جديدنا: وثيقة - مركز الوثائق الفلسطيني
وادي الحوارث .. من الذاكرة الفلسطينية قرية دمرها الإحتلال وادي الحوارث منطقة تحيط بنهر اسكندرونة لتشمل قرى وادي الحوارث الشمالي والجنوبي ووادي القباني وجزءا من النفيعات وادي الحوارث القرية هي من القرى التي دمرها الصهاينة في سياق سيطرتهم على فلسطين، وكانت تقع على ارض سهلية متموجة بارتفاع 25 الى 30 مترا عن سطح البحر الى شمال غرب طولكرم وعلى بعد نحو 16.5 كيلومترا منها، وتخترقها طريق حيفا ـ يافا المعبدة. كانت الكثبان الرملية تغطي الجزء الشمالي الغربي منها، وقد امتدت اراضيها على شاطئ البحر الأبيض المتوسط بمسافة تصل حوالي ثلاثة كيلومترات نحو الداخل، وشكلت نقطة التقاء بوادي المويلح مع وادي الحوارث الذي يخترق أراضي القرية في الطرف الشرقي.ويعتبر هذا القسم من سهل فلسطين الساحلي من أخصب بقاع البلاد، ترويه عدة نهيرات والكثير من الآبار التي تسقي بساتين البرتقال التي غرست فيه. وكان في وادي الحوارث مجموعة من المستنقعات (بصة) منها "بصة الشيخ محمد" في القسم الغربي، و"بصة الشيخ حسين" في القسم الجنوبي الشرقي و"بصة الشيخ صالح" في القسم الشرقي، وكان قسما القرية الشمالي والجنوبي يتوسطان السهل من الجانب الغربي على الطريق الساحلي. كان الوادي يعرف بوادي أو نهر اسكندرونة أما اسم الحوارث فهو نسبة إلى قبيلة الحارثية العربية التي نزلته أواخر القرن الثاني عشر الهجري، حيث نُسب الوادي إليها ونسي الناس اسمه القديم. فيما حرف اليهود إسمه إلى إسم نهر إسكندر سنة 1929 كان سكان وادي الحوارث لا يزالون يزرعون أراضي القرية بصفة مستأجرين، وفي تلك السنة دخلوا معركة مع "الصندوق القومي اليهودي"، الذي اشترى الأرض من مالكيها الغائبين، وبدأوا يقاومون التدابير التي اتخذها "الصندوق القومي اليهودي" لطردهم من أراضيهم، وفي ثلاثينات القرن الماضي، تحولت قصة وادي الحوارث إلى رمز وطني لتعبير الفلسطينيين عن مخاوفهم من استيلاء الصهيونيين على الأرض. المساحة كانت ارض وادي الحوادث ومساحتها نحو 30000 دونم تقريبا ملكا لأسرة أنطوان بشارة التيّان الذي كان يقيم في يافا، ويشير العديد من المؤرخين إلى أن التيّان كان قد رهن الأرض أيام العثمانيين لمواطن فرنسي يدعى هنري استراغان. وعندما قرر ورثة التيّان الثلاثة عشر أن يبيعوا الأرض ليفوا دين والدهم لاستراغان، اتفق ممثل "الصندوق القومي اليهودي" معهم في تشرين الثاني (نوفمبر) 1928 على شراء الأرض في مزاد علني، عقد في 20 نيسان (ابريل) 1929، وكان ثمن الأرض في المزاد 41000 جنيه فلسطيني، إلا أن الثمن الفعلي الذي دفعه "الصندوق القومي اليهودي" إلى الورثة كان يقارب 136000 جنيه أو نحو ثلاثة أضعاف ثمن المزاد، مقابل ضمان عقد الصفقة في المحكمة إغفال ذكر آل التيان الذين أرادوا تحاشي الانتقاد العلني، ومكّن الصندوق القومي اليهودي من الالتفاف على المستأجرين. في 6 أيلول (سبتمبر) 1930، أمرت المحكمة مستأجري وادي الحوارث ان يغادروا الأرض، إلا أنهم رفضوا وقاوموا الأمر بطرق عدة، حيث لجأوا إلى المحاكم مرارا، لكن استئنافهم لم يقبل واستنفدت الوسائل القانونية في كانون الأول (ديسمبر) 1932، يوم أصدرت المحكمة العليا حكمها في مصلحة "الصندوق القومي اليهودي" ضد المستأجرين. حاول المستأجرون منع اليهود من إقامة مستعمرة على الأرض التي اشتروها حديثا، لكن بحلول سنة 1931 كان اليهود قد غرسوا 43000 شجرة، وُصفت في محاضر الصندوق القومي اليهودي للسنوات 1928 ـ 1935 بأنها "جنود تحمي ارض الوطن". واستعان المستأجرون أيضا بسلطات الانتداب البريطاني التي قدمت لهم عروضا عدة لتوطينهم في أمكنة أخرى في فلسطين، إلا أنهم رفضوا ولجأوا بصورة مؤقتة إلى بعض القرى الأخرى التي تطوعت لاستضافتهم وعملوا مع الحركة الوطنية. وعلى الرغم من كل محاولاتهم الحفاظ على الارض إلا انه وفي حزيران (يونيو) 1933 تم طرد السكان الذين كانوا في المنطقة التي غرسها "الصندوق القومي اليهودي" شجرا والتي عرفت كمنطقة مدار التنازع. وبعد طردهم قام "الصندوق القومي اليهودي" منحهم تعويضا مما كانوا زرعوه من بطيخ وذرة، عادوا فجنوا غلالهم وقد سمح "الصندوق القومي اليهودي" للمستأجرين الذين وصفهم بعبارة (هؤلاء الأراذل) بان يقوموا بذلك وفي 1944 ـ 1945 كانوا قد زرعوا 950 دونما حبوبا. ويقول المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس، أن سكان وادي الحوراث واجهوا حربا نفسية كان الهدف منها حمل السكان على الرحيل، فضلا عن هجوم شنه عناصر عصابة "الهاغاناه"، فتضافرت آثار الحرب النفسية والعسكرية على دفع السكان إلى الرحيل في 15آذار (مارس) 1948. في أواخر شهر نيسان/ابريل وأوائل شهر أيار/مايو، عمل عناصر "الهاغاناه" بمؤازرة سكان المستعمرات القائمة في الجوار على تدمير منازل هذه القرية وجارتها بحيث باتت العودة إليها مستحيلة تماما. كانت أنشئت في العام 1934 مستعمرة "كفار هروئي"، فيما كانت قد أقامت مستعمرة "كفار فيتكن" في العام (1933)، جنوبي الأراضي التابعة لوادي الحوارث ومستعمرة ألياشيف - اليمنية - في المنطقة الشرقية من أراضي الحوارث عام 1933 .. وفي العام 1947 بنيت مستعمرة "غيئولي تيمان"، وكان "كيبوتس معفروت" قد أنشئ في سنة 1933 جنوبي غربي القسم الجنوبي من وادي الحوارث، إضافة إلى مستعمرة "مخمورت" في منطقة قريبة غربي القسم الشمالي من وادي الحوارث. أطلقت سلطات الاحتلال على منطقة وادي الحوارث اسم "عيمق حيفرـ وادي الحفرة"، وسهل "شمرون". بقيت عائلة واحدة هي عائلة أبو عيسى الحاجبي في وادي الحوارث الشمالي بعد سنة 1948، حيث يملك أفرادها عشرة منازل هناك اليوم، فيما سلمت أربعة منازل من موقع وادي الحوارث الجنوبي تقيم في إحداها أسرة إسرائيلية.
ومازال عقد أبوسمارة - خربة سمارة قائما على تلة مطلة على نهر إسكندرونة- في الشمال الغربي لوادي الحوارث أما بيت التيان فما زال قائما منذ القرن التاسع عشر في جنوبي الوادي في تقاطع طريق مستعمرتي كفار فيتكين وبيت أهارون وتشمخ به شجرة الخروب ذات الأعوام المئوية التسعة وفي شباط (فبراير) 2000 قام مجهولون يهود بهدم مسجد القرية.