"مسحة" قرية فلسطينية تقع بالقرب من محافظة سلفيت، وتشكل نموذجاً حياً للمعاناة والقهر الصهيوني؛ فمنذ العام 1948وحتى اليوم والقرية شاهدة على تاريخ القضية الفلسطينية الذي حُف بالظلم والألم الصهيوني.
فقد شهدت القرية المذابح والمجازر والتشريد التي قام عليها الكيان الصهيوني ابتداءً،مروراً بالجدار العازل الذي قسم فلسطين والتهم أراضيها، وانتهاء بتدمير سوق البلدة واقتصادها والمنع من قطف الزيتون، الذي يعتبر مصدر رزق أساسي لأبناءها.
النكبة قسمتها
تعتبر قرية "مسحة" القرية الأم لبلدة "كفر قاسم" المحتلة عام 1948، حيث أن أراضيها كانت تمتد إلى نهر العوجا قبل النكبة, الأمر الذي حدا بأهلها للرحيل إلى بلدة "كفر قاسم" بسبب قربها من الأراضي الخصبة.
وبعد النكبة الفلسطينة عام 1948 قُسمت "مسحة" إلى قريتين, حيث احتل الصهاينة 70% من أراضيها التي شملت "كفر قاسم"، وأبقت 30% منها في حدود الضفة الغربية وشملت قرية "مسحة"، وفي عام 1956 نفذت العصابات الصهيونية مجزرة بحق أهالي "كفر قاسم" أجبرت من تبقى منهم على الرحيل، وبعد أن وضعت حرب عام 1967 أوزارها عاد العديد من الأهالي إلى ما تبقى من قرية "مسحة" لاجئين في الضفة الغربية.
مصادرة أراضيها
تعرضت "مسحة" عام 1978 لهجمة استيطانية شرسة، قام بها جماعة "جوش أفريم" الصهيونية المتطرفة، حيث أقامت نواة استيطانية لها على "جبل الحلو" مكان تواجد الجيش الأردني سابقاً، وبعد ذلك تمدد الاستيطان الصهيوني فيها ليشمل حوالي 1000 دونم من أراضي القرية التي تمت مصادرتها، وبني عليها ثلاث مغتصبات صهيونية هي "القاناة", و "شعري بتيكفا" , "عتسوايم".
وشكل عام 2003 نكسة كبرى لأهالي القرية؛ حيث ابتلع الجدار الغازل أكثر من 95% من أراضيها الزراعية البالغة حوالي 6000 دونم، منها3500 دونم مزروعة بأشجار الزيتون، و 900 دونم أراضي مروية، و 1000 دونم عبارة عن أراضي للمراعي.
المواطن خالد رسلان أكد لمراسلنا أن الاحتلال شرع قبل أيام قليلة بأعمال حفريات وتجريف للأراضي التابعة للقرية، تمهيداً لإقامة حي جديد في مغتصبة "القناة"، حيث تقدر مساحة الأراضي التي تم تجريفها بأكثر من مائة دونم، تعود ملكيتها لعائلات من البلدة.
وأضاف رسلان: أن المستوطنين الصهاينة كانوا قد استهدفوا هذا الموقع سابقاً، وجرفوا مساحات واسعة فيه، وضعوا فيه إعلانات توضح أسعار الشقق المنوي إقامتها؛ لجذب المستوطنين للسكن في الحي الجديد، لكن العمل توقف في الموقع أثناء ما يسمى بفترة تجميد العمل الاستيطاني، إلا أنهم الآن عاودوا العمل وبنشاط "مكثف".
تدمير الاقتصاد والزاراعة
يقول خالد الشلبي، أحد سكان القرية: ازدهر خلال تسعينات القرن الماضي سوق "مسحة" كسوق مركزي في المنطقة، يشغل نحو خمسة آلاف عامل فلسطيني، حيث قدر عدد المستفيدين من سوق القرية في تلك الفترة حوالي 17 ألف عائلة على الأقل من "مسحة" والمدن والقرى المجاورة، لكن الاحتلال عمد إلى تدمير هذا السوق منذ عام 2000، وتحويل 75% من أهالي القرية إلى عاطلين عن العمل.
كما المزارع خالد العامر على أن المستوطنين الصهاينة دمروا موسم الزيتون في البلدة قبل أن يبدأ، حيث عمد المستوطنون من مغتصبة "عتس فرايم" إلى سرقة ثمار الزيتون في أراضينا الواقعة خلف الجدار.
وبحسب مجلس قروي مسحة، فإن المجلس تقدم من خلال مديرية الارتباط والتنسيق المدني بقوائم ضمت أسماء المزارعين، وصلت إلى 600 مزارع للحصول على تصاريح للدخول إلى أراضيهم التي لا تبعد عنهم في بعض الأحيان سوى مئات الأمتار، إلا أن سلطات الاحتلال لم تصدر سوى 107 تصريح ولمدة شهرين فقط.
وتعقيبا على ذلك يقول المزارع متعب صالح: إن إجراءات الاحتلال التعسفية بعدم السماح للمزارعين من الوصول إلى أراضيهم الواقعة خلف الجدار يتيح المجال للمستوطنين الصهاينة لسرقة ثمارها، كما الأراضي تعرض للتلف وثمارها تتلف بسبب قلة الرعاية لها.
وأضاف صالح: اعتداءات المستوطنين الصهاينة لم تتوقف في العديد من قرى المحافظة، خاصة في موسم قطف الزيتون، فتارة يمنعون أصحاب الأراضي من قطف الزيتون القريب من المغتصبات، وتارة أخرى يسرقون ثمار الزيتون من الحقول الفلسطينية، وفي أخرى يقومون برش أشجار الزيتون بمواد لإسقاط الثمر عنها قبل نضوجه.
المركز الفلسطيني للإعلام