جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
بعد مرور سنوات طويلة على ذكرى النكبة الفلسطينية بتهجير السكان لقطاع غزة، استذكرت المسنة ام شريف الكحلوت "80 عاما"، لحظات حياتها الجميلة فى كنف اسرتها فى قرية نعليا، احدى القرى التى هاجر منها سكانها الى قطاع غزة. وعاشت ام شريف برفقة اشقائها سلمان والعبد واحمد وسليم وتوفى اثنين منهم، وشقيقاتها مريم وصفية ورابعة ورفقة وامنة وثريا، وتبقى اثنتين منهم على قيد الحياة . ولدت ام شريف عام 1935 فى قرية نعليا وعاشت حياتها برفقة والدها محمد سلمان الكحلوت الذى عمل فى التجارة والزراعة، ولم تذهب الى مدارس للتعليم كباقى بنات القرية لعدم وجود مدارس فى ذلك الوقت ولا سيارات . وعاشت فى بيت كالقصر بناه والدها على تلة عالية يحيط بها الاشجار والاراضى المزروعة بكل انواع الخضار والفواكه، وكانت تشاهد الحياة فى قرية الجية المجاورة لهم لعلو منزلهم، واختار والدها ابواب وشبابيك المنزل من قطاع غزة من افخر الانواع. وقالت عن حياتها فى منزلها وقريتها نعليا " كان والدى يزرع 80 دونم بالشعير والقمح والذرة بارضه التى سميت ارضى صبحي، وزرع 80 دونم فى ارض النبي ايضا كنت اقوم بحراستها طوال النهار، وارض شحدة فى نفس بلدتنا مزروعة بالباذنجان، ويقوم والدي بتسويق الخضار على شاحنته الخاصة، ويبيعها فى المجدل، كنت ارافقه اليها لانه الوحيد الذى يمتلك شاحنة". ومن وجهاء قرية نعليا كان والدها وحمادة سمور وشحادة الكحلوت، ويجتمعون على امرهم فى منزلهم للمشاورة فيما بينهم . وفى بداية النكبة سرت اخبار بين سكان القرية عن قدوم اليهود الى القرية ووصولهم لقرية الجورة بعد خروجهم من البحر اليها، وهب السكان حاملين العصي للدفاع عن ارضهم باتجاه البحر لملاقاة اليهود، الا انهم لم يجدوا احدا هناك وعادوا الى بلداتهم . ولكن بعد سماع المواطنين عن مذابح اسرائيل فى دير ياسين وذبح الاطفال والنساء، وورود انباء عن بدء اجتياح اسرائيل لبلداتهم من المنطقة الشمالية وقيامهم بمذابح هناك، هرب المواطنين دون ان يروا اليهود من بلداتهم باتجاه قطاع غزة، بعدما اغلقوا منازلهم كما هى على امل العودة اليها فى اليوم الثانى بعد هدوء المعركة . ولكن بعد طول فترة المعركة وتنفيذ مخطط اسرائيل بالاستيلاء على بلداتهم استقروا فى قطاع غزة، تاركين خلفهم متاع حياتهم الحقيقى واموالهم وحصادهم الزراعي وملابسهم فى منازلهم، ليبكوا على اطلال حياتهم الجميلة فى بلداتهم الاصلية. واستذكرت ام شريف هذه اللحظات جيدا وقالت" جاء والدي الينا بعدما قمنا بدفن محاصيل القمح والشعير والذرة فى الارض بكميات كبيرة وهائلة على امل العودة فى اليوم الثانى لبيعه، وطلب منا الصعود الى سيارته الكبيرة، ولم نحمل اي من اغراضنا الشخصية او حتى الملابس، ونزلنا فى منطقة المحطة شرق مخيم جباليا الشارع العام، واستقرينا مبدئيا فى ارض ابو سعدي بالقرب من جامع المحطة، وكنا داخل السيارة ما يقارب 20 اسرة من افراد اسرتنا والعائلة وعائلة المقيد، ومهاجرين من قرية سمسم وبيت دراس، واستلمنا فيما بعد خيام واسعة لكل اسرة واكياس طحين، ونزلت علينا الثلوج بعد الهجرة مباشرة". وتابعت عمل والدي بغزة فى التجارة وبيع القماش الخاص بالخيام فى سوق فراس برفقة عمي ومساعدة شقيقي، وبدأت اتعلم نسج الملابس داخل المنزل، وكنت انتج اسبوعيا بلوزة رجالية فاخرة تستلمها مني سيدة تتعاقد مع المحلات التجارية وتبيعها لهم". وانتقلت ام شريف برفقة اسرتها للعيس غرب منطقة وادى غزة لوجود اشجار كثيرة هناك، يستخدمونها لاشعال النيران لطهي الطعام، ثم انتقلت من جديد فى ارض تعود لعائلة عجوز وسط مدينة غزة(الساحة)، وتزوجت ام شريف حين كان عمرها16 عاما، حيث اقيم عرسها فى خيام ودفع اهل زوجها5 ليرات من اجل مشاهدتها، الا انها رفضت من شدة الخجل، وكان بامكانها شراء ارض تقدر بنصف دونم بهذا المبلغ المقدم لها. وبعد الموافقة من الطرفين تم الزواج بعد لبسها البدلة البيضاء، مغطاة بعباءة كبيرة تسترها، وانتقلت لبيت زوجها فى شاحن كبير جلست خلاله على كرسي وحيد متواجد فيه، بمرافقة اخوانها واخواتها، ورقصت نساء العائلة فى الفرح بعد غنائهم والطبل على (حديدة)، ولم يشاهدها زوجها الا يوم الفرح. وتضم قرية نعليا عدة عائلات فى قطاع غزة من ضمنها الكحلوت والمقيد وسمور وابو وطفة وشاهين وريان وحسن وحسين وفريج. واطلق على نعليا سابقا قرية الخضيرة لجمالها بالارض المحيطة بها المزروعة بكل انواع الخضار والفواكه،مثل الزيتون والموز والتفاح والليمون والزيتون والخوخ والانجاص والبرتقال والعنب والكرفوت والفرنساوى والكلمنتينا والصبر والتين والجميز، ويحدها قرية المجدل والجية والجورة والخصاص.
المصدر: دنيا الوطن