بحسرةٍ وألم يتفقد المزارع محمد رشاد أبو عصر (30 عامًا) دونمات عائلته الأربعين التي أحرقتها المبيدات السامة التي رشتها الطائرات الصهيونية على المناطق الحدودية الفاصلة بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة عام 1948.
وبشعورٍ متناقض بين الإرباك والحزن يتحدث أبو عصر عن الخراب والدمار الذي أصاب محاصيلهم التي تعد مصدر الدخل الوحيد لعائلته في ظل ارتفاع نسبة البطالة في قطاع غزة.
ويتنقل المزارع الفلسطيني بين شتلات الفول وسنابل القمح والشعير والحسرة تملأ عينيه، ليصرخ بأعلى صوته: "حرام هيك يا عالم، هذه نعم الله علينا بناكل وبنعيش منها"، مناشدًا العالم بالتدخل من أجل وقف هذه الجريمة بحق الأراضي الزراعية كافة.
ما جرى مع المواطن أبو عصر لم يكن أمرًا جديدًا، فعلى مدار 16 عامًا يشكو المزارعون على الحدود الشرقية لقطاع غزة من إعدام محاصيلهم وهلاكها من جراء رش طائرات الاحتلال الصهيونية المبيدات "غير المعروفة" على دونماتهم الوافرة بالمحاصيل المختلفة.
ويفيد مدير الإدارة العامة للتربة والري بوزارة الزراعة نزار الوحيدي: أنّ أكثر من 25 ألف دونم تتعرض بشكل سنوي للدمار والهلاك بسبب ما تتعرض له من رش مبيدات من طائرات الاحتلال الصهيوني.
ويقول: "هذا الإجراء الصهيوني المتكرر منذ سنوات، يهدف إلى تدمير الأراضي الزراعية وقطع أرزاق أصحابها"، محذرًا من أنّ خطر هذه المبيدات لا يظهر على المحاصيل إلا بعد أسبوع أو عشرة أيام.
وتتطابق روايتا وزارة الزراعة والمزارعين على الحدود الشرقية لقطاع غزة، حيث إنّ هذه المبيدات تؤدي إلى إعدام تام للمحاصيل، وهلاك للمساحات الزراعية الشاسعة، "فلا يمكنهم الزراعة في أرضهم إلا بعد انتهاء مفعول هذه المبيدات في مدة لا تقل عن عام على الأقل، وهو ما يعرض المزارعين لخسائر فادحة" يقول الوحيدي.
وبشروع الاحتلال برش المبيدات الكيماوية لا ينسق مع أي جهة في قطاع غزة، ولا حتى يقدم إشعارًا للمؤسسات الدولية، ما حدا بوزارة الزراعة إلى إبلاغ الصليب الأحمر بما يجري؛ حيث يتكتم الاحتلال على طبيعة هذه المبيدات الكيمياوية.
ويصف الوحيدي، ما يرشه الاحتلال على الحدود بأنّها "مبيدات سامة" تمس بصحة المواطن الفلسطيني بشكلٍ أساسي، "ويتعمد من خلالها الاحتلال ضرب قطاع غزة الزراعة، وإفقار المزارعين وتجويعهم".
ويؤكّد المسؤول بوزارة الزراعة، أنّ خطورة الرش الذي تقوم به قوات الاحتلال الصهيونية، هو عدم معرفة الوزارة بماهية تلك المبيدات ومكوناتها، مما يحد من قدرتهم على توفير الإرشادات والنصائح اللازمة للمزارعين على المناطق الحدودية لاتخاذ الاحتياطات الوقائية.
ويشير الوحيدي، إلى أنّ الاحتلال يهدف من خلال عمليات الرش على المناطق الحدودية، إلى إعدام وإبادة المحاصيل الزراعية كافة، بحجة أنّها تغطي على عمليات التسلل إلى الداخل المحتل، لكّنه رد بقوله: "هذا الكلام غير صحيح ولا يمكن قبوله؛ حيث إن المحاصيل التي تزرع على الحدود من فئة الورقيات أحيانًا والمحاصيل الخفيفة لا يتجاوز ارتفاع شتلاتها نصف متر، وفي أقصاها تصل إلى متر واحد".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام