رغم قسوة الحياة في مخيمات اللجوء الفلسطينية عموما، فإن سكانها يحصلون على الحد الأدنى من المتطلبات كالماء والكهرباء، وتتوفر في كثير من المخيمات بنية تحتية مقبولة، لكن فئة أخرى من اللاجئين لا زالت تعيش حياة النكبة والتشريد التي حدثت قبل 60 عاما.
ففي التجمعات البدوية على امتداد الصحاري الشرقية للضفة الغربية ما زالت العشائر البدوية المهجرة من بئر السبع وعراد جنوب فلسطين تعيش في بيوت بدائية من الشعر والصفيح والبلاستيك، كتلك التي عاش فيها ضحايا النكبة جميعهم، لكن الاختلاف أن اللاجئين وجدوا بعد العام 1948 من يقدم لهم المعونات، بينما لا تعرف المنظمات الدولية حتى اليوم طريقا إلى مضارب البدو.
الجزيرة نت زارت تجمعا سكنيا يضم نحو 30 عائلة من عرب العزازمة في منطقة تدعى "خلة الحجر" على بعد 30 كلم جنوب شرق مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، حيث يحرم السكان من أبسط الاحتياجات، وضاقت بهم الحال بعد القحط الذي حل بالقطاع الزراعي.
أسوأ حال
الحاج عايش محمدين العزازمة (85 عاما) عاش نكبة 48، ويصف الحال هذه الأيام بأنه الأسوأ منذ النكبة، موضحا أن معاناتهم لم تتغير منذ شردوا قسرا من وطنهم وتركوا آلاف المزارع "ليسرح ويمرح" فيها الاحتلال.
ويضيف الحاج العزازمة أنه ما يزال يعيش أجواء النكبة كسائر البدو الذين يطاردهم الاحتلال ويمنعهم من المراعي، ويهدم بيوتهم ويحرمهم من البنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء، ويهددهم ويلاحق أبناءهم ويعرض عليهم العمالة مقابل السكوت على إقامتهم في بعض المناطق.
ويقول العزازمة إنه ما يزال يعيش حتى الآن النكبة بتفاصيلها، مؤكدا أنه تعرض للترحيل القسري عدة مرات في صحراء الضفة. ولم يزل مشردا منذ 60 عاما بعد أن كان يملك آلاف الدونمات في مدينة بئر السبع.
وكالة الغوث
ويتحلق حول الحاج عايش أبناؤه الذين يحمل كل منهم قصته ومعاناته، ورغم أنهم يحملون كارت وكالة الغوث فهم لا يتلقون أي مساعدات، حسب ما يؤكدون، بل ويتحدثون عن تجاهل لمعاناتهم وشطب مقصود لأسمائهم من الدوائر الرسمية الفلسطينية وكشوف منظمات الإغاثة الدولية.
ويقول الشاب فايز إن السكان البدو اضطروا لبيع غالبية مواشيهم بسبب حالة القحط هذا العام التي ترافقت مع ارتفاع أسعار الأعلاف ما زاد حاجة السكان للمساعدة لتوفير أدنى احتياجات أطفالهم.
ويضيف الشاب أن السكان البدو يعيشون قسرا حياة بدائية لا يقبل بها أي إنسان، مؤكدا أنهم وجدوا آذانا صاغية من بعض المؤسسات والجمعيات الأهلية، لكنهم وجدوا آذانا صماء من بعض المنظمات الدولية والجهات الرسمية الفلسطينية.
أما الوضع الصحي فيشتكي السكان من عدم تقديم الخدمات اللازمة لهم من وكالة الغوث. ويقول "فواز" -وهو في الأربعينات من العمر- إن زوجته ترقد في المستشفى وتحتاج عملية جراحية لكن الجهات المختصة لم تختم له التأمين لإتمام العملية.
بيوت بدائية
تقول إحدى ربات البيوت -التي تحفظت على اسمها ورفضت تصويرها- إن غاز الطبخ لم يدخل بيتها منذ ستة أشهر، فيما اضطر زوجها لبيع أغلب أغنامه التي هزلت وبانت عظامها، ولم يعد له مصدر للدخل والرزق.
وتقول ربة بيت أخرى إنها تعيش في سقيفة لم تحمها خلال فصل الشتاء من تساقط المياه، وهي قصة تكررت مع بيوت عدة زرناها، وتحدث أصحابها عن عدم قدرتهم على إصلاحها بسبب "الاحتلال وقلة الحيلة المادية".
حياة اللاجئين في التجمعات البدوية الفلسطينية قاسية، وتحتاج تدخلا رسميا فلسطينيا وأمميا عاجلا لمنع مجاعة فعلية واستمرار تردي الأوضاع الإنسانية والاقتصادية.
الجزيرة نت - 23/4/2008