جنين 22-3-2015 وفا – عميد شحادة
يتقافز تلاميذ مدرسة عَجَّة الأساسية جنوب جنين في ساحة مدرستهم، رافعين فوق رؤوسهم ما حصلوا عليه من جنيهات فلسطينية طبعتها المدرسة قبل أيام، وطُرحت للتداول بين التلاميذ، حتى صارت عملتهم الرسمية، يشترون بها ما يريدون.
داخل خزنة صغيرة في غرفته، يحتفظ مدير المدرسة بمئات الجنيهات الفلسطينية، التي يوزعها على المعلمين ليكافئوا بها من يجتهد من تلاميذهم الصغار.
يقول المدير غازي ملحم: 'طبعنا الجنيه ضمن مشروع لتعزيز التعليم، نحاول من خلاله ترسيخ قيم وطنية في عقول التلاميذ الذين صار بإمكانهم شراء الهدايا والطعام بالجنيه الفلسطيني'.
طبعت بريطانيا الجنيه الفلسطيني عام 1927، واليوم تعيد طباعته مدرسة فلسطينية. كان الجنيه عملة فلسطين الرسمية قبل نكبتها، وآخر مرة تعامل الفلسطينيون به كانت قبل خمسة وستين عاما، إذ توقفت لندن عن إصدار الجنيه وحلت مجلس فلسطين للنقد عام 1948.
يبدو الأمر ظريفا، يتسابق التلاميذ في اجتهادهم للحصول على جنيه يحفظونه في حقائبهم بلهفة، ليشتروا الحليب والهدايا من مقصف المدرسة، لكن ذلك لم يمر من دون أسئلة صغيرة عن سبب انقطاعه، يجيبهم عليها معلموهم الذين لم يستلموا راتبا كاملاً منذ عدة شهور، بعد أن قررت إسرائيل احتجاز أموال عائدات الضرائب التي تجبيها لصالح السلطة الفلسطينية.
يضيف ملحم: 'يشتري التلاميذ ما يريدون من المقصف، ونحن في نهاية الأسبوع نأخذ الجنيهات من صاحب المقصف ونعطيه بدلا منها شواقل، والمجلس القروي يمول المشروع'.
زمان، في العشرينيات، رفض الفلسطينيون قرار بريطانيا إصدار عملة فلسطينية، وخرجت مظاهرات في يافا وحيفا سميت بمظاهرات النقود، احتجاجا على ألاعيب الانجليز بما يخص الجنيه، الذي اكتشف الناس أن حرفي ألف وياء المدموغان بخجل على قطعه المعدنية، هما اختصار لـ 'أرض إسرائيل'.
يقول رئيس قسم العلاقات العامة في مديرية التعليم بقباطية، عمر عبد الرحمن: 'هذا مشروع ناجح. الطالب صار يعرف أنه كان هناك عملة فلسطينية اسمها الجنيه. الجنيه حل محل الشيقل في المدرسة، والطلاب يستخدمونه في البيع والشراء كأنه عملة رسمية بالفعل. سيترك هذا المشروع أثرا وطنيا ينمو يوما بعد يوم في أذهان التلاميذ'.
احتل الصهاينة فلسطين على الورق أولا، ثم ثبتوا أنفسهم على طوابع البريد والأوراق الرسمية والنقود، وآخر شيء أخذوا أرضها، والفلسطينيون أيضا يتشبثون اليوم بأي ورقة تحمل اسم بلدهم.