في مثل هذه الأيام وقبل 59 عاما أقدمت عصابات القتل الصهيونية على تهجير إباءنا وأجدادنا من أراضيهم بقوة السلاح وبدعم غير محدود من كل قوى البطش والبغي في العالم.
هذه الجريمة النكراء بحق وطننا وإباءنا وأجدادنا لا يجب أن تنسينا حقنا في العودة إلى مدننا وقرانا وأراضينا التي هجرنا منها واليوم ونحن نضع بين أيديكم هذه النبذة المختصرة عن قريتنا المغار نأمل أن تولوها الاهتمام الكافي وان تقرأوها أمام أبنائكم في جلسة عائلية حتى نعزز في أذهان أبناءنا وبناتنا ثقافة العودة والمقاومة حتى نعود جميعا إلى أرضنا السليبة.
المغار
في فلسطين قريتان تسمى المغار ، الأولي قضاء الرملة والتي كانت تعيش فيها عائلتنا الكريمة والثانية المغار قضاء طبريا.
المغار قضاء الرملة
كانت المغار تابعة لقضاء مدينة غزة حتى عام 1932 ثم أصبحت تابعة لقضاء الرملة.
قرية المغار مقامة على تلة عرفت قديما باسم جبل بعلة و في صدر الإسلام كانت من منازل قبيلة لخم العربية القحطانية ،و ذكرها صاحب معجم البلدان بأنها من أعمال الرملة و نسب إليها الفقيه و المحدث (( أبا الحسن محمد بن فرج المغاري.
وقال الجغرافي المسلم ياقوت الحموي (توفي سنة 1229) أن المغار كانت من قرى الرملة،وأن الفقيه أبو الحسن محمد المغاري ولد فيها في القرن الثامن للميلاد.
وتقع المغار علي بعد 12 كم إلي الجنوب الغربي من الرملة وهي علي الطريق العام الواصلة بين غزة والرملة ويمر في القرية طرق غير معبدة لكنها ممهدة وسالكة تربط بها قري عاقر وشحمة وبشيت وقطرة وبينة ثم زرنوقا
المساحة وعدد السكان
تبلغ مساحة المغار حسب رواية أهل القرية 18 ألف دونما منها حوالي ثلاثة ألاف ذهبت مصادرة من اجل إقامة مطار عسكري جرى تسميته فيما بعد مطار " أكرن " ويقع في أراضي عاقر أيضا ويسميه أهالي المنطقة مطار عاقر، لكن الموسوعة الفلسطينية والباحث إبراهيم الدباغ يقولان إن مساحة قرية المغار 15390 دونما .
يحد قرية المغار من الشمال قريتي زرنوقا وعاقر ومن الشمال الغربي قرية يبنه ويحدها من الجنوب قرية قطرة ومن الجنوب الشرقي قريتي شحمة و بشيت.
بلغ عدد سكان المغار عام 1596 ميلادية 121 نسمة وذلك حسب الأرشيف العثماني وفي عام 1922 ميلادية كان عددهم 966 نسمة وازداد عدد أهالي المغار عام 1931 ميلادية إلي 1211 نسمة مقسمين إلي 615 ذكرا و596 أنثي كانوا يقيمون في 255 بيتا وأصبح عددهم عام 1945 ميلادية نحو 1740 وفي عام الهجرة 1948 ميلادية كان عددهم حسب الرواية الشفوية قد بلغ قرابة 2000 نسمة وكانت المساحة المبني عليها سطح القرية 150 دونما
عائلات القرية
1-جبر 2- الطويل 3- الهور 4- حمد 5- عيد 6- السراج 7- حمدان 8- مزهر 9- الراعي 10- أبوعيسي 11- الجمال 12- أبو خليفة 13- أبو خاروف 14- الهندي 15- الدود 16- أبو خضرة 17- عويضة 18- أبو عبده 19- السلول 20- الخطيب 21 ؟ أبو محمد ( بكسر حرفي الميم والحاء )
وكان يشرف علي شؤونهم الداخلية مخاتير القرية وهم : المختار الأول سليم أحمد حمد وجرى تعيينه زمن الأتراك وبقي زمن الانتداب البريطاني والمختار الثاني عبد حسين الطويل بقي منذ تعيينه زمن الأتراك حتى وفاته عام 1940 ثم عين ابنه عارف عبد الطويل وكان في المغار مقعد ( ديوان ) واحد
الحياة الاقتصادية
اهتم أهل قرية المغار بالزراعة أولا ثم بالرعي واهتم كذلك المزارعون بزراعة الحبوب الشتوية مثل القمح والشعير واهتموا كذلك بالمزروعات الصيفية مثل الذرة والسمسم واشتهرت المغار بزراعة الزهرة (القنبوطة).
وكان سوق الرملة يعتمد في بيعه من الزهرة بصورة مستمرة علي المغار طوال السنة، وهم أيضا مزارعو المغار بزراعة الملفوف والبامية والبندورة وكثير من أنواع الخضروات، أما زراعة الأشجار المثمرة والتي تأتي في مقدمتها أشجار الحمضيات بكل أنواعها ومسمياتها فقد شغلت مساحة 1966 دونما من مساحة أراضي القرية الزراعية ويوجد في القرية بعض بساتين التين والعنب حيث قال عنها الرحالة نعمان القساطلي الدمشقي في كتابه (الروضة النعمانية في سياحة فلسطين وبعض المدن الشامية)
(أن قرية المغار مبنية علي مرتفع وبها نحو أربعين إلي خمسين بيتا وحولها بساتين التين والعنب ويكثر فيها الصبر).
وكان الرحالة المشقي وصل إلي المغار في الأول من أيار عام 1870 م ولا ننسي أن المغار في عام 1569 ميلادية كانت تدفع ضرائب علي القمح والشعير والسمسم والفواكه للدولة العثمانية.
بالنسبة لزراعة الزيتون كان الاهتمام به قليلا فلا يوجد في القرية أكثر من أربعين دونما من أراضي القرية مزروعة بأشجار الزيتون.
وتعتمد الزراعة الشتوية علي مياه الأمطار والزراعة الصيفية تعتمد علي مياه الآبار الارتوازية الكثيرة الموجودة في القرية.
أما الثروة الحيوانية فقد اعتني بها كبقية القوي المجاورة حيث بلغ عدد رؤوس الأبقار قبل الهجرة أكثر من 1500 رأس حسب الرواية الشفوية بالإضافة إلي الأغنام والتي كان عددها 2000 رأس ولا تنسي أن الجمال كانت لها أهمية خاصة بالنسبة للحراثة وبلغ تعدادها 300 جمل تقريبا وكذلك الخيل نفس العدد تقريبا والبغال والحمير حيث استعملوها كوسائط نقل وكان تقريبا في كل بيت عربة تجرها الخيل أو البغال والحمير واستعملت هذه الدواب أيضا للحراثة خاصة الأبقار والجمال وكذلك الطيور كان لها نصيب في القرية خاصة الدجاج ثم البط والوز والحبش والحمام وكان أهل القرية يسوقون تجارتهم وإنتاجهم في سوق الرملة واعتمد أهل القرية في شرب الماء الصالح علي (بير حبرة ) وبقي ذلك حتى عام 1936 ميلادية وكان هذا البئر ملكا للقرية.
وبعد ذلك جاءت الآبار الارتوازية، وكان في القرية واد يصبح في موسم الأمطار كأنه نهر جار
وكان في المغار حوالي عشرة دكاكين وملحمة وحلاق واحد ومقهى صغير وبابور طحين.
أملاك الأمة والأوقاف
يوجد في القرية مسجد قديم لا يعرف تاريخه وكان هذا المسجد هو المدرسة حتى عام 1930 حيث بنيت المدرسة وكان إمام القرية هو الخطيب والإمام الواعظ ويقوم علي مصلحة القرية في طريق الخير وكان إمام القرية قبل الهجرة الشيخ أبو حسن من دورا الخليل.
ويوجد في القرية مقامان ، الأول مقام أبو طوق والآخر مقام حبره بكسر الحاء
المدرسة
كان في المغار مدرسة ابتدائية بنيت عام 1930 ميلادية ضمت 190 طالبا ً يعلمهم 7 معلمين و كان بها مكتبة ضمت 300 كتابا تقريبا
وللمدرسةأرض مساحتها 22 دونم أقيم عليها بناية المدرسة الحديثة التي دفع تكلفتها أهالي القرية نحو (5000 جنيه فلسطيني).
وكان المدرس الذي يدير المدرسة هو السيد أبو شرخ من المجدل وكان موقع المدرسة في ظهر البلد وفي عام 1947 ميلادية شرع الأهالي في بناء مدرسة جديدة في سهل البلد وهي مكونة من ستة صفوف علي حساب أهل القرية وكان عدد طلابها قبل الهجرة حوالي 200 طالب وقد دمرت في أوائل شهر أيار إبان حرب عام 1948
تاريخ القرية
يوجد في القرية بعض الآثار القديمة منذ العهد الكنعاني وتحتوي علي أنقاض للآثار القديمة ويوجد في المغار بعض شقق الفخار القديم جدا وكذلك الآبار الكبيرة القديمة وبعض القبور الأثرية والمدافن المنقورة بالصخر يعود تاريخها إلي الكنعانيين ويكثر في القرية المغر الكبيرة القديمة.
وقعت في جوار قرية المغار من أعمال الرملة معركة بين الكنعانيين أصحاب البلاد بقيادة ملكهم (أدوني صادق) بمعنى ـ سيد العدل الذي قتله اليهود بقيادة بقيادة يوشع، في احدى معاركهم ضد الكنعانيين.
وقتل مع ادوني صادق الملك يافيع) ملك لخيش وملوك آخرون من حلفائه.
ويصف العهد القديم ( في الإصحاح العاشر من سفر يشوع: 26 ـ 27) هذه المعركة، بأن يوشع بعد أن أسر هؤلاء الملوك، وكانوا خمسة، أمر قواد جيشه ان يضعوا أرجلهم على أعناقهم إهانة لهم. (ثم ضربهم يوشع بعد ذلك وقتلهم وعَلقهم على خمسة خَشبٍ وبقوا معلقين على الخشب حتى المساء. و عند غروب الشمس أمر يوشع بأن يتم أنزالهم عن الخشب وطرحهم في المغارة التي اختبأوا فيها ووضعوا حجارة كبيرة على فم المغارة حتى إلى هذا اليوم عينه)
وورد في كتب التاريخ كذلك أن أول من سكن القرية هم آل لخم وهم من نسل مالك بن الحارث من كهلان وأخوهم جذام وهم من بني لخم وكانوا يدينون بالنصرانية قبل الإسلام وأصبحوا مسلمين في صدر الإسلام وقبيلة لخم كانت منزلا من منازل المسلمين في فلسطين لها شهرتها واحترامها بين القبائل.
وفي عام 1596 ميلادية كانت المغار عامرة بأهلها وعدد سكانها 121 شخصا وشهدت المغار معركة كبيرة في الحرب العالمية الأولي بين القوات العثمانية والجيش الانكليزي وقتل المئات من الطرفين وكانت الغلبة للجيش العثماني ثم انسحب الجيش العثماني وشارك أهل القرية بالثورة خاصة عام 1929 ميلادية واستشهدت ابنة عبد درويش جبر، وقام الأهالي بهجوم على مستعمرة "تعبيه " ووقعت خسائر فادحة للمستعمرة ، وكذلك شارك أهل القرية بإضراب 1936 ميلادية.
جهاد القرية
أهالي المغار لم يبخلوا علي أنفسهم في الحصول علي السلاح بأي شكل من الأشكال لمواجهة القوات اليهودية ومقارعتها ، وذلك بعرقلة سير القوافل على الشارع العام حتى تطورت إلي زرع الألغام، وقالت جريدة نيويورك تايمز الصادرة يوم 30 /3/1948 إن هجوما وقع يوم 29/3/1948 علي قافلة وتم تدمير إحدى السيارات ولم يبلغ عن إصابات في الصفوف العربية
وقالت الصحيفة الأمريكية نيويورك تايمز إن القوات اليهودية المتمركزة في المنطقة الجنوبية اقتحمت خطوط الدفاع في قرية المغار وسيطرت علي طريق إلي النقب.
وذكرت الرواية الشفوية انه في الأول من أيار زرع المجاهدون طريق النقب بالألغام مما أعاق سير احدي القوافل وقتل 12 راكبا من تلك القافلة مما حدا باليهود لتدمير المدرسة وبعض البيوت القريبة منها مما أدى إلي استنفار المجاهدين في القرية ومحاربة اليهود بين كر وفر علي الطريق العام.
ثم جاءت الأخبار بسقوط بعض القرى منها عاقر في أيدي اليهود والتنكيل بأهلها مما حدا بأهالي القرية إلي إخلاء النساء وكبار السن وبقي الشباب والمجاهدون، وعندما وصل اليهود إلي المغار قام المجاهدون بإغراق طرق القرية بالمياه مما عرقل تقدم القوات اليهودية وانسحابها نتيجة غوص سياراتها.
ثم عادوا للهجوم بقوات كبيرة ولم يبق أحد في المغار، فدمر المهاجمون بعض المنازل وحصدوا بعض المزروعات بالماكينات، وفي تلك الأثناء قامت معركة جوية بين الطيران المصري والإسرائيلي، وسقطت خلالها طائرة إسرائيلية بالقرب من تل أبو طوق وقتل الطيار
وهرب المهاجمون ورجع أهل القرية إلي المغار، وقاموا بحصاد زرعهم ، ثم رجع اليهود واحتلوا القرية يوم 15 أيار 1948 ميلادية، ورحل 90% من أهل المغار إلي قطاع غزة و10 % إلي الضفة الغربية.
وفي رواية اخرى عن ما حدث من عدوان فقد هوجمت المغار في 10 شباط/فبراير 1948، وفق ما جاء في بلاغ صدر عن قوات المجاهدين العرب الموجودة في منطقة يافا، بقيادة حسن سلامة. ولم يذكر البلاغ، الذي نشر في صحيفة ((فلسطين))، شيئاً غير أن قافلة يهودية اقتربت من القرية وأطلقت النار على سكانها من جانبي الطريق، من دون أي ذكر لعدد الإصابات. ونقلت صحيفة ((نيويورك تايمز)) نبأ هجوم آخر في 29 آذار/مارس 1948، لم يُكتشف إلا بعد أن اكتُشف حطام عربة مصفحة انفجرت خلال الهجوم على القرية. وقد انتُشلت من الحطام جثث ستة جنود يهود، ولم يُؤت إلى ذكر أية إصابات عربية.
واجتاح لواء غفعاتي التابع للهاغاناه القرية في 15 أيار/مايو، عند بداية عملية براك. وذكرت ((نيويورك تايمز)) أن القوات اليهودية المتجهة جنوباً استولت على ((القلعة العربية)) في هذه القرية المتحكمة في الطريق إلى النقب. وبحلول الشهر اللاحق، كان الصندوق القومي اليهودي قد بدأ يسوّي القرية بالأرض.
ويروي المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس أن يوسف فايتس، من كبار المسؤولين في الصندوق القومي اليهودي، أرسل في 10 حزيران/يونيو اثنين من موظفيه للتجول في السهل الساحلي، من أجل تحديد القرى التي يجب تدميرها وتلك التي يجب أن يوطّن اليهود فيها.
وقد أبلغ أحد هذين الموظفين فايتس بأنه أتم الترتيبات للشروع في تدمير قرية المغار في اليوم التالي تحديداً. وفي 14 حزيران/يونيو، تلقى فايتس تقريراً عن سير عملية التدمير، وتوجه في اليوم التالي ليرى ما بقي من المغار، وكتب فايتس لاحقاً: (( أن ثلاث جرافات انهت عملية التدمير. وقد دُهشت من أنه لم يتحرك شيء في داخلي أمام المشهد... لا الأسف ولا الحقد، لأن هذه حال الدنيا... لم يكن سكان منازل الطوب هذه يريدون وجودنا هنا )).
القرية اليوم
لا تزال بضعة منازل قائمة: أربعة منها تقيم فيها أُسر يهودية، والباقي مهجور. ولا يزال بعض حيطان المنازل المهدّمة قائماً. وينبت الصبّار في الموقع
في يوم الاحد الموافق 23 -7-2006 تفقد وفد من جمعية الأقصى داخل ارضنا المحتله اوقاف الرملة واطلع على الدمار الذي حل بقرية المغار :
وجاء في تقرير اصدرته الجمعية ما يلي:
(تقع قرية المغار الى الجنوب الغربي من الرملة وتبعد عنها 12 كم وتحديداً على يمين طريق الرملة بئر السبع، وقد سميت القرية بهذا الاسم نظراً لكثرة انتشار المغائر في القرية، وقد بلغت مساحة أراضيها حوالي 12700 دونم ، وعدد سكانها عام 1945 حوالي 1470 .
بعد احتلال القرية في 15 ايار عام 1948 شرعت ثلاث جرا فات بتسوية القرية بالأرض ولم ينج من القرية الا المقبرة التي تقع في أقصى جنوب القرية وتمتد على مساحة واسعة. ومع مرور الوقت بدأت تنهار القبور ولم يبق منها الا قبراً واحداً يعرف بقبر الشيخ يونس يأتي بعض المهجرين احيانأً لزيارته.
ومن الملفت للنظر وجود احد المغارات التي نحت فيها محراباً وكانت تستعمل كمصلى لسكان المغار غير انه كان للقرية مسجد آخر مسح هو الآخر بعد احتلال القرية، ويعرف موقع القرية اليوم بحرش جيل أو ( حورشت جيل ) ويكثر فيه شجر الصبار).
في الختام
نقسم بالله العظيم أن لا نكل ولا نلين وان نواصل العمل من اجل أن نعود إلى بلادنا وقريتنا مهما بذلنا من تضحيات وواجهنا صعاب وأوصيكم بمواصلة تذكير أبناءكم بالقرية حتى نعود لها أن شاء الله.
نقلا واقتباسا من الموقع الاكتروني فلسطين في الذاكرة بواسطة حليمة جبريل الهور