فلسطين اليوم - 15 مايو 2017
من بلدتها في المالحة خرجت الحاجة سارة حسن المعلا « أم باسل » مع عائلتها في العام 1948 إلى بيت خالها في سلوان جنوب مدينة القدس المحتلة، في حينه، ولا تزال تذكر جيداً كيف كان المختار في القرية « عبد الرحمن درويش » يطلب من العائلات الخروج خوفاً مما وصل لهم من أنباء حول المجازر التي وقعت في البلدان القريبة.
تقول:« سمعنا إطلاق النار على أطراف القرية، وتحديداً من جهة المقبرة، فخاف أبي علينا وخرجنا مباشرة، ولم نعلم ماذا حدث بالبلدة إلا بعد أيام احتلتها العصابات الصهيونية بالكامل ».
الحاجة سارة كان عمرها 16 عاماً حين خروجها من المالحة، ولا تزال تذكرها بكل تفاصيلها عن ظهر قلب، كما قالت، رغم رحلة المعاناة والشقاء التي عاشتها وعائلتها على مدار 69 عاماً من اللجوء، حتى استقر بها الحال أخيراً في مخيم الأمعري بين مدينتي رام الله والبيرة وسط الضفة الغربية.
وتقع قرية المالحة إلى جنوب غرب القدس المحتلة، وتحيط بها قرى لفتا وشرفات و بيت صفافا والولجة، وكان سكانها يعيشون على الزراعة، فقد كانت من القرى الخصبة بمحيط مدينة القدس.
خرجت سارة ووالدها ووالدتها وأِشقاؤها الخمسة مشياً على الأقدام من المالحة إلى سلوان، وبقي المقاومون في القرية، وكان منهم من عائلات الحوري وأعمر، ومعلا، واستشهد عدد منهم.
في سلوان بقيت عائلة الحاجة سارة لأقل من شهر، ثم انتقلت لمدينة البيرة، حيث كانت المنطقة مزروعة بشجر السفرجل، أقام لهم والدها معرش كبير وعاشت العائلة مع مئات العائلات التي عاشت هناك معهم، حتى أقيم المخيم وانتقلت عائلتها إلى المخيم.
في أرض المخيم، من جهة البيرة كانت خيمه عائلتها، ولم يكن يلحق بها أيه خدمات أخرى، لا حمامات ولا مطبخ، وتستذكر الحاجة سارة شتاءً قاسياً مضى عليهم نزل فيه الثلج بشكل قوي، حتى كانت الخيمة لا تحمل ما عليها من ثلج، والمياه تدخل إلى الخيمة:« والدي قام بصف صخور كبيرة حول الخيمة خوفا من هدمها، كان البرد ينخر في العظم لشدته ولا يوجد أيه مصدر للتدفئة لدينا ».
وفي ذلك الوقت كان عائلة الحاجة سارة وحيدة في المخيم دون عائلتها الكبيرة، حيث توجه عمها وبرفقة جدتها إلى بلدة ترمسعيا القريبة من رام الله، ثم انتقلوا إلى البيرة ومنها بعد سنوات إلى المخيم« .
وبقيت عائلة الحاجة سارة قرابة العام والنصف في الخيام، تزوجت خلالها وخرجت عروس وعمرها لم يتجاوز 16 من خيمة والدها لخيمة زوجها في المخيم.
عمل والدها في المخيم في نقل الحجارة على عربة وبيعها بثلاثة قروش، وهو ما جعلهم يبنون » سكايف" منازل بلا أسقف، وعاشوا فيها بدلاً عن الخيمة، حتى تحسن وضعهم المادي واستطاعوا بناء البيوت التي يسكنوها اليوم.
كانت عائلة الحاج سارة تعيش على الزراعة كما باقي أبناء القرية، كانت تزرع أرضها بالخضار الصيفية من لوبيا و فاصوليا و البندورة والكوسا، إلى جانب عمل جانب من أبناء البلدة عمال في المعسكرات الإنجليزية.
وتستذكر الحاجة سارة الحياة في بلدتها وأعراسها من سهرات ودبكات لأيام، والثوب الذي كانت تلبسه العروس والسيدات في البلدة، الملك و الغبانه والروزة، وهي ما زالت تحتفظ بها حتى الأن بعد أن تعلمت تطريزها من والدتها.