القرية قبل الإغتصاب
كانت القرية مبنية على منحدر بالقرب من الطرف الجنوبي الغربي لمدينة صفد، وتربطها طرق عدة بالمدينة. وكانت تقع في الحوض الذي يغذي الشطر الأعلى من وادي الليمون، وتشرف على عدة أودية، وتواجه جبل الجرمق. كما كانت غنية بالينابيع والآبار. ومن الجائز أن يكون القسم الأول من أسمها تيمناً بالظاهر بيبرس (1233-1277)، السلطان المملوكي. أما القسم الثاني، ((التحتا))، فلتفريقها عن الظاهرية الفوقا، القرية المتاخمة لها . في سنة 1596، كانت الظاهرية التحتا قرية في ناحية جيرة (لواء صفد)، وعدد سكانها 308 نسمات وكانت تؤدي الضرائب على عدد من عناصر الإنتاج والمستغلات، كأراضي الرعي والماعز وخلايا النحل ومعصرة كانت تستعمل لعصر الزيتون أو العنب. في أواخر القرن التاسع عشر، كانت الظاهرية التحتا قرية مبنية بالحجارة عند أسفل أحد التلال. وكانت محاطة بشجر الزيتون والأراضي الزراعية، وعدد سكانها 100 نسمة تقريباً.
في الأزمنة الحديثة، كانت الظاهرية التحتا مستطيلة الشكلن ومنازلها شديدة التراصف بعضها قرب بعض. ولما كان التوسع نحو الغرب متعذراً بسبب المهاوي المحيطة بوادي الليمون، فقد شُيدت المنازل الجديدة إلى الشمال الغربي من المنازل الأقدم عهداً. وكان سكان القرية في معظمهم من المسلمين، ويرسلون أطفالهم إلى مدارس صفد. وكان عرب الخرابنة من البدو يضربون خيام المصيف غربي القرية. وكان فيها بضع معاصر للزيتون الذي كان شجره يغطي 145 دونماً، ولا سيما في الأراضي الشرقية، وفي الأراضي الممتدة بين القرية والمشارف الجنوبية لصفد. في سنة 1944، كان ما مجموعه 3042 دونماً مخصصاً للحبوب، و810 من الدونمات مروياً أو مستخدماً للبساتين.
إحتلال القرية وتطهيرها عرقيا
سقطت القرية بعيد سقوط صفد، مركز القضاء، في 10 أيار/مايو 1948. وقد ذكر تقرير أعدته الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، في الشهر التالي، أن السكان فروا خوفاً من هجوم يهودي وشيك. كما أشار تقرير لجيش الإنقاذ العربي إلى وقوع هجوم على القرية قبل بضعة أيام. ففي 5 أيار/مايو، ذكر قائد جيش الإنقاذ فوزي القاوقجي أن قوات يهودية حاولت في اليوم السابق احتلال الظاهرية التحتا، فضلاً عن مدينة صفد، وأن ((الهجوم صُد)) من قِبل الكتيبة الثانية في فوج اليرموك.
إن هاتين الروايتين تعززان شهادة شهود العيان في الأعوام اللاحقة. فقد تذكر بعض السكان أنه في 1 أيار/مايو، وبعد الهجوم على عين الزيتون، أجلي الشيوخ والنساء والأطفال إلى منطقة عين الوحوش، جنوبي القرية مباشرة. وهذا ما ترك لميليشيا القري، المؤلفة من 20-30 رجلاً حراسة القرية. ولما سمعت الميليشيا بسقوط صفد في 10 أيار/مايو، انسحب أفرادها للالتحاق بعائلاتهم. وذهب نفر منهم، بعد ذلك، إلى قريتي الفراضية (إلى الجنوب) والسموعي (إلى الشرق). واستناداً إلى شهادة الناجين، الذين أجرى المؤرخ الفلسطيني نافذ نزال مقابلات معهم، فإن بعضهم حاول العودة لأخذ بعض المتاع، وقلت نفر قليل منهم بألغام زرعتها الهاغاناه.
القرية اليوم
تغيرت معالم الموقع كله تغيراً تاماً بابتلاع صفد، في توسعها، أراضي القرية. ويخترق الموقع شارع، هو جزء من أحد أحياء البلدة، يوصل إلى مجموعة منازل حديثة البناء. لكن لا يزال في إمكان المرء أن يشاهد الأنقاض الحجرية المتناثرة من المنازل المدمرة، فضلاً عن العوارض الحديدية الناتئة من بعض الحيطان الأسمنتية الخربة. ولا تزال المقبرة ظاهرة، وإن كان التلف طغى عليها. وينبت بعض شجر اللوز والزيتون في طرف الموقع.
المغتصبات الصهيونية على اراضي القرية
ذاب الموقع في جملة الأحياء الجنوبية من بلدة صفد اليهودية، التي أنشئت بعد سنة 1948.