المحتوى |
( قضية وادي الحوارث ) للكاتب- اريه - ل – افنيري
من كتاب ( دعوى نزع الملكية )
الاستيطان اليهودي والحرب
1878 – 1948
ترجمة ( بشير شريف البرغوثي (( دار الجليل للنشر ))
*** ( ملاحظه الكاتب يهودي وهو يتكلم في بعض الاحيان عن ارض وادي الحوارث وكأن السكان الاصلين هم اليهود وان الحوارث اجلوهم عنها بالقوة .واستولو على الارض ) ***
قضية وادي الحوارث ( عيمك حيفر ) :
مثل كل المشاريع الكبيرة الاخرى , فان خطة شراء اراضي وادي الحوارث قد سبقت الحرب العالمية الثانية , وفي عام 1910 تجول هانكين وروبين في المنطقة الواقعة بين البحر وسفوح جبال السامرة وقد تأثرا كلاهما الى ذات الحد بخصوبة الارض واقفارها . وقد اتفقا على هذه الارض يجب ان يحصلا عليها من اجل الاستيطان اليهودي .
وفي عام 1914 وقع هانكين اتفاقا ابتدائيا لشراء جزء من الوادي من عدد من الاملاكين فيه ولكن اندلاع الحرب اوقف هذه العملية , وفي عام 1921 كتب ممثلوا ( آ. س . أ ) ( كلافارسكي وروزنهيك ) الى مكتبهما في باريس بانهما يعتزمان شراء اراضي وادي الحوارث التي عقد رجل يدعى آريه رهنها بقيمة 300,000 فرنك
وفي عام 1927 بحث هانكين مرة اخرى عن طريق لشراء الارض التي تغطي مساحة 300,000 دنم والتي تؤمن استمرار الاستيطان اليهودي في زيخرون ياكوف وعتيليت- كبارا والخضيرة جنوبا ,
وكما كانت الحاله مع معظم الاراضي والسهول , فان ملكية اراضي وادي الحوارث قد نشأت عن غزو مسلح , فالتراث الشفوي المحفوظ بين كبار العرب يخبر عن زعيم بدوي من شرق الاردن يدعى ( الحارثي ) غزا الاراضي الساحلية وطرد السكان وجردهم من ارضهم ,وقد وصف تريسترام الذي ساح في المنطقة في عام 1864 الدمار والاقفار الذي نتج عن هذا الغزو , مما يؤكد الرواية .
وفي عام 1869 قام احد احفاد الزعيم البدوي ببيع اراضي وادي الحوارث الى مسيحي لبناني يدعى انطون بشارة التيان
وكان التيان قد اشترى العديد العديد من قطع الاراضي في البلاد بما في ذلك الارض التي ذكرت سابقا والتي اقيمت عليها بتاح تكفا فيما بعد . واضافة الى املاك التيان فقد كان هنالك قطعة ارض مساحتها 10,000 دنم يملكها مصطفى آغا قباني وهو مسلم من بيروت وكان موظفا وقد حصل على الاراضي في الثلاثينات من القرن التاسع عشر بالاشتراك مع بعض كبار الموظفين الاتراك كنوع من المكافأه لخدماته للدولة وكان هذا الجزء من الوادي يدعى وادي القباني .
وكان هنالك رهن على 30,000 دنم التي كان يملكها التيان ولم يكن بالامكان شراؤها الا في مزاد علني . وكان من الواضح انه حيث تعرض الارض للبيع بالمزاد العلني فان الصندوق القومي يكون المبادر الناجح . وقد قام السياسيون العرب بالضغط على ورثة التيان للامتناع عن البيع بالمزاد , ولكن الورثه كانوا قد سبق ووقعوا على اتفاق مع هانكين بانهم سوف يعرضون الارض للبيع بالمزاد العلني وان لدى هانكين خيار الشراء .
وانسجاما مع شروط القانون فان البيع تم الاعلان عنه في الصحافة العربية وعرف المنادون بالخبر في شوارع نابلس وطولكرم , وكان المحامي الذي الذي يمثل البائعين هو ( عوني عبد الهادي ) وقد تم عقد المزاد واشترى الصندوق القومي القومي 30718 دنما من اراضي وادي الحوارث , وفي 27 / 5/ 1929 تم تسجيل الاراضي في دائرة تسجيل طولكرم باسم الصندوق القومي اليهودي شهادة ملكية رقم ( 206/ 29 )
وعندما علم المزارعون ( المستأجرون ) في وادي الحوارث عن نفاذ الصفقة ارسل مخاتير القرى مذكرة مؤرخه في 10 /10 /1928 الى رئيس دائرة الاراضي في حكومة فلسطين , ذكروا فيها ان 239 عائلة يصل تعداداها الى 1000 نسمه , تعتمد في حياتها على زراعة اراضي وادي الحوارث ومن تربية المواشي حيث يملكون 1500 بقرة , 50 جملا ,32 حصانا , و 600 رأس من الماعز و 150 حمارا , و 300 رأس من الجاموس المائي . وقد عارضوا ادعاء التيان بانه يملك 30,000 دنم من الارض , وانه يملك 5000 دنم فقط , والباقي كان يمكله المواطنون وذلك بقوة العمل الذي استثمروه في استصلاح الاراضي وتطويرها وزراعتها .
وحقيقة . فان سجلات مكتب التسجيل التركي تبين ان 5000 دنم فقط كانت مسجلة باسم التيان وعلى أي حال فان العلامات على الخارطة الرسمية تشير الى منطقة مساحاتها 30,000 دنم , وقد كان من المألوف في ظل الحكم التركي بالنسبة للمالك ان يسجل فقط جزءا من املاكه الحقيقية . وجنبا الى جنب مع التسجيل كانت تلحق خارطة تشير الى الحجم الحقيقي للارض وكانت ممارسة شائعه في تلك الايام اعطاء عقد للإملاك بما يتناسب مع الحجم المبين في الخارطة . وكان المزارعون المستأجرون يعلمون ان 5000 دنم فقط كانت مسجله باسم التيان . وجادلوا بان كل الارض الباقية لم يكن لها مالك . وقد استندوا في دعواهم على ان قانونا تركيا قديما ينص على ان أي شخص يستطيع ان يضعه على الارض الموات ويستصلحها يصبح ذا حق فيها بدفع مبلغ معين الى خزينة الحكومة .
ان مزارعي وادي الحوارث لم يدفعوا أي مبلغ ولم يستاجروا الارض ايضا او انهم فعلوا ذلك في مرات قليلة وفترات غير منتظمة لان المالكين كانوا منتشرين في العديد من البلاد , وكانت النقطة الرئيسية لذلك ان الارض كانت حقيقه بدون مالك وحقيقة كونهم قد زرعوها اعطتهم حقا فيها .
وقد وصل خبر المساله الى القرى المجاورة وكان بين الفلاحين على سفوح مرتفعات السامرة بعض من كانوا ينزلون في مناسبات مختلفه الى الوادي مناجل فلاحة قطع من تلك الاراضي الخاوية . وقد اخطر اثنان من هؤلاء الفلاحين وهما ( حسين المحمود , ومحمد مهاجر ) مندوب منطقة طولكرم في 11 كانون اول 1928 ان نسبة من الارض التي بيعت تعود اليهم , وادعوا ان هانكين قام برشوة وجهاء قرية عتيل من اجل اعطاء شهادات زائفة جول حدود الارض التي تعود الى ورثة التيان وان ارضا ضمنها المساحون في عقد البيع تعود اليهما .
وفي 13 كانون ثاني 1929 ارسلت محمة قضاء نابلس الى ضابط قضاء طولكرم من اجل التحقيق في الشكوى , وقام ضابط القضاء يصحبه ميخائيل التيان ممثلا عن ورثة التيان وفؤاد عبد الهادي . بفحص الحدود للتاكد مما اذا كانت تتفق مع البيانات الوارده على الخارطة الملحقة بعقد التسجيل , وقد اكد ان المنطقة كانت 30826 دنما , وانه لم يكن هناك شهادات زائفة وان الشكوى لم يكن لها اساس من الصحة .
وفي 24/10 / 1929 قدم عبد الله سمارة من طولكرم دعوى باسمه حول 5000 دنم . كما قدم دعاوي اخرى باسماء خمسة من الفلاحين الاخرين على قطع اخرى من الارض , وقد تم اسقاط اربع من تلك الدعاوي فورا في المحكمة واجلت الخامسة من اجل سماع المزيد من الشهود وقررت المحكمة ان دعوى سماره سوف تسمع بشكل مستقل لانها تتضمن نزاع الحدود .
وفي 16/ 11/ 1929 اصدر قاضي منطقة نابلس حكما يقضي بان القطعة موضوع القضية ينبغي ان تخلى من قبل القاطنين عليها وان ملكيتها يجب ان تحول الى الصندوق القومي اليهودي . وبعد عشرة ايام من ذلك قام وجهاء عرب الحوارث وفلاحون غيرهم من المنطقة المجاورة بتنظيم دعوى ملكية وطالبو بالغاء امر الاخلاء .
وقبل سنة من عرض الارض للبيع , وقبل تسجيل تحويل ملكيتها , رصد هانكن 140 من المزارعين المستاجرين في وادي الحوارث واخطرهم بعملية التحويل المنوي اجراؤها للارض من عائلة التيان الى الصندوق القومي اليهودي , وكان قد سبق وجرى تعديل القانون المتعلق بالمزارعين المستاجرين والمفروض في عام 1921 عدة مرات , فقد كان يتطلب في البداية تأمين هؤلاء المزارعين بقطع اخرى مسواية من الارض قي مكان آخر . وحيث انه عند التطبيق وفي معظم ا لحالات كان المزارعون يفضلون التعويضات النقديه على الارض البديلة , فقد كان من الممكن التوصل الى تسوية بين الفريقين حتى قبل ان تاخذ السلطات الحكومية علما بان صفقة اراضي سوف تحدث . ومن اجل اصلاح هذا الوضع ولتاكيد الاشراف الحكومي , فقد اصدر الحكومة تعديلا للقانون يتطلب اخطارا مسبقا عن الصفقه المنوي عقدها قبيل مالا يقل عن سنه من عملية التحويل الفعلية وجاء التعديل لتمكين المزارع المستأجر من تحضير حساباته وتقدير نفقات ترك الارض وتقرير كمية التعويض التي يطلبها . واصبح التعديل قانونا في عام 1929 ولكن شروطه كانت معروفة قبل ذلك ولذلك فان هانكين ارسل الاخطارات عن عمليات التحويل حتى قبل ان يصبح ذلك قانونا وبالفعل
فقد استلم 84 مزارعا اخطارات ولكن لسبب ما فان 56 منهم لم يستلموا مثل تلك الاخطارات , ولذلك فلم يكن مطلوب منهم الاخلاء , ولكن هانكن دفع لهم تعويضات وقد وعدوا بإزاحة خيامهم من الحقول . ومن الناحيه الاخرى فإن المزارعين المستأجرين الذي استلموا الاخطارات رفضوا قبول التعوضات النقديه , وقد عزم هانكن على عادته على مواصلة المفاوضات الى تسويه مقبوله لدى الطرفين وفي نفس الوقت بدأت الدعاوي الجديده تهب من كل حدب وصوب , وقد تبنت القياده العربية بعض هذه الدعاوي حيث انها كانت مهتمة بجعل قضية المزارعين المستأجرين قضية سياسيه ذات اولويه ومع قدوم الشتاء وبينما كان الصندوق القومي يقوم باجراء التحضيرات من اجل حراثة الارض , بدأ المزارعون المستاجرون بحراثه كل قطعة من الأرض . واعلن هانكين امام المحكمة انه بينما لا يطلب القانون دفع تعويضات لرجال المواشي والمشاركين فإن الصندوق القومي مستعد للدفع لهم ايضا كذلك قام بعمل قضية ذد المعتدين على الارض من غير ذوي الحق فيها .
ولقد سمعت القضية من قبل رئيس قضاه نابلس أ.هـ . ويب في 30 /11/1929 وبعد سماع أقوال الشهود وحجج الطرفين حكم بالآتي : لقد تم الحصول على بشكل قانوني . وهناك مجموعتان من المزارعين المستأجرين في الارض موضع النزاع , احدى هاتين المجموعتين تلقت اشعارا مناسبا حول الصفقه المنويه كما يطلب القانون , وأما المجموعة الثانيه فقد قبلت دفعات التعويضات بمحض ارادتها , ولذلك فيجب اخلاء كل الارض وتحويلها الى الصندوق القومي اليهودي .
وملحق بالقرار الصادر عن المحكمة قائمة بأسماء 84 مزارعا ً الذين تلقوا اشعارات . وقائمة اخرى باسماء 56 مزارعا ممن تلقوا تعويضات ماليه , أي ما مجموعه 140 مزارعا من المقيمن في وادي الحوارث . وفي نفس اليوم اعلنت فيه نتيجة الحكم , زودت المحكمة مندوب المنطقة بنسخة عن القرار مفسرة اسبابه . مضيفة أن حوالي مائة مزراع مسأجر ينبغي اخلاؤهم وأن جهدا ينبغي ان يبذل من اجل تأمين ارض بديلة لهم .
وبعد حكم 30 /11/ 1929 فأن مندوب قضاء حيفا طلب التعلميات من سكرتارية الانتداب عن كيفية التصرف . وقام مدير دائرة الاراضي بتقديم طلب مماثل وقد اجابت السكرتارية المركزية في رسالة سرية مؤرخة في 14 كانون اول 1929 بأنها توصي بتحويل 7000 دنم من الارض المعروفه بأسم اراضي قاقون الى المزارعين المستأجرين .
ان قرار المجكمة قد سبب نشاطا في المكتب الاستعماري في لندن ايضا ففي 18 /12/1929 ارسل اللورد باسفيلد رسالة الى المندوب السامي السير جون تشانسللر طالبا معلومات عن احداث وادي الحوارث وعن كيفية عزم المندوب السامي على معالجة الامر . وقد اجاب المندوب السامي برسالة من 13 صفحة مطبوعه و مؤرخة في 1/3/1930 تصف تاريخ ملكية الارض . ودعاوي المزارعين وخطط حكومة الانتداب من اجل ايجاد حل ملائم للمشكلة . وكانت النتائج التي توصل اليها كالتالي : -
1- ان الصندوق القومي اليهودي مخول بالارض .
2- ان العرب يدعون بملكية 6000 دنم من الارض ومحاموهم متشككون في فرص كسب القضية في ا لمحكمة .
3- وحتى لو كسبت القضية فإن هناك شكا في توفير المال لشراء الارض
4- لم يصدر أي امر عام بأخلاء الارض
5- إن الصندوق القومي يميل الى اجراء اتفاقية مؤقته .
وانتهى المنتدوب السامي الى القول بأن مجلس الحكومة كان مع رأي القائل بأن يتم الاخلاء بدون أي تأخير , وهكذا فقد اصدر تعليمات بأن يستقر المزارعون المستأجرون على الستة آلاف دنم التي كانوا يدعون ملكيتها , وعلى خمسة الاف دنم اخرى عرض تأجيرها الصندوق القومي اليهودي وفي 12/2/1930 التقى الكولنيل فريدريك كستش رئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية بالمندوب السامي وعرض ان يتم تأجير 5000 دنم للمزارعين المستاجرين من قبل الصندوق القومي اليهودي لمدة سنتين حتى يتمكن التوصل ا لى اتفاق دائم . واحتج رئيس الدائرة السياسية على ان ال 56 مزارعا الذين تلقوا تعويضات كانوا سوف يخلون الارض قبل وقت طويل لولا تحريضهم من قبل ا لقادة العرب . و أضاف بأن موظفين بريطانين محددين ايضا شجعوا هؤلاء على عدم الاستجابة لأمر المحكمة . وطلب المندوب السامي ان يعطى المزارعون الارض بشكل دائم ولكن ولكن طلبه قوبل بالرفض .
وفي 1/3/1930 اطلع ضابط محكمة نابلس مدير الشرطة التنفيذي على انه استنادا على قرار المحكمة في 30 / 11 /1929 امر الفلاحين المستأجرين بتركيز املاكهم على منطقة الستة الاف دنم موضع المحاكمه وعلى الخمسة الاف دنم الاخرى التي عرضها الصندوق القومي لوضعها تحت تصرفهم .
وهكذا فان 6 الاف دنم قد حكم عليها بانها ارض متنازع عليها . ومن كانت في حيازته يتسطيع البقاء فيها حتى الحكم النهائي , الذي يستغرق سنوات حيث ان الاستئناف يمكن ان يصل الى مجلس الملك في لندن وقد اقيمت المؤسسات القوميه اليهودية على احادية مثل هذا الموقف وفي 15/6/1930 عرض الصندوق القومي اليهودي خطة لحل المشكلة عبر احد بديلين : قد عرض ان يؤجر 5000 دنم من الاراضي الزراعية للمزارعين المستاجرين وكذلك 2000 دنم من اراضي الرعي بدل الستة آلاف دنم موضع المحاكمة , او كحل بديل تـاجيرهم 4000 دنم في وادي بيسان .
و قد رفض العرب كلا من العرضين , وطالب الصندوق القومي اليهودي بان تخلي السلطات المزارعين المستاجرين من الارض التي تم شراؤها ماعدا تلك القطعة التي عرض تاجيرها عليهم .
وفي 26/ 7/ 1930 اعلم مندوب قضاء حيفا السكرتاريه المركزيه لحكومة فلسطين ان العرب قد حصروا ممتلكاتهم في المنطقه التي وافق الصندوق القومي على تأجيرها لهم , وقد التقى بممثلي الطرفين , هانكين والمحامي أ. بن شيمش ممثلين عن الصندوق القومي اليهودي ووجهاء القرى كممثلين عن المزارعين , وقد وقع الوجهاء على وثيقة وافقوا بموجبها ان يبقوا في المنطقة المؤجرة لهم خلال فترة الايجار , بل انهم تعهدوا ايضا باخلاء الارض عند انتهاء فترة التأجير .
وعلى أي حال فان المزارعين المستاجرين لم يلتزموا ببنود الاتفاق ولم يخلوا منطقة الستة الاف دنم موضع المحاكمة وفي 14/8/1930 اصدر أ.بلنكيت قاضي منطقة نابلس امر اخلاء الى جميع المزارعين المستاجرين في المنطقة . وقد اخلى المزارعون الارض كما جاء في الامر , وقد رفع 8 منهم دعوى حول 5000 دنم من الارض وقد رفضت الدعوى وقدموا استئنافا الى محكمة نابلس وقد رفض الاستئناف ايضا في 12/12/1932 ولم يكن القادة العرب ليرضوا بالاعتراف بنصر يهودي . وقد حثوا المزارعين المستاجرين على العودة الى الارض التي تم اخلاؤها واعدين بطلب معاونة القرى المجاورة
وفي ايلول 1930 عندما دخل حراثوا الصندوق القومي الى المنطقة , وجدوا خياما فارغة للمزارعين المستأجرين وقد حملوها في شاحنات والقوا بها خارج حدود اراضي الصندوق القومي وقد تجمع المزارعون كما لو كانو بصدد استلام ممتلكاتهم – الخيام – ولم يكن اليهود يوجسون شرا سيما وانهم بصحبة اثنين من الجنود البريطانين وفجأه تقدمت مجموعة من النساء العربيات نحو الحراثين اليهود والجنود وهاجمنهم بوابل من الحجارة وقد تقهقر الحراثون , اما الجنود فانهم ومناجل يعاد النساء جرحوا العديد منهن واعتقلوا ثلاثا اخريات .
مجموعة اخرى من الحراثين الذين كان من المقرر ان يبدأوا الحراثة في جزء آخر من الارض , التقتهم مجموعة من 300 عربي وهاجمتهم ( بالنبابيت ) , وفي تقرير مقدم بعد الهجوم مبائرة كتب هانكين : لم يكن باستطاعة الجنديين ان يضبطا الامر لوحدهما وكان عليهما التراجع من اجل طلب المساعدة من الجيش , وقد ذهب احد الحراثين على صهوة حصان طلبا للامدادات وقد هاجمه العرب ونجا بصعوبة وقد تم اطلاق النار على منزلنا وبعد الغداء بدأنا بالحراثة مرة اخرى . فقامت مجموعة اكبر من العرب بمهاجمتنا , لقد كان الحراثون يعملون تحت حماية الجيش البريطاني , ولم يستخدم اليهود اسلحة نارية فقد كانت القاعدة ان كلا من العرب واليهود يحرصون على عدم سفك الدماء , ولكن في حادثة وادي الحوارث اطلق العرب النار وحيث ان معظم المشاركين لم يكونوا من العرب المحليين فلم يكونوا يخشون ان يقع عليهم نتائج سفك الدماء اللاحقة ومن حسن الحظ لم يقتل احد .
وفي 12 /10 / 1930 يعث هانكين بتقرير الى الصندوق القومي اليهودي (( لقد قام بعض المشايخ والمزارعين والعرب بزيارتي , وبعد مناقشة طويلة فهمت ان ليس لديهم أية نوايا حول أخلاء الارض ابدا وأن الحكومة قد اعطتهم اذنا بشكل ضمني للبقاء في الارض حتى يصدر حكم نهائي وقد أخبرتهم انه اذا كان موقفهم كذلك . فانهم لن يحصلوا على دنم واحد آخر منا , ولكن اذا شاؤوا ان يعيشوا بسلام معنا فإننا لن نوافق على حيازتهم للستة الاف دنم حتى نهاية المحكمة , لكننا ايضا سوف نوؤجرهم 5000 دنم اخرى لفترة 23 شهرا , وسوف نوقع ايجارا فرديا مع كل واحد منهم وقد اشترط لهذا العرض على سحبهم القضايا الموجوده آنئذ في المحاكم عدا قضية الستة الاف دنم وعلى التعهد بعدم القيام بأية اجراءات ضدنا وقد رفضوا هذا العرض .
لقد استمر المزارعون في رفض كل العروض المعقولة . وقد تصلبت القياده العربية بنتائج لجنة شو وسمبسون واصدار كتاب باسفيلد الابيض , حيث ان تلك النتائج كانت تحرج عمليات حصول الصهيونية على الارض وتقبل بالحجة العربية عن الطرد والاقتلاع . وان تقرير شو فيما يتعلق بنزاع وادي الحوارث بالتحديد , يعارض اعطاء المزارعين المستاجرين اراضي بديلة لئلا يتفرقوا ويفقدوا هويتهم الاجتماعيه .
ان مشكلة المزارعين المستاجرين التي اعتبرتها لجنة شو مرتبطة بالماضي وبشراء اراضي اودية جزريل وزيبلون خلال الفترة من 1921 – 1924 , اصبحت قضية جية مع شراء الارض في وادي الحوارث , الذي اوضح اثر شراء اليهود للاراضي على الفلاحين والمزارعين المستأجرين . وفي نفس الوقت وبعد احداث عام 1929 ابدت المنظمات اليهودية معارضة متزايدة لاعطاء المزارعين ارضا بديلة قرب المستوطنات اليهودية . واصبح خلق حزام متواصل من الاستيطان على طول السهل ا لساحلي هدفا امنيا ذا اولوية وتحولت قضية نزاع وادي الحوارث بشكل بارز الى قضية سياسية . وكلما كان القادة العرب يشجعهم المحققون البريطانيون يحولون النزاع الى سلاح سياسي استراتيجي كلما اصبح اليهود اكثر تصميما على منع الحادث من ان يشكل وقفا للاستيطان اليهودي المستمر ولتطوير الوطن القومي اليهودي .
بقد تعاملت الصحافة العربية بشكل مستفيض مع نواحي هذا الحادث المختلفة وقد كتبت عن امر الاخلاء الذي تلقاه المزارعون المستاجرون , ووصفت الدعاوي المتبادلة التي رفعت بالتفصيل . وكررت اتهامات المزارعين المستأجرين بأنهم اصحاب الارض الاصليون الذين عاشوا عليها اجيالا . وقدم عدد من الرموز العربية مذكرة الى الحكم تحذر من ان اليهود اخذوا يفرضون سيطرتهم على الفلاحين الفقراء عبر شراء الاراضي ووصفوا هانكين بانه سمسار الارض المخيف الذي يرشي العرب من اجل اعطاء شهادات كاذبة حول اراض ليست لهم اصلا . وقد عقدت الاجتماعات الاحتجاجية في طول (( البلاد )) وعرضها دعما للمزارعين في وادي الحوارث . ولم يكتف سكان القرى المجاورة بحثهم على عدم التنازل عن اراضيهم بل انهم ايضا – أي سكان تلك القرى – قد رفعوا دعاوي حول قطع اخرى من اراضي وادي الحوارث وهكذا كان عدد القضايا يزداد من شهر الى شهر .
واضافة الى رفع قضايا ضد المنظمات اليهوديه والمستوطنين , فان العرب قاموا بتدمير الممتلكات ففي الليل كانوا يسرقون المزارع والسيارات ويقتلون الاشجار وخلال نزاع وادي الحوارث تم اقتلاع 24000 اوكالبتوس –نبات طبي – كانت قد زرعت من اجل محاربة الملاريا .
لقد كان بعض القادة العرب مثل المتحدثين باسم اللجنة التنفيذية العربية ومؤيديهم مصالح مادية في ادامة النزاع . وكان من بينهم عبد الله سمارة من طولكرم الذي رفع دعوى حول جزء من الأرض إضافة الى ذلك فقد حرض القرويين بكل نشاط من اجل الانضمام الى مزارعي وادي الحوارث في صراعهم كلما كانت الحكومة تحاول تنفيذ اوامر المحكمة . وقد كتب آرلسروف في مذكراته : قبل حوالي سنة وافق عبد الله سماره وهو احد اتباع وجيران المفتي على ان يسلم للحكومة قطعة ارض من املاكه وكان هدفه من ذلك هو ان تسمح الحكومة لبعض القرويين العرب باقامة خيامهم على تلك الارض . وما من شك في ان هذا الرجل مسؤول بشكل جزئي عن النزاع الحالي تماما كما كان في النزاعات السابقة . انه يدفع للعرب الى طلب الارض بحيث انه في الوقت المناسب يكون قادرا على شراء حقوقهم القانونية منهم . ثم يدور دورته ويبيع تلك الارضي لليهود .
إن عوني عبد الهادي مؤسس حزب الاستقلال والذي اصبح بعد عدة سنوات عضوا في الهيئة العربية ويمكن معرفة شيء من شخصيته من خلال اجارءات لاستئناف قدمه اسماعيل محمد العوفي
وسمع في محكمة نابلس في 12 /2 / 1932 حيث طالب الصندوق القومي بــ 5600 دنم من الارض لنفسه وكذلك بــ 174 مدعيا عربيا اخر . وقد رفضت قضيته في المحكمة الدنيا . وفي الاستئناف تم تمثيل الصندوق القومي اليهودي من قبل الدكتور أ.شيمش وكذلك الياسبيرغ , وكان عوني عبد الهادي محامي المدعين وعندما استدعى د. بن شيمش شاهدا عربيا الى المنصة , نادى عليه عبد الهادي : كم دفع لك اليهود من اجل شهادتك الكاذبة ؟ وقد اجابه الشاهد : كم دفعوا لك انت مقابل مساعدة هانكين في تركيز املاكه في منطقة واحدة ؟ وقد اندلع شجار في قاعة المحكمة وتم تأجيل اجراءات المحاكمة , وقد اثار الصدام بعض التعليقات في الصحف العربية ولكن الجبهة المتوحدة ذد اليهود ساعدت عبد الهادي في طمس الامر . وقد اكد د.بن شيمش في وقت لاحق أن هانكين قد استخدم عبد الهادي من اجل مساعدته في تركيز ممتلكاته في منطقة واحدة وانه قد دفع له مقابل ذلك .
وقد كتب المندوب السامي آرثر واتشوب الى مكتب الاستعمار ان عبد الهادي كان مسيطرا في النشاطات الاجتماعية المعادية للحكومة , وبين ان الصحافة تذكر عبد الهادي على انه مستخدم من قبل اليهود وعلى انه اجرى المزاد العلني لاراضي وادي الحوارث . وقد ايد واتشوب ان العلنية التي اعطيت للموضوع لن تساعد على حل مشكلة وادي الحوارث ولكنه يشعر انها سوف تجعل المحتجين من مصر والعراق يخفضون موجات احتجاجهم .
وفي 18 / 2/ 1932 تم التوقيع على اتفاقية بين الصندوق القومي اليهودي وممثل عن الحكومة باسم المندوب السامي , وبموجب الاتفاقية فقد تعهد الصندوق القومي اليهودي بتأجير 2952 دنما من الاراضي الى المزارعين المستاجرين من 31/12/1931
وحتى 30 /9/1933 وكان من المؤمل ان يعطي ذلك وقت كافيا يتيح التوصل الى حل دائم .
وفي 18 /8/ 1932 دعا مندوب المنطقة الشمالية عن حكومة الانتداب ممثلين عن المزارعين المستاجرين في وادي الحوارث وقدم لهم العرض التالي :
1- كل مزارع يخلي ارضه سوف يتلقى مقابلها 20 – 60 دنما من الارض في منطقة بيسان .
2- إن الحكومة سوف تجفف مناطق المستنقعات القريبة من منطقة الاستيطان وسوف وسوف تمدد لهم انابيب الري .
3- كما سوف تقوم الحكومة باجراء حراثة عميقة للارض
4- سوف تزود الحكومة المزارعين بالبذور وبالاشرشاد وبالخبراء
5- تدفع الحكومة مصاريف السفر من والى طولكرم , عندما يسافر المزارعون لقضاء اعمال رسمية
6- سوف تدفع الحكومة للمزارعين 2300 جنيه فلسطيني للمحاصيل الصيفيه والشتوية التي لم يتم جنيها . واضافة الى ذلك فقد اعلم موشيه شرتوك مدير التطوير ( في حكومة الانتداب ) ان الصندوق القومي اليهودي سوف يدفع تعويضا للمزارعين المستاجرين مقداره 3000 جنيه فلسطيني
وقد رفض المزارعون هذا الاقتـــــــــــــــــــــراح .
وفي 2/5/1932 اخبر مدير التطوير ل. اندروز ( الذي حل محل فرينتش في اكتوبر 1932 ) المكتب الستعماري في لندن , انه بصدد تحضير خطه مفصلة لتوطين 109 عائلات من وادي الحوارث واقترح ان يتم شراء 7165 دنما من اراضي وادي بيسان , بميزانيه قدرها 30,000 جنيه وطلب تصديق خزينة الحكومة البريطانيه على خطته .
وعند نهاية عام 1933 . اخبر المندوب السامي المكتب الاستعماري ان بدو جنوبي وادي الحوارث يخلون اراضيهم بشكل سلمي 16/حزيران , وقد دفع لهم الصندوق القومي اليهودي 4300 جنيه فلسطيني , كما ان الحكومة من جانبها قد اضافت 2000 جنيه فلسطيني واخبر مندوب قضاء نابلس مدير التطوير ان البدو قد ضربوا 139 خيمه في الارض الجديده , التي وصل عدد سكانها الى 113 عائلة او 563نفسا .
وبالرغم من حقيقة ان الحكومة قد قدمت ارضا بديلة لاستيطانها . فان اخلاء البدو قد ولد موجة من الاحتجاج , وقد ارسل مسؤول بريطاني في العراق يخبر المكتب الاستعماري في لندن ان الاخلاء قد ولد عداء لليهود في العراق , كما ان خطب معاديه للصهيونة القيت في مسجد بغداد الرئيس , محدثة خوفا بين اليهود على امنهم . كما ان اصواتا تدعو الى مقاطعة ضد اليهود
وفي النهايه فانه فان 199 بدويا من وادي الحوارث من المشمولين باعادة الاستطيان , رفضوا قبول 10,000 دنم من الارض في منطقة بيسان رغم الشروط المريحه التي تخص كل عائلة بخمسين دنما من الاراضي المروية . وقد اختارت تسعون عائلة من الجزء الشمالي من الوادي ان تاخذ 240 دنما من الصندوق القومي اليهودي اضافة الى ايجار لــ 2695 دونما . وقد دفع الصندوق الى البدو مبلغ 1800 جنيه فلسطيني لتغطية نفقات الانتقال وكذلك 1800 جنيه آخر مقابل محاصيلهم غير المحصودة .
وقد قام الناشر العربي توفيق كنعان – الذي سبق له نفسه ان باع اراضي في وادي بيسان الى الصندوق القومي اليهودي بانتقاد الحكومة بشدة الترتيبات التي اجرتها مع منظمات الاستيطان اليهوديه . التي تستعمل الاموال الحكومية من اجل توطين الذين يتم اخلاؤهم على ارض حكومية مما يؤدي الى فرض عبء باهظ على دفع الضرائب كذلك هاجم الحكومة ومنظمات الاستيطان لتخصيصها 240 دنما لـــ 109 عائلات بدويه من وادي الحوارث واصفا ذلك بالبخل ولم يذكر كنعان عرض الحكومة لتوطينهم في وادي بيسان . او عرض الصندوق القومي اليهودي لتأجيرهم ارضا في وادي القباني بحيث يظلون مزارعين مستاجرين بدون أي معاناه من سوء الاوضاع .
|
Preview Target CNT Web Content Id |
|