قوصين قضاء نابلس
قوصين..قرية فلسطينية تحلم بالنقاء
# نابلس
تبعد قرية قوصين حوالي 8كلم غرب مدينة نابلس، تلفها مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بأشجار الزيتون والتين وغيرها من المزروعات التي يعتاش عليها الأهالي، الذين يعتمدون على الرعي وتربية الدواجن كمصدر رزق لهم.
ورغم صغر حجم القرية وعدد سكانها الذين لا يتجاوزون الألفي نسمة إلا أن همومها ومشاكلها تثقل من كاهلها، فالتلوث الحاصل نتيجة وجود منطقة صناعية للاحتلال على أراضيها ضاعف من همها، حيث قام الاحتلال بمصادرة عشرات الدونمات وأقام عليها تجمع صناعي يطلق عليه "بار أون" ينتج عنه ملوثات عدة اغلبها تقع ضمن مواد سامة وخطرة وذلك حسب الدخان المنبعث منه، ناهيك عن المياه العادمة السامة التي تصدر منها وتخرج مباشرة إلى الأراضي والى المناطق الصخرية القريبة مما يهدد المياه الجوفية.
ولا تقف المعاناة عند هذا الحد، فمنذ أشهر أعاد الاحتلال افتتاح مكب النفايات القائم على أراضي قوصين ودير شرف، وتقوم الحاويات الإسرائيلية بتفريغ حمولتها الملوثة بأراضي القريتين.
تتضاعف معاناة القرية مع مرور الوقت، يرفعون أصواتهم عاليا دون أن يكون هناك مجيب لمناشداتهم وتوسلاتهم بإنقاذ القرية من خطر محدق بهم.
يقول عضو مجلس قروي قوصين وائل شنطي إن تزايد نسبة التلوث بالقرية انعكس سلبا على الوضع الصحي لسكان القرية، وأدى إلى تزايد الإصابة بمرض السرطان، فهناك 22 حالة مريضة بالسرطان بالقرية توفي ستة منهم، كما أن الأهالي يعانون من أمراض أخرى نتيجة تلوث الهواء.
ولا ينفك الأهالي من الاعتصام والاحتجاج ضد الملوثات المنتشرة، كما شهدت القرية احتجاجات دورية ضد وجود أبراج الاتصالات الإسرائيلية على أرضها والقريبة منها، وأبراج الشبكات الخلوية الفلسطينية.
وبالإضافة إلى المنطقة الصناعية الإسرائيلية "بار أون" المقامة على أراضي قرية قوصين، هناك مستعمرة "كدوميم" المقامة على أراضي قريتي كفر قدوم وقوصين.
قوصين التي تربو على تلة تعشق مشهد القرى القريبة منها لا زالت رغم الألم تحتفظ بهدوئها وتحتفظ بتاريخها داخل أرضها، حضارة عريقة لا زالت مدفونة تحت التراب لا يعرف أهلها سوى أن هناك تاريخ عريق مدفون بداخلها يخبأ أسرار عديدة.
الحاج أبو سميح أبو ليلى يتنقل بين البيوت القديمة في قريته يتذكر طفولته التي عاشها بين أزقتها، يتحدث عن ماضي القرية التي اتسم بالهدوء، ويشير إلى وجود آثار تحت هذه المنازل ومن أشهر المواقع الأثرية التي تحتضنها قوصين خربة بيت سلوم، ومقام سيدنا علي غرب البلدة بالقرب من المنطقة الصناعية، وفيها آثار تعود عمرها لـ400 سنة كما قدرها بعض الخبراء، إلا أن هذه المناطق جميعها غير مكتشفة، فجزء بسيط جدا تظهر معالمها، إلا أن معظمها يختفي داخل الأرض، فهو بحاجة إلى آليات وفرق عمل للكشف عنه.
مشيرا " قوصين معروفة بأنها قرية وادعة وساكنة، ويعرف عن سكانها البساطة وزهد العيش، إلا أن التلوث الحاصل على أراضيها قد مضاجعها".
ويكمل أبو سميح سرده لتاريخ قريته قوصين بكسر القاف أو "قاسيا" كما كانت معروفة قديما، والتي تعني بالسريانية القديمة "المحطبة" لكثرة الأشجار فيها، كان الأتراك يستخدمون حطب قوصين كفحم وقودا لقطار السكة الحديدية.
كما ترجع تسمية قوصين بهذا الاسم حسب الكتب القديمة إلى نبات "القوص"، الذي يتغذى عليه النحل لتكوين العسل، واشتهرت القرية به.
كما اشتهرت القرية بإنتاج زيت الزيتون وزراعة اللوزيات وزراعة أنواع مختلفة من الخضراوات، وفيها ثلاث مدارس أساسية وثانوية.
ويفتخر أهالي قوصين بتراثهم الفلسطيني وعاداتهم وتقاليدهم المتوارثة، من خلال تمسكهم بها ومشاركة بعضهم البعض المناسبات المختلفة.
ويتفرع أهالي القرية من عائلات عدة عريقة، هم عائلة أبو ليلى، وآل سلمان، وآل عبد ربه، وآل اليدك الكرام، وآل خضر وآل جبر، وفي القرية أيضا مسجدان.
نستودع قوصين وأهلها الكرام بحفظ المولى عز وجل نتمنى لهم السلامة التي ينشدونها يوميا، يتطلعون إلى أرضهم خالية من التلوث، يحلمون بنقاء ذلك الماضي الذي عاشه أجداده