الإسرائيلية أوامر بمصادرة أراضي رمية بـحجة "التنمية لأغراض الجمهور" (للمصلحة العامّة). وكانت القرية آنذاك تقع خارج المنطقة السكنية بكرمئيل. ولكن الهدف الحقيقي من وراء هذه المصادرة ليس خدمة أهالي المنطقة بل تهجيرهم وعزلهم في غيتوات الفقر، والسيطرة على أراضيهم لفائدة اليهود فقط. لا يظهر نظام الفصل العنصري في الجليل ومدن التهويد الذي تمثله كرميئيل، وتجمعات مسغاف، ونتسيرت عيليت ومعلوت وغيرها، في مصادرة الأراضي وتخصيصها بحسب المعايير العنصرية فحسب، وإنّما أيضًا من خلال التمييز في إعداد البنية التحتية وتوفير الخدمات للسكان، ووضع العراقيل أمام البناء السكني في المجتمعات العربية مقابل تشجيع الاستيطان اليهودي، ومنع التنمية الاقتصادية في الغيتوات العربيّة مقابل التسهيلات والحوافز في مدن الفصل العنصري. رمية وكرميئيل أوضَحُ إثبات للطابع العنصري لمدينة كرميئيل هو معاملة أهل رمية - الذين يعيشون على أراضيهم المسجلة في مكتب تسجيل الأراضي منذ فترة طويلة قبل تأسيس كرميئيل. عادةً تكون الحجة ضد القرى العربية غير المعترف بها المقيمة على أراضي يملكها سكانها أنّها مبنية على أرض زراعية، وبالتالي لا يمكن ترخيص أي بناء فيها - حتى لو كان مبنىً قديمًا. ولكن رمية، ومعها أراضيها، أصبحت في قلب منطقة البناء في المدينة اليهودية بعد سنين من الزحف الاستيطاني العنصري، فلماذا إذن لا يتمّ الاعتراف ببيوت رمية كقرية منفصلة أو كحي في مدينة كرميئيل؟ الجواب واضح: لأن كرميئيل تأسّست كمدينة لليهود – على أراضي العرب. وقد صدر أمر مصادرة أراضي رمية في عام 1976 من خلال حملة مصادرة واسعة استهدفت أراضي القرى والمدن العربيّة في الجليل - بـحجة "الاحتياجات العامة" - في ذروة الحملة العنصرية لتهويد الجليل. وبعد معركة قانونية طويلة بلا فائدة، صادقت المحكمة "العليا" في 131992 على هذه المصادرة. وقد شهدت تلك الفترة حملة احتجاجات مكثفة نظمتها لجنة المتابعة على أرض القرية أدت إلى فرملة المخطط. لكن الإساءة إلى سكان رمية لم تنته بالمصادرة نفسها؛ فمن أجل إجبار السكان على التخلي عن بيوتهم وأرضهم تتعمّد بلديّة كرميئيل والمؤسسات المختلفة تنفيذ سياسة حصار وحرمان من الاحتياجات الأساسية، ممّا يذكرنا بالحصار المفروض على غزة. مثال صارخ واحد على الظلم هو منع الكهرباء عن رمية. عندما أحضر السكان مولّدات الكهرباء (من يستطع التعلم على ضوء الشموع في هذه الأيام؟) اشتكى "الجيران" من صوت المولّدات الصاخب. وبدلاً من توفير الكهرباء للسكان، ترسل بلدية كرميئيل مفتشيها للمطالبة بإطفاء المولّدات في الليل وتترك سكان رمية في الظلام والبرد.