يتعرض سكان الأغوار الفلسطينيون منذ سنوات لاعتداءات إسرائيلية منظمة؛ بغية تهجيرهم ودفعهم لترك أراضيهم، والاستيلاء عليها.
ولم تدخر سلطات الاحتلال أي وسيلة لسلب أراضي الفلسطينيين والسيطرة عليها إلا وفعلتها، وآخرها "الاستيطان الرعوي".
من خلال هذا النوع، يرعى مستوطنون فرادى وجماعاتٍ مواشيهم في أراضي الفلسطينيين؛ فبقطيعٍ من الأغنام أو الأبقار يجوبون أي أرض فلسطينية تقع أعينهم عليها وكأنهم أصحابها، ويشكلون تهديدًا وجوديًّا للسكان.
سرقة ما تبقى
في حديث خاصّ لـ"المركز الفلسطيني للإعلام"، قال الخبير في شؤون الاستيطان، عارف دراغمة: "خلال الـ5 سنوات الأخيرة بدأ الاحتلال سياسة جديدة لتقويض المواطن الفلسطيني، وسرقة ما تبقى من أراضي الأغوار؛ من خلال الاستيطان الرعوي".
وأضاف: "أقيمت 6 بؤر استيطانية رعوية جديدة في مناطق مختارة من الأغوار وخاصة في المنطقة الشمالية، وأحضر المستوطنون معهم قطعان الأبقار والأغنام التي يطلقونها لترعى في المراعي والأراضي الزراعية الفلسطينية".
وتابع: المستوطنون يقولون أين تصل أبقارنا تكون الأراضي لنا، وبالتالي باتوا يسيطرون على مساحات كبيرة منها، خاصة الأراضي الرعوية والزراعية.
هذه الأراضي أغلبها في مناطق السويدة والحمة وعين شبلي وحمصة والحديدية وعين مكحول وسمرة، وبالتالي فإن المستوطنين سيطروا على حوالي 45 ألف دونم من خلال الاستيطان الرعوي حتى الآن، بحسب المختص.
ويوضح الناشط في رصد وتوثيق انتهاكات الاحتلال في الأغوار، أن المستوطنين يستقوون بجيش الاحتلال وشرطته على المواطنين.
ففي أكثر من مرة اعتدى المستوطنون وقوات الاحتلال على الفلسطينيين، واعتقلت عددا منهم، بدعوى الرعي في محميات طبيعية أو التعرض للمغتصبين.
وأضاف دراغمة: في حين تحظر سلطات الاحتلال على الفلسطينيين الرعي في أراضيهم الخاصة، تطلق العنان للمستوطنين لتهيم أبقارهم فيها؛ ما يؤدي إلى ضياع محاصيلهم، وتكبّدهم خسائرَ مالية فادحة.
وتساءل: ماذا يعني أن يزرع الفلسطيني عشرات الدونمات بالقمح ومن ثم تلتهم أبقار المستوطنين المزروعات؟، إنه تقصير أمد وجود صاحب الأرض في المنطقة، في وقت أن 80 بالمئة من مناطق الأغوار أصبحت تحت السيطرة الإسرائيلية.
وناشد دراغمة المؤسسات الحقوقية الدولية ضرورة العمل على حماية أملاك المزارعين في الأغوار، عادًّا أن الاستيطان هناك بمنزلة "غول ناعم"، وعربدة المستوطنين على السكان تأخذ أشكالًا عديدة؛ من ضمنها ترك أبقار المستوطنين تأكل مزروعات الفلسطينيين.
من جانبه، أشار مسؤول ملف الاستيطان في الأغوار، معتز بشارات، في تصريحات صحفية، إلى أن ما يجرى هناك عبارة عن توزيع أدوار بين مختلف أذرع دولة الاحتلال.
فالمستوطنون هم الذراع الضارب والمتقدم؛ حيث يوكل لهم إقامة بؤر جديدة، يتولى مجلس المستوطنات حمايتها وتوفير متطلبات الاستمرار لها، ويتولى جيش الاحتلال وشرطته مسؤولية حماية هذه البؤر ومساندتها للتوسع على حساب الفلسطينيين.
وبحسب منظمة بتسيلم الإسرائيلية؛ تمتد منطقة الأغوار شماليّ البحر الميت على ما يقارب من 30 بالمئة من مساحة الضفة الغربية، ويسكن في المنطقة 65 ألف فلسطيني، ونحو 11 ألف مستوطن.
وتشكل هذه المنطقة احتياطي الأرض الأكبر بالنسبة للفلسطينيين؛ إلا أن "إسرائيل" استولت على الغالبية العظمى من مساحتها، كما تستغلها لمصلحة احتياجاتها هي فقط، بهدف ضمّها إليها بحُكم الأمر الواقع.
في المقابل، تعمل "إسرائيل" على إنهاء الوجود الفلسطيني في الأغوار، وتمنع المواطنين من استخدام نحو 85% من مساحتها، وتقيّد وصولهم إلى مصادر المياه، وتحارب بناءهم المنازل.
إضافة إلى ذلك، تعمل سلطات الاحتلال على تهجير أكثر من 50 تجمعا سكّانيا منتشرا في أنحاء منطقة الأغوار عن طريق تحويل حياتهم إلى مستحيلة.
وتسلب سلطات الاحتلال مرارًا وتكرارًا وسائل معيشة الفلسطينيين الأساسية، وضمن ذلك سرقت الصهاريج التي تزوّدهم بالمياه، والأنابيب التي ينقلون عبرها مياه الينابيع، والتراكتورات والمعدّات الزراعيّة الأخرى، وألواحًا شمسيّة تزوّدهم بحدّ أدنى من الكهرباء.
وخلال السنوات الماضية، سلبت سلطات الاحتلال ما يزيد على 400 ألف دونم من الأغوار، وحولتها إلى مناطق عسكرية مغلقة، يحظر على الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو عمراني أو غير ذلك فيها، وأنشأت 97 موقعًا عسكريًّا هناك، بالإضافة إلى زرعها مئات الدونمات بالألغام الأرضية.
وكانت مصادر إعلامية عبرية كشفت قبل أشهر أن سلطات الاحتلال تعمل على مضاعفة عدد المستوطنين في منطقة الأغوار خلال السنوات الأربع القادمة.
ووفقًا لما يسمى "دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية" فإن عدد المستوطنين في الأغوار يقدر بنحو 6 آلاف مستوطن، في حين تشير المصادر الفلسطينية إلى أن عددهم ارتفع خلال السنوات الأخيرة ليصل إلى 13 ألفًا، يتوزعون على 38 مستوطنة.
وتقيم سلطات الاحتلال 94 موقعًا عسكريًّا في الضفة، و176 مستوطنة، و154 بؤرة استيطانية، وأكثر من 300 حاجز ثابت، و60 بوابة عسكرية وزراعية بالجدار الفاصل، وتحول 160 ألف دونم من أراضي الفلسطينيين الخاصة إلى "كيبوتسات" (منشآت) زراعية استيطانية.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام